وقال النور المقيم حاليا في جنوب السودان في مقابلة مع وكالة فرانس برس "الشعب السوداني لا يريد أيا منهما (عبد الفتاح البرهان ومحمد حمدان دقلو).. بل يريد حكومة مدنية". وتسود حال من الفوضى العاصمة السودانية منذ أن اندلعت المعارك في 15 نيسان/أبريل بين الجيش بقيادة البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه دقلو الملقب "حميدتي". وأسفرت المعارك في الخرطوم ومناطق أخرى أبرزها دارفور في الغرب، عن مقتل 550 شخصا على الأقل وإصابة 4926 آخرين بجروح، وفق بيانات رسمية لوزارة الصحة. ويُعتقد أن هذه الأرقام أقلّ بكثير من الواقع. ووصف نور البالغ من العمر 55 عاما وعاش لسنوات في الماضي في باريس، ما يجري في السودان الآن بالـ"كارثة". وحوّلت المعارك الخرطوم إلى ميدان حرب. وقال نور إن دارفور "أكثر مكان تُمارَس فيه الإبادة الجماعية المستمرة والتطهير العرقي وجرائم ضد الانسانية". كان نور زعيما لحركة تحرير السودان المتمردة في دارفور منذ عام 2003 عندما بدأ النزاع بين أقليات إفريقية وقبائل عربية مدعومة من نظام عمر البشير اتُهمت باحتكار السلطة السياسية والثروة. ولجأ الرئيس السابق عمر البشير آنذاك إلى تشكيل ميليشيا "الجنجويد" بقيادة دقلو لمساندة الجيش، وقد تطوّرت لاحقًا لتصبح قوات الدعم السريع التي أنشئت رسميا عام 2013. أسفرت المعارك في دارفور عن مقتل 300 ألف شخص ونزوح 2,5 مليون آخرين، بحسب الأمم المتحدة. ووجّهت المحكمة الجنائية الدولية اتهامات الى البشير وعدد من مساعديه، بارتكاب إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في دارفور. وعلى الرغم من تراجع حدّة النزاع في دارفور خلال الأعوام الأخيرة، إلا أن الأسلحة منتشرة في الإقليم، وكذلك العنف القبلي بسبب الصراع حول الأراضي والموارد. "يد باطشة" في عام 2019، أطاح الجيش السوداني بالبشير من الحكم بعد احتجاجات شعبية عارمة خرجت ضد غلاء الخبز والمعيشة. وتولّى البرهان ومعه دقلو إدارة البلاد، في مرحلة أولى بمشاركة مدنيين قادوا حركة الاحتجاجات الشعبية ضد البشير، قبل أن يطيح القائدان العسكريان بهم من الحكم في تشرين الأول/أكتوبر 2021. وانفجر الصراع على السلطة أخيرا بين دقلو والبرهان اللذين يقودان قوتين مسلحتين بأسلحة ثقيلة، في الشارع. وقال نور "هذه الأجسام التي تتصارع كلها كانت في يد البشير الباطشة ليحمي بها السلطة". وأضاف "أشرف الجيش، والبرهان شخصيا، على تشكيل الجنجويد"، موضحا أن حركته كانت تعارض القوتين وتكافح "القمع". وتابع أن النزاع الحالي في السودان "هو صراع سياسي من الدرجة الأولي، لكنهم قاموا بعسكرته". ودفعت الاشتباكات أكثر من 100 ألف سوداني للجوء إلى دول مجاورة، في تطوّر دفع إلى التحذير من "كارثة" إنسانية قد تطال تداعياتها المنطقة بأسرها. وأسفر القتال الحالي عن مقتل أكثر من 550 شخصا وإصابة الآلاف. وأفادت الأمم المتحدة أن الأعمال القتالية في ولاية غرب دارفور "أثارت أعمال عنف قبلية" سقط فيها العديد من القتلى بينما انتشرت أعمال النهب وحرق الممتلكات. طموح للحكم في عام 2020، رفض نور مع جناحه العسكري التوقيع على اتفاق سلام تاريخي أبرمته الحكومة الانتقالية آنذاك، مع بعض حركات التمرد المسلحة في جوبا. لكنه أثار عنفا في ولايات شرق السودان والنيل الأزرق بالجنوب حيث لم يكن مرضيا لجميع القبائل. وفي هذا الصدد، قال نور إن حركته تعهّدت "بوقف إطلاق نار أحادي الجانب منذ الإطاحة بالبشير والتزمت به" لمنح فرصة الوصول إلى حكم المدني. وينتمي نور إلى قبيلة الفور العرقية، ويعتقد محللون أنه لا يزال يحظى بشعبية كبيرة في الإقليم. وجاء في تقرير صدر العام الماضي عن خبراء في الأمم المتحدة، أن الجناح العسكري التابع لنور من المجموعات المسلحة في دارفور التي "تتلقى أموالا ودعما لوجستيا" مقابل إرسال مرتزقة للقتال في ليبيا التي مزقتها الحرب. وقال خبراء أمميون في عام 2020، إن حركة نور عزّزت قدراتها العسكرية بعد اكتشاف الذهب في منطقتها. إلا أن نور ينفي كل ذلك. وقال نور إن الصراع الحالي يعكس طموحات الجنرالين في السيطرة على حكم السودان، لكنه "يزيد من معاناة" الناس خصوصا في دارفور. وأضاف "لا أعتقد أن الناس سيقبلون يوما بالحكم العسكري".
مشاركة :