أكد رئيس حزب الجمهوريين الفرنسيين أريك سيوتي، خلال استقباله الخميس من طرف رئيس الحكومة المغربية ورئيس حزب التجمع الوطني للأحرار عزيز أخنوش، أنه حان الوقت لتصحيح الأخطاء مع المغرب. وكان رئيس حزب الجمهوريين بدأ الأربعاء زيارة رسمية للعاصمة المغربية الرباط، في خطوة تعكس عدم رضاء الحزب الوازن في المشهد السياسي الفرنسي عن مآلات العلاقة بين الرباط وباريس، وعن التمشي الحالي للإليزيه. وقال سيوتي عقب اجتماعه مع أخنوش إن الأزمة الأخيرة ليست في صالح المغرب وفرنسا معا، مشيرا إلى أن هناك ملفات غاية في الأهمية تجمع البلدين، كما أن للمغرب دورا قويا في القارة الأفريقية والمنطقة المغاربية وشدد على الدور الذي تلعبه المملكة في القضايا المرتبطة بالهجرة وتدفق مهاجري جنوب الصحراء. وأوضح "نحن بحاجة إلى المغرب، وأوروبا بحاجة إلى المغرب"، موضحا أن "أوروبا لا ينبغي لها أن توجه رسائل غير ودية للمملكة، فنحن بحاجة إلى هذه الرابطة القوية للغاية بين المغرب والاتحاد الأوروبي وفرنسا". ودعا رئيس حزب الجمهوريين إلى "وجوب تصحيح الأخطاء المرتكبة وكذلك غياب التقدير تجاه المغرب". وأكد أخنوش خلال اللقاء الذي جرى في مقر التجمع الوطني للأحرار، على الشراكة القوية التي تجمع البلدين على المستويين الثقافي والاقتصادي. وأشار إلى رفض حزبه التجمع الوطني للأحرار عددا من الرسائل التي يجري تمريرها في البرلمان الأوروبي، مشددا على أن المغرب شريك إستراتيجي لعدد من دول أوروبا. ولفت أخنوش إلى أن اللقاء مع رئيس حزب الجمهوريين يأتي في إطار تعزيز العلاقات بين الحزبين، ومناقشة آفاق التعاون المستقبلي معه. ويرى مراقبون أن زيارة قيادة حزب الجمهوريين إلى الرباط لن تؤثر بشكل مباشر على مسار العلاقة بين باريس والرباط، لكنها بالتأكيد ترسل برسالة قوية للإليزيه عن وجود تحفظات فرنسية لمسلك الأخير. وتمر العلاقات الفرنسية - المغربية بأزمة صامتة منذ أشهر تتمظهر في تجميد زيارات مسؤولي البلدين، وغياب أي اتصال بين قادتهما، فضلا عن وجود فراغ دبلوماسي منذ أكتوبر. وكان حزب الجمهوريين استبق الزيارة التي تمتد لثلاثة أيام، ببيان قال فيه إن الزيارة تدخل في إطار العلاقات السياسية و”أواصر الصداقة التي تجمع الحزب بالمملكة، وتاريخ العلاقة بين العائلة الديغولية والمغرب، التي جعلت الجنرال ديغول أقرب إلى الملك محمد الخامس". وأضاف الحزب الفرنسي في بيانه أن "هذه الصداقة علاقة أخوة ومسؤولية تجمع الفرنسيين والمغاربة، ليس فقط حول ماض مشترك، ولكن أيضا حول ذات الاهتمام لضمان الاستقرار والازدهار حول البحر المتوسط". وبدأ الفتور يتسرب للعلاقات بين المغرب وفرنسا منذ نحو عامين على خلفية قرار باريس خفض عدد التأشيرات الممنوحة للمغاربة، فضلا عن موقفها “الرمادي” من ملف الصحراء المغربية، والذي يؤكد العاهل المغربي الملك محمد السادس أنه النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم. وقد جرت محاولة فرنسية لكسر هذا الفتور في ديسمبر الماضي حينما قامت وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا بزيارة للرباط، أعلنت خلالها عن رفع القيود عن التأشيرات، لكن رغم ذلك لم يطرأ تحسن على العلاقات الثنائية. ويرى مراقبون أن من الدوافع الأخرى التي أدت إلى بلوغ العلاقة بين الطرفين هذه المرحلة الحرجة، هو محاولات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التقرب إلى الجزائر على حساب علاقة بلاده مع المغرب، وقيام بعض اللوبيات المحسوبة على الإليزيه بالضغط من أجل تمرير توصية في البرلمان الأوروبي تنتقد المغرب، وهو ما استفز على نحو بعيد الرباط. وكان من المفروض أن يقوم الرئيس الفرنسي بزيارة في مارس الماضي إلى الرباط لكنها لم تتم، كما كشف موقع “أفريكا أنتيليجينس” عن تأجيل زيارة لوفد من مجلس الشيوخ الفرنسي، كانت مرتقبة نهاية أبريل الماضي، إلى الرباط، إلى أجل غير مسمى. وبحسب الموقع المتخصص في الشؤون الفرنسية والأفريقية، فإن وفدا برلمانيا مؤلفا من رئيس مجلس الشيوخ جيرار لارش، ورئيس اللجنة البرلمانية المغربية – الفرنسية كريستيان كامبون، وعضو مجلس الشيوخ إيرفي مارساي، كان من المفترض أن يزور العاصمة المغربية نهاية الشهر الماضي، لكن وزارة الخارجية المغربية قررت خلاف ذلك، ما يعتبر إشارة واضحة إلى التوتر القائم، بحسب الموقع. وكان رئيس حزب الجمهوريين الفرنسيين وجه في وقت سابق انتقادات لماكرون بشأن ما اعتبره "انحراف السياسة الخارجية ضد المغرب لمصلحة الجزائر"، مشددا على "ضرورة إعادة علاقة الثقة مع المملكة"، وهو ما جددت التأكيد عليه قيادة الحزب خلال زيارتها المستمرة للرباط.
مشاركة :