مع عودة بعض الحرارة إلى خط الرياض ـ واشنطن، بدأ مستشار الأمن القومي للولايات المتحدة جيك سوليفان أمس زيارة للسعودية، من المقرر أن يناقش خلالها مع مسؤولين سعوديين وإماراتيين وهنود مشروعاً رئيسياً مشتركاً للبنية التحتية لربط دول الخليج والدول العربية والهند، عبر شبكة من السكك الحديدية تشمل ممرات الشحن والموانئ. بعد يومين من تأكيده التزام بلده تجاه المنطقة الحيوية لمصالحها، وتحذيره من «عقد حاسم ربما لم نر مثله منذ نهاية الحرب العالمية الثانية»، وصل مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان إلى السعودية أمس، حيث من المتوقع أن يناقش مع نظرائه في السعودية والإمارات والهند مشروعا مشتركا لربط دول الخليج والبلدان العربية عبر شبكة من السكك الحديدية سيتم ربطها لاحقا بالهند، عبر ممرات الشحن من موانئ المنطقة، حسبما كشف موقع اكسيوس. ونقل الموقع الأميركي عن مصدرين على علم مباشر بالخطة، ان المشروع هو أحد المبادرات الرئيسية التي يريد البيت الأبيض الدفع بها في الشرق الأوسط، مع تنامي النفوذ الصيني في المنطقة، إذ يعد الشرق الأوسط جزءاً رئيسياً من رؤية الحزام والطريق الصينية. وذكر المصدران أن سوليفان ناقش أبعاد المشروع الطموح، إلى جانب قضايا إقليمية أخرى. وذكر مسؤول أميركي للموقع أن سوليفان سيبحث مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ومسؤولين سعوديين آخرين وضع العلاقة الثنائية بين الرياض وواشنطن. ومن المتوقع أن يناقش سوليفان مع الأمير محمد قضايا إقليمية في مقدمتها حل أزمة اليمن، والملف النووي الإيراني، حيث يخيم الجمود على الجهود الرامية لإحياء اتفاق عام 2015، فيما يعود التوتر إلى مياه الخليج بعد أن صادرت واشنطن شحنة نفط إيرانية، تخضع لعقوباتها، قبل أن يرد «الحرس الثوري» الإيراني باحتجاز ناقلتي نفط قرب مضيق هرمز أخيراً. منتدى I2U2 وإضافة إلى ذلك، جاءت فكرة المبادرة الأميركية الجديدة خلال المحادثات التي جرت على مدار الـ18 شهرا الماضية في منتدى يسمى «I2U2»، والذي ضم الولايات المتحدة وإسرائيل والإمارات والهند، وتوسعت الفكرة لاحقا لتشمل السعودية في ظل جهود أميركية لإقناع المملكة باللحاق بقطار التطبيع مع الدولة العبرية. والخميس الماضي، ألمح سوليفان إلى مبادرة الربط، حيث قال: «إذا لم تتذكر أي شيء آخر من خطاباتي، فتذكر I2U2، لأنك ستسمع المزيد عنه بينما نمضي قدماً»، مضيفا: «الفكرة الأساسية هي ربط جنوب آسيا بالشرق الأوسط بالولايات المتحدة، بطرق تعزز تقنيتنا الاقتصادية ودبلوماسيتنا»، ولفت إلى أن عددا من المشاريع جارية بالفعل. وأفاد بأن «هناك بعض الخطوات الجديدة المثيرة التي نتطلع إلى تنفيذها في الأشهر المقبلة»، متابعا: «نحن نرغب في وجود شرق أوسط أكثر تكاملا وترابطاً يمكّن حلفاءنا وشركاءنا، ويدفع السلام والازدهار الإقليميين ويقلل من متطلبات الموارد على الولايات المتحدة في هذه المنطقة على المدى الطويل دون التضحية بمصالحنا الأساسية أو مشاركتنا في المنطقة». الحزام والطريق ويأتي تحرك سوليفان، الذي أكد في وقت سابق أن إدارة الرئيس جو بايدن تتمسك بسياستها القائمة على الردع والدبلوماسية للحفاظ على مصالحها الحيوية بالمنطقة، في وقت تتجه العلاقات بين السعودية وإيران إلى انفراجة بعد وساطة صينية غير مسبوقة بينهما، بهدف إنهاء القطيعة والتوتر الإقليمي. وسبق أن وصف خبراء في الولايات المتحدة مبادرة «الحزام والطريق» الصينية، التي يحيطها الغموض حاليا، والتي تهدف إلى ربط بكين بالعالم عبر استثمار مليارات الدولارات في البنى التحتية على طول طريق الحرير الذي يربطها بالقارة الأوروبية، ليكون أكبر مشروع بنية تحتية في تاريخ البشرية، ويشمل ذلك بناء مرافئ وطرقات وسكك حديدية ومناطق صناعية ومشاريع للطاقة، بأنها تمثل حقبة جديدة من المنافسة العالمية. وفي أواخر الشهر الماضي، نقلت صحيفة واشنطن بوست عن وثائق استخبارية مسربة، وصفتها بـ«عالية السرية»، أن أجهزة التجسس الأميركية كشفت عن استئناف أعمال بناء في منشأة عسكرية صينية مشتبه بها في دولة خليجية في ديسمبر الفائت، بعد عام واحد من إعلانها أنها أوقفت المشروع بسبب مخاوف واشنطن. ووفقا للصحيفة، فإن الوثائق كشفت عن أنشطة تراقبها المخابرات الأميركية تابعة للجيش الصيني في ميناء مطل على مياه الخليج، حيث يسعى البلد، الذي وصف بالشريك الأمني منذ وقت طويل، لتطوير علاقات أمنية أوثق مع بكين على حساب الولايات المتحدة. وتحتوي الوثيقة على خريطة من المرافق الأخرى التي يخطط الجيش الصيني لإنشائها في الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا وجميع أنحاء افريقيا، وجاء فيها أن المسؤولين العسكريين الصينيين يطلقون على هذه الخطط اسم «المشروع 141».
مشاركة :