على وقع احتدام التنافس بين المترشحين في الانتخابات التركية المرتقبة، التي بات يفصل عنها سوى أيام قليلة، دخلت التسريبات على خط الحملة، حيث زعم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن مرشح المعارضة زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو قد عقد اجتماعات سرية في الولايات المتحدة وقدم للسفراء الغرببيين ولتنظيم حزب العمال الكرستاني وعودا، دون أن أفصصح عن فحواها. وكان الرئيس التركي وجه ليل الخميس/الجمعة، في تغريدة، تساؤلات لأوغلو، عن اجتماعات سرية عقدها بالولايات المتحدة، قائلا إن ثمة وعودا وجهها غريمه للدول الغربية. وكتب أردوغان في تغريدة مطولة عبر حسابه على تويتر "يظهر تدريجيا مع من يتعامل كمال وما هي الوعود التي قطعها للسفراء الغربيين، إنه يتحدث كل يوم ويعلّق على كل شيء في أسرع وقت ممكن، لكنه لا يقول ما هي الوعود التي قطعها للامتدادات السياسية للتنظيمات الانفصالية". وأضاف "لا يتحدث كمال كليجدار عمّن تساوم معه لمدة 8 ساعات في مطعم للبرغر في ولاية بنسلفانيا الأميركية". وتساءل الرئيس التركي "عن سبب عدم ارتياح كليجدار لمشاريع الحكومة المحلية والوطنية، والخدمات التي تقدمها، والتي على أساسها ستضمن مستقبل تركيا". وتابع أردوغان "لماذا ينزعج كمال كليجدار من الكلام الذي نوجهه لإرهابيي الجبال ويعتبره موجها نحوه؟ دعوا كمال يصمت ولا ينطق بالحقيقة، لكن لا يمكن تغطية شمس الحقيقة بالغربال والطين". وأضاف "كمال لم يشرح سبب دعم أباطرة الإرهاب له في جبال قنديل بكردستان العراق". وتوعد أردوغان بإزالة أقنعة أولئك الذين ينادون بالوطن واستقلاله في ولاية سامسون ويطالبون بالحرية لصلاح الدين دميرداش في مدينة فان، مضيفا "سننهي مسرحيتهم وسنسقط أقنعتهم". وكانت مديرية أمن ديار بكر بتركيا، أوقفت الرئيس المشارك لحزب الشعوب الديمقراطي (معارض)، صلاح الدين دميرطاش، قبل 4 سنوات في منزله بالولاية، في إطار التحقيقات المتعلقة بمكافحة الإرهاب. وبحسب وسائل الإعلام التركية، فإن حديثا يدور بين الساسة الأتراك حول وجود تسجيلات مسربة ستنشر قريبا لاجتماعات كليجدار والوعود التي قدمها، لاسيما بعد اختفائه 8 ساعات في واشنطن خلال زيارته للولايات المتحدة. وردًا على ذلك قال كليجدار أوغلو إنه أثناء زيارته للولايات المتحدة ذهب إلى واشنطن وكان الطريق إليها يستغرق 8 ساعات، وتلقى معلومات تفيد بأنهم يحاولون توريطه أو أخذ شيء ضده على شكل تسجيلات صوتية أو مقاطع فيديو. وتساءل قائلا "لماذا يفعلون ذلك؟ أقولها بصراحة، كان برفقتي شرطي في السيارة، وآخرون، ولم أكن بمفردي كما زعموا". وموضوع التسريبات أثناء الانتخابات ليس أمراً جديداً على تركيا، فقد عرفته قبيل انتخابات 2014/ وآنذاك، سربت مكالمة صوتية لأردوغان - وكان رئيس الوزراء حينها - وابنه بلال تتضمن ما يعتقد أنه فساد مالي. وبدأ 3.4 مليون ناخب تركي في الخارج التصويت الخميس، فيما سيدلي 5.2 مليون من شريحة الشباب بأصواتهم للمرة الأولى في هذه الانتخابات. هؤلاء لم يعرفوا سوى أردوغان ونزعته السلطوية منذ التظاهرات الكبرى التي جرت في 2013 والتي عرفت باسم جيزي وخصوصا محاولة الانقلاب الفاشلة في 2016. وينافس أردوغان (69 عاما) في الانتخابات الرئاسية ثلاثة مرشحين، بينهم خصمه الرئيسي كمال كليجدار أوغلو (74 عاما)، وهو مرشح تحالف مكون من 6 أحزاب معارضة، بما في ذلك حزب الشعب الجمهوري، الذي أنشأه مؤسس تركيا الحديثة، مصطفى كمال أتاتورك. وتتوقع معظم استطلاعات الرأي لكليجدار أوغلو أن يفوز في الجولة الأولى. وما لم يفز فيها، تشير التوقعات إلى أنه سيفوز في الجولة الثانية بفارق 5 نقاط على الأقل، والبعض يقول 10 نقاط، بسبب رد فعل الشارع الشعبي، بما فيه بعض أنصار أردوغان وأتباعه الذين سئموا من أسلوبه الاستفزازي التصعيدي والمتدني، والقول لهؤلاء الأتباع الذين باتوا يقارنون بين "المتوتر" أردوغان و"الهادئ" كليجدار أوغلو. دفع ذلك أردوغان إلى المزيد من التصعيد لضمان دعم أنصاره وأتباعه له، وعبر المقولات القومية والدينية والطائفية، وحتى الأخلاقية. ومع أن كليجدار أوغلو حذر من احتمال لجوء أردوغان إلى فبركة بعض المشاهد المرئية والمسموعة بالاستفادة من الذكاء الاصطناعي بهدف منع الناخبين من التصويت له في آخر لحظة، فلم يتخلَّ الأخير عن نهجه التقليدي في الهجوم على منافسه وحلفائه زعماء أحزاب تحالف الأمة الخمسة، يُضاف إليهم رئيسا بلديتي إسطنبول وأنقرة. ويعتقد أردوغان أن المزيد من التصعيد والمبالغة في كل الأحاديث قد يبقيهم في خندق الوفاء له بعدما خدمهم طيلة 20 عاماً مضت، وهو ما كان السبب في إيصال الأغلبية الساحقة منهم، والبلد أيضا، إلى حافة الإفلاس باعتراف الجميع، بعدما زادت نسبة التضخم على 200 بالمئة، وزادت الأسعار على 300-400 بالمئة، والبطالة على 20بالمئة.
مشاركة :