خطة الأردن لتوليد 50 % كهرباء من الطاقة المتجددة عام 2030، تعني مضاعفة الاستثمارات في مشاريع الطاقة المتجددة، وبالتالي رسم مستقبل الانتقال إلى نظام طاقة منخفض الكربون، يتماشى مع أهداف أمن التزود بالطاقة بأقلّ كلفة وبأكثر الوسائل أمنا على البيئة، حيث تنتج المملكة حاليا 27 % من مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح لتوليد الكهرباء، ووصلت إلى حوالي2.6 جيجاواط من إجمالي الطاقة الكهربائية المستهلكة في المملكة. الأردن استطاع استقطاب عدة استثمارات في قطاع الطاقة ومن ضمنها قطاع الطاقة المتجددة، حيث وصلت استثماراته أكثر من 2 مليار دولار، وتأمين تمويلها من خلال مؤسسات مالية وإنمائية دولية، تنفيذا لإستراتيجية المملكة في بناء القدرة على المنافسة وتحفيز إقامة بنية تحتية مستدامة واقتصاد أخضر للتخفيف من الضغوط على المالية العامة، وإتاحة الحصول على خدمات ذات جودة معقولة وبتكاليف أقل، وتشجيع النمو الاقتصادي المستدام. ارتفع إجمالي الطاقة التي باعتها شركة الكهرباء الوطنية خلال العام الماضي بنسبة 6 % مقارنة مع العام 2021، حيث وصل الحمل الأقصى في المملكة (4010) ميجاوات، وبلغ إجمالي المبيعات حتى نهاية العام 2022 نحو 20446.2 جيجا واط/ ساعة مقارنة مع 19280.5جيجا واط / ساعة خلال العام 2021. كذلك بلغت صادرات الشركة من الطاقة الكهربائية إلى شبكات مجاورة حيث بلغ حجمها نحو191.5 جيجا واط/ ساعة خلال 2022 وبزيادة نسبتها 10.8 %، وتبلغ نسبة استهلاك الطاقة الكهربائية في قطاع المباني المتضمن المنزلية ومباني القطاع العام حوالي 48 %. تكتسب الطاقة المتجددة مزيدا من الدعم عاما تلو الآخر، لتحقيق أهداف الحياد الكربوني، لكن عام 2022 كان بمثابة دليل فعلي على أن المصادر النظيفة يجب أن تؤدي دورا حيويا في دعم أمن الطاقة واستقلالها. حيث كشف تقرير مؤسسة الأبحاث المستقلة «إمبر» المعنية بشؤون المناخ والطاقة، أن توليد الكهرباء من طاقة الرياح والطاقة الشمسية، بلغ مستوى قياسياً يمثّل 12 % من إنتاج الكهرباء العالمي في 2022، وبلغ الاستثمار العالمي في الطاقة المتجددة 499 مليار دولار العام 2022، مقابل 430 مليار دولار العام 2021، لكنه ما يزال أقل من 40 % من متوسط الاستثمار المطلوب سنويا بين العامين 2021 و2030، وفقا لسيناريو خفض درجات الحرارة العالمية 1.5 درجة مئوية. فأسعار الطاقة المتجددة سجلت انخفاضا عالميا بالتكاليف في عام 2021 مقارنة مع 2010، فالطاقة الشمسية انخفضت بمقدار 88 %، وكذلك طاقة الرياح البرية بنسبة 68 %. فسجل المتوسط المرجح العالمي للتكلفة المستوية للكهرباء لعام 2021، لمشاريع الرياح البرية المضافة لتصل إلى 0.033 دولار أميركي/ كيلوواط ساعة. كما انخفض هذا المتوسط لمشاريع الطاقة الشمسية الكهروضوئية الجديدة على مستوى المرافق ليصل إلى 0.048 دولار أميركي/ كيلوواط ساعة. وبالرغم من ارتفاع متوسط تكلفة توليد الكهرباء في عام 2022، حيث بلغت تكلفة الطاقة الشمسية 91 دولارًا لكل ميغاواط/ساعة، وكذلك كلفة الرياح البرية 104 دولارات لكل ميغاواط/ساعة بسبب مستويات التضخم، وارتفاع الفوائد، والاضطرابات في سلاسل التوريد. لكن وفي نظرة طويلة المدى، تشير تقديرات منظمة أوبك إلى أن مصادر الطاقة المتجددة ستكون الأسرع نموا من جميع المصادر الأخرى في مزيج الطاقة بمتوسط نمو سنوي 7.1 % حتى عام 2045. ومع ذلك، فإن الوتيرة الحالية للاستثمار ليست كافية لوضع الأردن على المسار الصحيح في تحقيق انتقال الطاقة بما يتماشى مع سيناريو 50 % توليد الكهرباء من طاقة متجددة عام 2030، وكذلك أهداف المناخ والاستدامة، مما يتطلب فتح المجال أمام المستثمرين في مشاريع الطاقة الشمسية، والرياح، وتدوير النفايات، والطاقة الحيوية، والطاقة الجوفية، وتخزين الطاقة من خلال السدود. كذلك خلق البيئة المناسبة لتشجيع انشاء شركات خدمات الطاقة ESCOs، حيث إن وجود مثل هذه الشركات سيشجع وبشكل كبير على تنفيذ إجراءات كفاءة الطاقة. ولتحقيق هذا الطموح يستلزم تدعيم الشبكة الكهربائية وتعزيز استقراريتها من خلال التحول نحو الشبكات الذكية وإنشاء مشاريع لتخزين الطاقة الكهربائية وتنفيذ وتوسعة مشاريع الربط الكهربائي مع دول الجوار والعالم، من خلال مراجعة الإستراتيجية الشاملة لقطاع الطاقة لتحقيق المستهدف الجديد، والعمل على دعم مشاريع التحول نحو النقل الكهربائي والتوسع في محطات شحن الكهرباء في النقل، وإنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا. الحكومة يجب ان تعمل على جذب أكثر من مليار دولار سنوي من الاستثمارات عبر مضاعفة مشاركة القطاع الخاص في تنفيذ مشروعات الطاقة المتجددة، وتعديل القوانين وسياسات قطاع الطاقة لتلائم التمويل والحوافز الخضراء، وتفتح المجال للبيع المباشر لتوفير احتياجات الطاقة في التنمية الزراعية والصناعية والمائية وغيرها من المجالات، حيث يوجد مساحة كبيرة للاستثمار في المشروعات الرائدة والتكنولوجيا والابتكار، وريادة الأعمال، وتستطيع أن تخلق العديد من الفرص وتساهم في عملية التنمية المستدامة. "الغد"
مشاركة :