المغرب يسعى لتقوية شراكاته التجارية مع السعودية

  • 5/9/2023
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يعمل المغرب على تعزيز أوجه العلاقات الاقتصادية مع السعودية عبر استكشاف فرص دعم التعاون في مجالات التجارة والاستثمار، والذي يعد ببناء مرحلة جديدة أكثر انفتاحا من بوابة عقد الشراكات لتبادل المصالح المشتركة. ولتقوية أسس التعاون بينهما تخطط الرباط والرياض لإنشاء كيان مشترك تُعهد إليه تنمية الاستثمارات والصادرات، في استكمال لخطة طموحة أثارها الطرفان منذ يناير 2021. وكشف خالد بن جلون، رئيس مجلس الأعمال المغربي - السعودي، في مقابلة مع اقتصاد الشرق من بلومبرغ الاثنين أن البلدين يدرسان استحداث صندوق مشترك لدعم الشركات المتوسطة والصغيرة للتصدير والاستثمار في البلدين، بهدف رفع حجم التجارة البينية. أحمد الزعابي: القرار يتماشى مع رؤية زيادة مساهمة القطاع المالي أحمد الزعابي: القرار يتماشى مع رؤية زيادة مساهمة القطاع المالي ومن المتوقع أن يشارك في تأسيس الصندوق القطاعان العام والخاص من البلدين، بما في ذلك البنوك المغربية، في مقدمتها التجاري وفا بنك والبنك الشعبي والقرض الفلاحي للمغرب وبنك أفريقيا. أما من الجانب السعودي فسيسهم كل من البنك السعودي للاستثمار، والمؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص التابعة لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية في رأس مال الكيان الجديد. وقال بن جلون عقب اجتماعات للمجلس أواخر الأسبوع الماضي في مدينة الدار البيضاء، إن الصندوق سيكون “بمثابة شباك موحد لتسهيل الإجراءات التمويلية واللوجستية لدعم توجه الشركات للتصدير والاستثمار بين البلدين”. ولم يشر رئيس المجلس إلى حجم الصندوق، أو موعد بدء نشاطه، لكن من المرجح أن يدعم الشراكات بين الطرفين ويجعلها ترتقي إلى المستوى المأمول في غضون سنوات. ويرتبط المغرب مع دول الخليج عموما بعلاقات تعاون ترتقي إلى مرتبة العلاقة الإستراتيجية، التي يؤطرها تناغم سياسي كبير وتبادل نشط للمنافع الاقتصادية، وتنسيق عالي المستوى بشأن قضايا التكامل في العديد من القطاعات الإنتاجية. ويسعى مجلس الأعمال المشترك إلى معالجة التراجع الكبير، الذي سجلته المبادلات التجارية في العام الذي سبق تفشي الجائحة ببلوغها 900 مليون دولار فقط، بعدما كانت تقدر بنحو 2.9 مليار دولار في 2011. ووفق أرقام وزارة التجارة والصناعة المغربية، سجلت المبادلات التجارية بين البلدين عام 2021 نحو 17.2 مليار درهم (1.7 مليار دولار)، منها 10 مليارات درهم (نحو مليار دولار) لاستيراد النفط ومشتقاته من السعودية. وسبق أن صرح وزير الصناعة والتجارة المغربي رياض مزور بأن بلاده تستهدف مضاعفة حجم صادراتها إلى السوق السعودية إلى نصف مليار دولار من 70 مليون دولار حاليا. وكان البلدان قد نظّما العام الماضي منتدى اقتصاديا حضره وزير التجارة السعودي ماجد القصبي ورئيس مجلس إدارة اتحاد الغرف السعودية عجلان العجلان، الذي صرح حينها بأن حجم التبادل التجاري بين البلدين “ضعيف ولا يرقى إلى الطموحات”. ويعتقد بن جلون أن إمكانيات رفع التبادل التجاري بين البلدين “كبيرة جدا”، ودعا في الوقت ذاته إلى تذليل كافة العقبات الإدارية واللوجستية للوصول بالتجارة البينية إلى مستوى أعلى. ويحتل المغرب المرتبة الرابعة والخمسين ضمن الدول المصدرة للسعودية، وتشمل الصادرات منتجات كيمياوية غير عضوية وسيارات وقطع غيار وفواكه وألبسة، وهو الشريك رقم واحد مع البلد النفطي بين دول المنطقة العربية. شراكة مثمرة شراكة مثمرة في المقابل، تحتل السعودية المرتبة العاشرة ضمن الدول المصدرة للمغرب، وتشمل صادراتها اللدائن ومصنوعاتها والمنتجات المعدنية والأملاح والأحجار والإسمنت والورق والمواد الدابغة والملونة. وخلال اجتماع المجلس مؤخرا، جرى تحديد مجموعة من المنتجات المغربية التي يمكن الرفع من حجم صادراتها إلى السعودية، منها النسيج والصناعة التقليدية وأجزاء السيارات والمنتجات الغذائية ومنتجات التكنولوجيا. وفي ما يخص الصادرات السعودية إلى المغرب، تمّ تحديد المنتجات الكيمياوية والزيوت ومنتجات البلاستيك. وأشار بن جلون إلى أن العلاقات الاقتصادية بين البلدين تتسم “بهيمنة المحروقات والمنتجات الفلاحية” على المعاملات التجارية. وأكد أن الهدف الآن هو السعي نحو تنويعها بشكل أكبر من خلال تذليل العلاقات الإدارية مثل الاعتراف المتبادل بالشهادات، وتسهيل عمليات التبادل التجاري من خلال إطلاق خط بحري مباشر. ويتطلع البلدان في إطار تعزيز شراكتهما إلى تعزيز المنظومة اللوجستية من خلال الحد من بعض العراقيل التي قد تعيق التجارة ودعمها في المستقبل، عبر إطلاق خط بحري بين البلدين، والذي من شأنه تقوية المبادلات البينية. وعلى الرغم من الحديث عن إطلاق خط بحري مباشر بين البلدين، كان موضوع دراسة لمدة سنوات، لكن حتى الآن لم ينتقل ذلك إلى التجسيد العملي. سلطتا الموانئ السعودية المغربية تخوضان مناقشات متقدمة بهدف إطلاق خط ملاحي بحري مباشر بين البلدين ومع ذلك، شدد رئيس مجلس الأعمال خلال حديثه مع بلومبرغ على أن هناك تقدّما في هذا المجال بعد عقد لقاءات بين سلطتي الموانئ السعودية والمغربية، والتشديد على ضرورة رفع حجم التبادل التجاري للوصول إلى مرحلة إطلاق الخط البحري. ويتجاوز طموح البلدين هدف تعزيز التبادل التجاري إلى العمل سويا على إنشاء شركات مشتركة لدخول الأسواق الأفريقية، بالاعتماد على تواجد البنوك والشركات المغربية في عدد كبير من دول القارة. وبحسب البيانات الرسمية، فقد بلغ حجم استثمارات السعودية في المغرب حوالي نصف مليار دولار، وثمة إمكانيات استثمارية متاحة للقطاع الخاص السعودي بقيمة تتراوح بين 2 و3 مليارات دولار. وتتوزّع تلك الفرص على قطاعات متنوعة، لاسيما الطاقة والمياه، بحسب تصريح سابق للعجلان. وأثناء زيارته للرياض في أبريل العام الماضي، قال مزور “تم الاتفاق على العمل في عدد من المجالات لتحقيق التنافسية المتكاملة بين المنظومتين الصناعيتين في البلدين، والوصول إلى الأسواق بقيمة مضافة مزدوجة، والاستثمار في العنصر البشري والابتكار”. وأضاف أن بلده “شرع بتنويع منتوجاته وصادراته، وكذلك السعودية بفضل رؤية 2030، لتعزيز المبادلات التجارية بين البلدين التي تراجعت قيمتها منذ عام 2013، نتيجة لنوعية المنتوج الذي تغيرت قيمته بتغير الأسعار وخاصة المنتوجات البترولية والبلاستيكية”. وفي نوفمبر 2021، شرع المجلس في القيام بتحركات كبيرة للنهوض بخمسة قطاعات واعدة في مجالات السياحة والكهرباء والطاقات المتجددة واللوجستيات والغذاء، في خطوة مهمة لمعالجة الانخفاض في حجم التبادل التجاري بين البلدين.

مشاركة :