عميقة هي العلاقة بين الشِعر والفنون التشكيلية، وكثيرة هي اللوحات الفنية التي تجسد بخطوطها وألوانها قصائد شعرية سكنت قلوب من قرأها من الفنانين التشكيليين، وكذلك القصائد التي استلهمها الشعراء من عوالم أعمال تشكيلية جذبتهم ألوانها، وسحرتهم خطوطها. ومع تنامي ظاهرة التأثير والتأثر بين قصائد الشِعر، والفنون التشكيلية، تتزايد المعارض التشكيلية التي استلهمت أعمالها الفنية من دواوين الشعر وقصائد الشعراء في العديد من المدن والعواصم العربية، بل وصار البعض يمزجون بين القصائد الشعرية واللوحات الفنية، ويرسمون لوحاتهم بالكلمات والأبيات الشعرية. ويرى شعراء وفنانون تشكيليون أن العلاقة التي تجمع بين القصيدة الشعرية واللوحة التشكيلية علاقة قوية والمسافة قريبة جداً بينهما، وأن اللوحات الفنية –بحسب وصفهم– هي قصيدة مكوناتها الخطوط والألوان. مخيلة الشاعر في فضاء لوحة وللفنان التشكيلي السعودي المعروف، فهد بن ناصر الربيق، تجربة خاصة مع الشعر والأدب والرسم بالريشة والألوان.. يحكي لنا «الربيق» عن تلك التجربة بقوله: إنه ارتبط بعلاقات وثيقة مع الشعراء والأدباء المحليين، حتى صار يكتب القصة والقصيدة، ومن ذلك العلاقة القوية التي ربطت بينه وبين الشاعر الكبير المرحوم محمد الثبيتي، فصار هناك احتكاك كبير بقصائده، وأن تلك القصائد أوجدت له حيزاً مكنه من رسم مخيلة الشاعر في فضاء اللوحة، واختزال القصيدة في حيز يربط ما بين الرمز وواقع الغناء الموسيقي في اللوحة.. وأن مخيلته صارت تتعايش مع رسم الصورة في القصة والقصيدة واللوحة.. ووجد متنفساً جميلاً في تحويل بعض القصائد إلى لوحات تشكيلية. فنانون شعراء أما الشاعرة والفنانة التشكيلية، زهور المنديل، فقد اختارت أن ترسم قصائدها بالألوان، وبجانب لوحاتها التشكيلية، ومعارضها الفنية، فقد قدمت للمشهد الشعري ثمانية دواوين شعرية، ترجم بعضها للفرنسية. واللافت في المسيرة الشعرية والفنية لـ «المنديل» أنها نجحت في المزج الكامل بين كتابة القصائد الشعرية، ورسم اللوحات الفنية، وفي آخر معارضها «امرأة الفصول» الذي أقيم في مدينة جدة، قدمت 30 لوحة، جمعت فيها بين الفنون التشكيلية والشعر. وقالت زهور المنديل: إنها تجد في اللون مساحات أوسع، وهو بالنسبة لها الأسرع في التعبير عن مكنونات ذاتها، ويمنحها قدرة أكبر في التعبير عن الفكرة التي تسعى لإيصال للمتلقي. عوالم متشابهه من جانبها جمعت الفنانة التشكيلية والشاعرة السعودية، فوزية القثمي، بين الفنون التشكيلية والشعر، حيث جاء ديوانها الأول «خواطر مخملية» مكملا لتجربتها الفنية من حيث المفردات والموضوعات والمحتوى. تقول القثمي: إن المسافة قريبة بين الشعر والفنون التشكيلية، وإنها حين ترسم لوحة، أو تكتب قصيدة، تعيش ذات العوالم وتحس بذات الشعور في كلا التجربتين. فلك واحد وفي السياق ذاته، وفي إطار العلاقة بين الشعر والفنون التشكيلية أقامت الفنانة التشكيلية أحلام المشهدي، معرضا بالعاصمة الرياض، حمل عنوان «عشق»، وجاءت لوحاته الـ 36 لتمزج بين عوالم ومفردات الشعر، والمفردات التشكيلية، ودارت اللوحات جميعها في فلك العشق والعشاق، كما هي قصائد الكثير من الشعراء. وتقول المشهدي: إن لوحات المعرض جاءت بمثابة دعوة للعشاق للإبحار في عوالم العشق واكتشاف مزيد من مفرداته، رغبة في تحريك القلوب الساكنة، حتى لأولئك الذين يعون ويدركون نعيم العشق وجحيمه، وإن اللوحات –كما هي قصائد الشعر– تتناول قضايا عاطفية واجتماعية وحكايات أدمت قلوب العاشقين. الفنانة أحلام المشهدي ديوان للفنانة زهور المنديل من أعمال أحلام المشهدي ديوان الفنانة فوزية القثمي من أعمال فهد الربيق من أعمال فوزية القثمي
مشاركة :