أعلنت الكويت والامارات، اليوم السبت، توقيعهما مذكرة تفاهم للانضمام إلى منظمة شنغهاي التي تقودها الصين، بصفة "شريك حوار، وهو ما يمهد لها الطريق للعضوية الكاملة مستقبلاً، لتلتحق بذلك بالسعودية مصر وقطر، وسط تنامي العلاقات الخليجية الصينية الروسية في الفترة الماضية. ووفق وكالة الأنباء الكويتية، "وقعت الكويت مذكرة تفاهم للانضمام إلى منظمة شنغهاي للتعاون بصفتها شريك حوار". وأوضحت أن "التوقيع تم على هامش اجتماع مجلس وزراء خارجية منظمة شنغهاي للتعاون الذي عقد خلال الفترة من 4-5 مايو الجاري في مدينة (باناجي) بولاية (غوا) غربي الهند". وقال سفير الكويت لدى الهند جاسم الناجم بعد توقيعه المذكرة، إن انضمام بلاده إلى "المنظمة بصفتها شريك حوار يعتبر خطوة أولى للانضمام إليها كعضو كامل خلال الفترة القادمة". وأكد أن "انضمام بعض دول مجلس التعاون الخليجي كشركاء حوار إلى منظمة شنغهاي للتعاون يؤكد الأهمية المتزايدة لمنظمة شنغهاي للتعاون الأمر الذي سيؤدي إلى قيامها بدور أكبر في تطوير التعاون بين الدول الآسيوية". وذكر أن أهداف الكويت في تعزيز الأمن الداخلي والخارجي تتوافق مع أهداف منظمة شنغهاي للتعاون، مشيرا إلى أنها تسعى للاستفادة من خبرة أعضاء المنظمة لمعالجة هذه القضايا وأنها حريصة على المشاركة في استراتيجيات مكافحة الإرهاب. وأضاف أن الكويت تؤكد على دور المؤسسات والأفراد في جميع أنحاء العالم في تعزيز الأمن الغذائي ووقف انتشار الجوع في مجتمعات الدول. وأوضح أنه كجزء من مساهمة الكويت في التخفيف من اضطراب سلاسل التوريد العالمية وانعدام أمن الغذاء والطاقة الذي يواجه البشرية بسبب جائحة كوفيد 19 والنزاعات الإقليمية فإن الدولة عملت ولا تزال تعمل مع مجموعة من الشركاء في المنطقة لبناء سلاسل التوريد المرنة ومعالجة أزمة الغذاء والطاقة. وأعرب الناجم عن شكره لأمين عام منظمة شنغهاي للتعاون في كلمة ألقاها بعد التوقيع على منح دولة الكويت صفة شريك حوار في المنظمة خلال الاجتماع الذي عقد خلال الفترة من 4-5 مايو الجاري فيما أعرب كذلك عن تطلع دولة الكويت للعمل معها لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة. ووفق وكالة الأنباء الكويتية، "وقعت كل من الإمارات والمالديف وميانمار مذكرة تفاهم للانضمام للمنظمة كشريك حوار"، دون إعلان إماراتي بعد. في ظل تقلص الاهتمام الأميركي بمنطقة الشرق الأوسط والتحول إلى ملفات داخلية والصراع المحتدم بين روسيا وأوكرانيا منذ أكثر من عام وتداعياته الدولية المختلفة، أصبحت دول الخليج العربي تتوجه تدريجاً نحو المعسكر الشرقي للحفاظ على مصالحها السياسية والاقتصادية وتعزيز دورها دوليا. من جانبها، قالت وكالة الأنباء الإماراتية "مُنحت دولة الإمارات رسمياً صفة شريك حوار في منظمة شنغهاي للتعاون". وبحسب الوكالة مثّل الإمارات في مراسم التوقيع سفيرها لدى الهند عبدالناصر الشعالي. وقالت الوكالة إن ذلك "يجسّد جهود الإمارات المتواصلة في الحفاظ على شراكات متوازنة ومتنوعة وتطويرها مع الدول والمنظمات متعددة الأطراف في جميع أنحاء العالم". وفي ضوء ذلك، شدد وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، على "الدور الكبير الذي لعبته منظمة شنغهاي على مدى العقود الأخيرة في دعم الاستقرار السياسي، والازدهار الاقتصادي في جميع أنحاء أوراسيا وخارجها"، وفق المصدر نفسه. وأكد أن الإمارات "ستسعى في الفترة المقبلة إلى اتخاذ خطوات فاعلة في مشاركتها مع منظمة شنغهاي للتعاون والدول الأعضاء فيها". وكان من أبرز معالم هذا التوجه الخليجي التوسع الكبير في الشراكة مع الصين وروسيا، والانضمام لمنظمات تحاول تقليص هيمنة الغرب عالميا والقضاء على القطب الواحد، ومن أبرزها "شنغهاي" و"بريكس". وفي 29 مارس الماضي، أعلنت السعودية، موافقة مجلس وزرائها على قرار الانضمام إلى منظمة شنغهاي للتعاون بصفة "شريك حوار، تمهيدا للعضوية الكاملة، بعد أقل من 6 أشهر من إعلان الدوحة في سبتمبر 2022 اتخاذها خطوة مماثلة. وتعد منظمة شنغهاي للتعاون أكبر منظمة إقليمية سياسية واقتصادية ودفاعية في العالم من حيث النطاق الجغرافي والسكان. وقد تأسست في 2001، عبر 6 دول هي : الصين وروسيا وكازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وأوزبكستان، وفي 2017 انضم لعضويتها الهند وباكستان، بينما تتواجد 4 دول لها صفة مراقب هي: أفغانستان وبيلاروسيا، منغوليا وإيران. وهناك 6 دول حصلت على صفة "شركاء حوار" مع منظمة "شنغهاي" من بينها تركيا عام 2012، وانضم لها حديثا من الدول العربية مصر أيضا. وتغطي دول المنظمة 60 بالمئة من منطقة أوراسيا، بعدد سكان يقدر بـ 3.2 مليارات، وبحجم اقتصادي يبلغ 20 تريليون دولار. وتتبنى منظمة شنغهاي للتعاون فكرة "العالم متعدد الأقطاب" الذي تتوقع الصين الهيمنة عليه بحلول 2030. وشهدت فترة نهاية ديسمبر 2021/بداية يناير 2022 اجتماعات في بكين، بين كبار المسؤولين في الحكومة الصينية ووزراء خارجية السعودية والكويت وعمان والبحرين والأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، تهدف إلى إبرام اتفاقية التجارة الحرة بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي وصياغة خطة "تعاون إستراتيجي أعمق في منطقة تُظهر فيها الهيمنة الأميركية علامات تراجع". يأتي انضمام دول خليجية إلى منظمة شنغهاي للتعاون فيما بدأت الصين وروسيا بالتوسع بقوة في المنطقة العربية، وخاصة دول مجلس التعاون الخليجي، على جميع الأصعدة، سواء اقتصادياً أو سياسياً أو عسكرياً، في ظل تراجع الدور الأميركي ونمو المصالح المشتركة بين بكين وموسكو من جهة ودول الخليج من جهة أخرى. ودخلت الصين وروسيا إلى المنطقة من بوابة الاقتصاد في ظل الفرص الاستثمارية والتجارية الثمينة التي يمكن أن يستفيد منها الجانبان، قبل أن تتوسع إلى صفقات عسكرية مع بعض دول الخليج، وصولا إلى تمتين العلاقات السياسية. ويرى خبراء ومحللون أن انضمام دول الخليج إلى المنظمة سببه اهتزاز ثقتها في مصداقية الولايات المتحدة كضامن للأمن بسبب رحيل الولايات المتحدة الفوضوي عن أفغانستان، فضلا عن السحب الأخير لسلاح الدفاع الصاروخي الأميركي الأكثر تقدما -وهو نظام ثاد- وبطاريات باتريوت من السعودية حيث نجح المتمردون الحوثيون اليمنيون في ضرب أهداف في المملكة. ويقول هؤلاء الخبراء إن إعادة العلاقات السعودية-الإيرانية بوساطة بكين هو نجاح صيني واختراق للنفوذ الأميركي بالشرق الأوسط، لكن هذا لا يعني نهاية العلاقات مع الغرب حيث ستبقى المصالح متوازنة بين الشرق والغرب بالنسبة لدول الخليج وبقية دول المنطقة.
مشاركة :