تداولت مواقع التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة فيديو صادما لمجموعة من الأطفال القصّر يردّدون أغنية "وقتك أعرف كيفاش تستغلّو" (اعرف كيف تستغل وقتك)، حيث يجسّدون مشاهد راقصة رافعين أسلحة بيضاء متنوعة ومختلفة الأحجام. وقد أثار هذا الفيديو ضجة وردود أفعال متباينة. واعتبر رئيس الجمعية التونسية للدفاع عن حقوق الطفل معز الشريف أن "سهولة استدراج الأطفال للمشاركة في إنتاجات فنية منحطّة تنشر على مواقع التواصل الاجتماعي تترجم تعطشهم لممارسة الإبداع والفن". ورأى الشريف أن عدم تمتع الأطفال بحقهم في المشاركة في الأنشطة الفنية والإبداعية يدفعهم إلى الانخراط في العروض النادرة التي تقدم لهم في هذا الصدد مهما كانت “بشاعتها” دون انتقاء أو تمحيص في مضامينها. وانتقد عدم حرص الدولة على توفير الفضاءات والآليات والأنشطة الثقافية والإبداعية اللازمة والكافية والمتنوعة التي من شأنها أن تسمح للأطفال بالتعبير عما يختلج في صدورهم، وبتفريغ الشحنات السلبية التي يعانون منها وإثبات وجودهم والترفيه عن أنفسهم وصقل مواهبهم وتنمية قدراتهم. وشدد على ضرورة أن يقع تتبع ومعاقبة جميع الأطراف التي تتورط في استغلال أصوات الأطفال وصورهم وأجسادهم وبراءتهم وقلة حيلتهم ومحدودية تفكيرهم في مثل هذه الإنتاجات التي تروج للانحطاط والعنف والجريمة، داعيا إلى عدم التهاون والتسامح مع هذه الممارسات وردعها ردعا قانونيا صارما حتى لا تتكرر. وأكدت وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن أنه سيتمّ فور استيفاء الإجراءات الجارية بالتنسيق مع المصالح الأمنية والسلطة القضائيّة، التعهد بوضعيات الأطفال المشاركين في تجسيد الفيديو المذكور واتخاذ الإجراءات الجزائية اللازمة ضدّ كل من تثبت إدانته في استغلال وضعيات الأطفال أو التقصير البيّن في حماية مصلحتهم الفضلى طبقا لأحكام مجلة حماية الطفل. وأهابت الوزارة بالأولياء بالاضطلاع بدورهم كاملا في مرافقة ومراقبة ورعاية أبنائهم والسهر على متابعة وضعياتهم ووقايتهم من السلوكيات المحفوفة بالمخاطر، مذكّرة بواجب الامتناع عن نشر الفيديوهات والصور التي يكون موضوعها الأطفال القصّر واحترام الأحكام القانونيّة المنظمّة للتعاطي مع صورة الطفل وحماية حقوقه. وشدد المدير العام للطفولة بوزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن سمير بن مريم على أن الوزارة ضبطت العديد من البرامج الموجهة للأطفال التي من شأنها توعيتهم وتحصينهم من التورط في السلوكيات المحفوفة بالمخاطر وتوجيه طاقاتهم إلى الثقافة والإبداع والرياضة والعلم. ولفت إلى أن جميع مؤسسات الطفولة المنضوية تحت الوزارة والموزعة على كامل تراب الجمهورية تعمل على تنفيذ جملة من البرامج المتنوعة ثقافيا وترفيهيا ورياضيا موجهة إلى جميع الشرائح العمرية للأطفال. وأفاد بأن الوزارة انطلقت في ضبط إستراتيجية وطنية للتصدي للعنف الرقمي، لتقديرها أن هذا الفضاء يعد مجالا واسعا لاستغلال الأطفال، ووضعت في هذا الصدد سلسلة من الآليات والبرامج الموجهة من أجل تعزيز قدرات العائلات في مجال التصدي والحد من العنف في الفضاء الرقمي، إضافة إلى القيام بمسح وطني على مستوى تمثّلات العنف عموما لدى الأسر. وبين أن الوزارة تسعى من خلال المركز الوطني للإعلامية الموجه للطفل وفروعه الـ24 الموزعة على كافة ولايات الجمهورية للاشتغال على الجوانب التوعوية التحسيسية والتدريبية للأطفال في ما يتعلق بالتعامل مع المعلومات الإلكترونية. وتعمل هذه المراكز على إكساب الأطفال القدرة على التفرقة بين المضامين الإلكترونية النافعة والضارة والتمكن من حماية معطياتهم وبياناتهم الشخصية لعدم استغلالها من بعض الأطراف للتأثير عليهم أو استقطابهم، كما تحثهم في الوقت ذاته على التمكن من تقنيات التكنولوجيا الرقمية وإنتاج مضامين راقية.