الشاشات التفاعلية من إرهاصات أفلام الخيال العلمي

  • 2/17/2016
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

لم نعد بحاجة للذهاب إلى كتاب الخيال العلمي، أو حتى إلى الأفلام القديمة، مثل العودة إلى المستقبل، بل يكفي أن نعود لفيلم تقرير الأقلية Minority Report، إنتاج عام 2002، ومقتبس عن قصة قصيرة للكاتب فيليب ك. ديك، ومن إخراج ستيفن سبيلبرغ، وبطولة توم كروز، لنرى كيف يتعامل البطل مع شاشات العرض التفاعلية، أي التي تستجيب محتوياتها من خلال الإشارات، من خلال وجود كاميرات فيديو مدمجة في الشاشة، ومن شاهد الفيلم، يرى في أحد المشاهد، كيف أن توم كروز تفرغ للعبة يستخدم فيها يديه وذراعيه، كما ظهرت فكرة هذه الشاشات في العديد من الأفلام الأخرى مثل: الرجل الحديدي، وأفانجرز وأفاتار. كانت الأشياء الافتراضية على الشاشة البيانات، والفيديو، والرسوم البيانية، تواكب تحركاته، كرد على حركاته الإيمائية، ويعتمد هذا الأمر على ما يسمى ب Switchable Glass Technology، أي التي تعتمد على استخدام شاشات OLED تحريضية، تعمل بجزيئيات الكرستال السائل لعرض الصور، وتستند الآلية على تحول هذه الجزيئات إلى لون أبيض سحابي، عندما يكون التيار متوقفاً، ولكن بمجرد مرور التيار عبر أسلاك شفافة، يمكن أن يتم التحكم بهذه الجزيئات لعرض نصوص وأيقونات وصور، هذا النوع من الأجهزة يعمل من خلال اللمس المتعدد من الجانبين Dual Screen Multi-touch، وهو ما يطرح طبعاً تحديات أمام مطوري ومصممي الأنظمة والبرامج من ناحية واجهات المستخدم، والتفاعل مع الجهاز ككل. على أي حال، الكثير منا تمنى أن يعيش اليوم الذي يرى فيه ما يفعله أبطال روايات وأفلام الخيال العلمي، عندما يمررون أيديهم على أي من الأجسام المحيطة بهم، لتتحول فوراً إلى شاشة تفاعلية، ودون الاستعانة بأي أجهزة يحملونها بأيديهم. الباحثون في جامعة كارنيجي ميلون الأمريكية، نجحوا في تحقيق ذلك عبر ابتكارهم لتكنولوجيا جديدة، تجعل من الممكن خلق واجهات تفاعلية لمسية حسب الرغبة تقريباً، أي عبر التلويح باليد فوق أي سطح، ولنا أن نتخيل مدى القدرات الكامنة لمثل تلك التكنولوجيا، والدور المهم الذي يمكن أن تلعبه في إحداث ثورة في تقنيات الاتصال والتواصل بين البشر والآلات، بحيث تصبح تلك الأجهزة أكثر ذكاء وفهماً لما يريده الإنسان من خلال إيماءاته وحركاته عن بعد، ودون اتصال مباشر مع الآخرين، كما هي الحال الآن. ويمكن للمرء من خلال نظام جديد، يطلق عليه اسم ورلد كيت، أن يمسح بيده على ذراع الأريكة التي يجلس عليها، ليرسم جهاز تحكم عن بعد ريموت كنترول مثلا، والتحكم من خلال هذا الرسم بشكل تفاعلي بجهاز التلفزيون، أو أن يمرر يده فوق باب مكتبه، لكتابة التقويم الخاص به، الذي يمكن لزملائه سحبه للحصول على نسخة أوسع. واجهات تفاعلية ما يميز التكنولوجيا الجديدة وعملية تحويل الأسطح لواجهات تفاعلية ذات قدرات لمسية، أنها تجاوزت بكثير المناهج، التي اعتمد عليها في ابتكار النظم الأخرى المشابهة، فتلك التكنولوجيا تعتمد في عملها على مكونين أساسيين: الأول يتعلق بالتقاط واستقبال حركة يد الإنسان وإيماءاته المختلفة، وتحليلها لإطلاق الرد المناسب عليها، أما المكون الثاني، فيتولى ترجمة ذلك الرد إلى صورة ظاهرة أمام العين، على السطح المراد إسقاطها عليه، ويتفاعل هذان المكونان مع بعضهما بعضاً تلقائياً، وبسرعة فائقة، ليمنحا المستخدم في النهاية تجربة اتصال تفاعلية ثرية عن بعد، وذلك عبر التلويح باليد، فوق أي من أسطح الأجسام المحيطة به، وتمتاز هذه الواجهات المؤقتة بقابلية النقل أو التعديل أو الإزالة نهائياً، باستخدام حركات مماثلة، مما يجعلها ذات قدرات تخصيص عالية. وقد استخدم الباحثون، لتنفيذ النظام الجديد، كاميرا رقمية ذات مجسات عالية الدقة، يتم تثبيتها في سقف الغرفة وجهاز عرض ضوئي، لتسجيل أبعاد الغرفة والإحساس بحركات اليد والتقاطها، وعرض الصور على الأسطح المراد إسقاطها عليها. ووفقاً للبروفيسور روبيرت زياو، طالب الدكتوراه في معهد التفاعل بين البشر والحاسبات، التابع لكلية علوم الحاسبات بجامعة كارنيجي ميلون، فإن نظام ورلد كيت، لا يتطلب تركيباً معقداً، فقد أشار إلى أن ما يعرف بمجسات العمق هو في تحسن مستمر، فضلاً عن أن أجهزة العرض الضوئي تتضاءل في الحجم يوماً بعد يوم. وحول الصورة النهائية التي سيكون عليها النظام الجديد، تخيل زياو ب، المصباح التفاعلي المكوّن من جهاز في غاية الصغر، يمكن دمجه في تجهيزات الإضاءة العادية، وتوجيهه إلى السطح المطلوب، ولن يتطلب النظام أي معايرة مسبقة، فهو يقوم تلقائياً بتعديل مجساته وعرض الصور في الاتجاه المناسب للسطح المختار، ويتوقع فريق ورلد كيت، أن يكون مستخدمو النظام الجديد من ذوي القدرة مستقبلاً، على تخصيص تصاميم الواجهات عبر حركاتهم المختلفة. وقدم زياو وزميلاه البروفيسور سكوت هادسون، وطالب الدكتوراه كريس هاريسون، نتائج دراستهم حول التكنولوجيا الجديدة أمام مؤتمر العوامل البشرية في أنظمة الحاسبات الذي عقد في باريس. بيئات ذكية ويقول هاريسون إن خلق بيئات ذكية، يحدث فيها مزج بين تقنيات المجسات وشاشات العرض والحاسبات، يتطلب منا أكثر من مجرد تثبيت كاميرا رقمية في سقف الغرفة، ويرى هاريسون أن ذلك قد يجعل تلك الغرفة ذكية إلى حد ما، لكنها ستكون مفتقرة إلى نافذة لإظهار هذا الذكاء، لكن النظام الجديد المعتمد بشكل مباشر على أجهزة العرض الضوئي بدلاً من شاشات العرض اللمسية التقليدية، سوف يجعل تلك الغرفة تفاعلية بحق. ورغم أن نظام ورلد كيت، يركّز الآن على التفاعل مع الأسطح، فإن الباحثين يتوقعون أن تسمح نسخه المستقبلية، بالتفاعل مع النظام في الفراغ، وقد تسمح كاميرات العمق ذات الدقة العالية للنظام بالإحساس بتفاصيل حركات الأصابع، إضافة للحركات، وقد يتم تصميم النظام للاستجابة للأوامر الصوتية. وكانت الشركة الكورية الجنوبية سامسونغ، قد عملت منذ مدة على تطوير شاشات جديدة بتقنيات حديثة، لتصبح شاشات المستقبل، حيث قدمت سامسونغ نموذجاً من شاشة / مرآة OLED تفاعلية عاكسة وشفافة، وتعمل الشاشة الجديدة بتقنية تتبع الحركة Real Sense، أي تحول الشاشة إلى جهاز تفاعلي قادر على نشر المعلومات والإشعارات المتنوعة حسب طريقة الاستعمال، كما أنها تعمل على شاكلة مرآة تفاعلية عن طريق كاميرا ثلاثية الأبعاد 3D، و قادرة على العرض بدقة Full HD، إلى جانب اختيار واسع من الألوان، وبحسب هاريسون، فإن ما تم التوصل إليه في هذه المرحلة هو فقط بداية الإجابة عن مسائل أكبر بكثير، فهناك المزيد والمزيد من التطبيقات المباشرة والكامنة للتكنولوجيا الجديدة، التي لم يتم استكشافها بعد.

مشاركة :