رغم الترحيب الإقليمي والدولي بإعلان المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، المقترحة من بعثة الأمم المتحدة، انتهاءه من تشكيل نسختها الثانية، فإن مصادر ليبية شككت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» في إمكانية موافقة مجلس النواب على هذه الحكومة في الجلسة التي سيعقدها المجلس الأسبوع المقبل، داخل مقره بمدينة طبرق (أقصى الشرق الليبي). وتحتاج الحكومة الجديدة إلى موافقة أربعين عضوا فقط في حالة اكتمال النصاب المطلوب بـ120 عضوا، من إجمالي عدد المقاعد الـ200 للبرلمان الليبي، لكن أعضاء في البرلمان قالوا إنه يصعب على البرلمان في ظل التشكيلة الأخيرة للحكومة منحها ثقته لكي تبدأ في ممارسة عملها. وكان البرلمان المعترف به دوليا قد رفض تشكيلا مبدئيا مقترحا الشهر الماضي، وسط شكاوى من أن عدد الوزراء المعينين، والذي بلغ 32 وزيرا أكبر مما يجب. كما كانت هناك خلافات بشأن توزيع المناصب والسيطرة على القوات المسلحة الليبية في المستقبل. ويعني ذلك العودة إلى المربع صفر، بحسب نصوص اتفاقية الصخيرات التي وقعها ممثلون عن البرلمانين الحالي والسابق في المغرب، برعاية الأمم المتحدة نهاية العام الماضي، وإقصاء فائز السراج عن منصبه، ومعاودة البحث عن رئيس جديد للحكومة. واستبق رئيس الحكومة ورجل الأعمال الطرابلسي هذا الاتجاه بطلبه المفاجئ من مجلس النواب تأجيل جلسة كانت مقررة أمس لمثوله أمام المجلس، لما وصفه بأسباب لوجيستية، لكن مصادر مطّلعة وأعضاء في مجلس النواب قالوا في المقابل إن «الحكومة الجديدة قد لا تحظى بتأييد المجلس، مما يعني أنه سيتعين على السراج مغادرة منصبه نهائيا». وقال عضو في البرلمان لـ«الشرق الأوسط» إن توزيع الحقائب غير عادل داخل هذه الحكومة، وإن حقيبة الدفاع كان لا بد أن تكون لأحد مرشحي القيادة العامة للجيش الوطني الليبي، في إشارة إلى رفض الفريق خليفة حفتر، القائد العام للجيش، لتولى إبراهيم البرغثي حقيبة الدفاع في حكومة السراج. ويعتقد بعض النواب أن السراج ربما قد كان تعرض لضغوط سياسية أجبرته على التنازل عن مرشح حفتر، وترشيح البرغثي في المقابل. ونجحت وساطة مصرية في الجمع بين السراج وحفتر مؤخرا في مدينة المرج، حيث مقر قيادة حفتر في شرق ليبيا، لكن اللقاء لم يحسم الخلاف بين الطرفين حول هذه الحقيبة السيادية والمهمة في بلد عانى من فوضى أمنية عارمة، وانتشار لآلاف العناصر المسلحة من الميليشيات المتطرفة في طول البلاد وعرضها. لكن الأمر لا يقتصر فقط على أهم حقيبة في الحكومة التي خلت أيضا من حقيبة مخصصة للنفط، والاكتفاء بإبقاء المؤسسة الوطنية للنفط كما هو حال مؤسسات الاتصالات والإعلام أيضا. وبدا واضحا أن نفوذ جماعة الإخوان المسلمين التي باتت تعاني من انعدام شعبيتها في السنوات الأخيرة في الشارع الليبي، في طريقه للصعود مجددا بعد حصول الجماعة على خمس حقائب وزارية على الأقل، أبرزها الخارجية والداخلية والتخطيط والتعليم، بينما سمح نفوذ سياسيي مدينة مصراتة بوضع اثنين من رجال العقيد الراحل معمر القذافي على قائمة الحكومة، على الرغم من وجود قانون للعزل السياسي يمنع هؤلاء من العودة لتولي أي مناصب حكومية أو رسمية في الدولة الليبية.
مشاركة :