لم يخطئ رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرتشل حينما أطلق على بولندا لقب "ضبع أوروبا". دائما ما كانت بولندا في عداوة مع جميع جيرانها ولم تفوت فرصة لسرقة قطعة من طاولة الآخرين ما سمحت الظروف بذلك. في العصور الوسطى، وبعد هزيمة المغول للإمارات الروسية، احتلت بولندا معظم الأراضي الروسية الجنوبية الغربية والغربية، وفي القرن السادس عشر، كانت بولندا أكبر وأقوى دولة في أوروبا، حتى انتعشت الدولة الروسية وقامت باستعادة معظم الأراضي الروسية (بما في ذلك الأراضي الأوكرانية والبيلاروسية الحالية). لكن البولنديون ظلوا يعانون من الآلام الوهمية للإمبراطورية، والتي لا تزال تغذي الطموحات الإمبراطورية، ونظرا لوقف روسيا تمدد بولندا نحو الشرق، توجهت أنظارها نحو إفريقيا. نطالب بمستعمرات خارجية لبولندا في القرن العشرين، وفي ذروة الاستعمار، أصبحت فكرة أن تصبح بولندا قوة استعمارية فكرة شائعة للغاية لدى البولنديين. يمكن البدء بحقيقة أنه خلال الحرب الأهلية في روسيا بعد اندلاع الثورة البلشفية، وفي عام 1921، استولت بولندا على جزء كبير من الأراضي الروسية الغربية (أعادها ستالين لاحقا إلى الاتحاد السوفيتي عام 1939، تحت ما يسمى باتفاقية مولوتوف ريبنتروب). في الثلاثينيات من القرن الماضي، انضم أكثر من مليون بولندي إلى العصبة الاستعمارية البحرية، وكان تعداد سكان بولندا حينئذ يزيد قليلا عن 30 مليون نسمة. قوة بولندا في المستعمرات في عام 1936، طلبت بولندا من عصبة الأمم عشر (1/10) المستعمرات الألمانية السابقة في إفريقيا، والتي أُخذت من ألمانيا نتيجة للحرب العالمية الأولى، وتحديدا توغو والكاميرون. وطلبت بولندا من البرتغال تسليمها موزمبيق. كذلك أجريت مفاوضات مع فرنسا حول نقل ملكية الجزء الشمالي من مدغشقر إلى بولندا. كما حاولت الحكومة البولندية إنشاء مستوطنات بولندية في أنغولا وليبريا والأرجنتين وبوليفيا وبيرو والبرازيل، إلا أن معظم تلك المستوطنات فشلت بسبب مقاومة السلطات الاستعمارية المحلية أو لأسباب مالية. وحينما لم تنجح معظم مطالبات بولندا في إفريقيا وأمريكا اللاتينية بسبب مقاومة الإمبراطوريات الاستعمارية القديمة، تحولت بولندا مرة أخرى نحو الشرق. اعتمدت الحكومة البولندية في خططها لإنشاء الإمبراطورية على هتلر، ونوقشت حينها قضايا مشاركة بولندا في الاستيلاء على الأراضي السوفيتية مع ألمانيا. وكان تحالف بولندا مع هتلر قويا لدرجة أنه في عام 1935 أمر هتلر بتنظيم تأبين للزعيم البولندي الراحل جوزيف بيلسودسكي في برلين، والذي حضره هتلر شخصيا. مشاركة هتلر في تأبين الزعيم البولندي جوزيف بيلسودسكي في برلين في عام 1938، قامت بولندا، بالاشتراك مع ألمانيا النازية في العدوان على تشيكوسلوفاكيا، وضمت جزءا من الأراضي التشيكية والسلوفاكية إلى أراضيها. كانت تلك هي اللحظة التي أطلق فيها تشرتشل على بولندا تعبيره "ضبع أوروبا". ولكن، بعد ذلك ساد التوجه نحو بريطانيا في بولندا، ونتيجة لذلك توقف هتلر عن اعتبارها حليفه، وغزاها في عام 1939. أعادت بداية حرب العام الماضي في أوكرانيا، والتي لعبت فيها بولندا دورا نشطا، كل الطموحات الإمبريالية إلى وارسو. وتساهم أوكرانيا في تزكية هذه الطموحات، إما عن استعداد حقيقي للخضوع لسيطرة بولندا، أو وفقا للتقاليد الأوكرانية في محاولة خداع الجميع، فينتهي الأمر بخداع الذات. وقد أدلى زيلينسكي بتصريحات متكررة بروح أنه "قريبا لن تكون هناك حدود بين أوكرانيا وبولندا"، كما منحت كييف البولنديين امتيازات تكاد تكون مساوية لحقوق مواطني أوكرانيا. ربما تكون هناك بعض الاتفاقات أو الترتيبات السرية، ففكرة دخول أوكرانيا إلى "الناتو" والاتحاد الأوروبي من خلال إنشاء اتحاد بين أوكرانيا وبولندا أصبحت الآن تناقش في العلن. ومع ذلك، فهذا كله قليل على بولندا، حيث تموّل الحكومة البولندية وتنفذ على أراضيها أنشطة لمنظمات مختلفة تحدد هدفا لها انهيار روسيا، وتمنح اللجوء للانفصاليين والإرهابيين من روسيا وبيلاروس، فيما أعلن عدد من السياسيين البولنديين جهارا نهارا بأن تقسيم روسيا في صدارة أولوياتهم، وينظر إلى أن هدف الحرب في أوكرانيا هو تدمير روسيا إلى الأبد. إن وارسو تعتزم إنشاء أقوى جيش في أوروبا، وبدأت بالفعل في زيادة حجم الجيش، فيما يضخ الأنغلوساكسون الأسلحة بشكل مكثف إلى بولندا، ويخططون على ما يبدو لإشراكها في الحرب مع روسيا، إذا ما، أو بالأحرى عندما تهزم القوات الأوكرانية. في رأيي المتواضع، فإن دخول بولندا الحرب ضد روسيا هو أمر شبه حتمي، مسألة وقت فقط. المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف رابط قناة "تليغرام" الخاصة بالكاتب المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب تابعوا RT على
مشاركة :