تونس - أصدرت المحكمة الابتدائية بمحافظة سوسة اليوم الثلاثاء بطاقة إيداع بالسجن بحق رئيس حركة النهضة الاسلامية رئيس البرلمان المنحل راشد الغنوشي في قضية شركة "انستالينغو" المختصة في صناعة المحتوى والاتصال الرقمي، وفق وكالة تونس أفريقيا للأنباء، فيما يتواصل التحقيق معه في قضايا أخرى تتعلق بالإرهاب وشبهة التآمر على أمن الدولة. وامتنع الغنوشي عن مغادرة سجن إيقافه بالمرناقية، رافضا المثول أمام قاضي التحقيق بمحكمة سوسة لاستنطاقه في القضية نفسها. ورغم غيابه عن الجلسة واصل القاضي النظر في القضية دون حضور رئيس حركة النهضة، بعد أن كشفت الأبحاث عن معطيات جديدة. وكان المحامي مختار الجماعي العضو في هيئة الدفاع عن الغنوشي قد أعلن في نهاية الشهر الماضي عن قرار موكّله بمقاطعة جلسات التحقيق معه، مشيرا إلى أنه "حضر ما يزيد عن 120 ساعة استنطاق وتحقيق ومكافحة". ونشرت صفحة حركة النهضة على فيسبوك اليوم الثلاثاء ما دوّنه الغنوشي على ورقة الإخراج من السجن لنقله إلى محكمة سوسة للمثول أمام قاضي التحقيق واصفا القضية بـ"المفبركة" و"الكيدية". وكتب "أنا راشد الخريجي الغنوشي أرفض بشكل قطعي المثول أمام محكمة لا تتوفر فيها شروط العدالة والمجعولة من أجل التأسيس لنظام استبدادي دكتاتوري يذكّر بنظام فرعوني. "فاقض ما انت قاض انما تقضي هذه الحياة الدنيا" وعند الله تلتقي الخصوم". وخضع الغنوشي للتحقيق في قضية "انستالينغو" أول مرة في 10 نوفمبر/تشرين الثاني، في جلسة امتدت على نحو 14 ساعة حسب هيئة الدفاع وتم في ختامها الإبقاء عليه في حالة سراح بعد أن كانت النيابة العمومية طلبت إصدار بطاقة إيداع بالسجن في حقه، بينما قال رئيس النهضة إثر الجلسة إن ملف القضية "مزيف ومفبرك وخال من الحجج". وقررت النيابة العمومية في يونيو/حزيران 2022 فتح بحث تحقيقي ضد 28 شخصا من بينهم راشد الغنوشي وسياسيون ورجال أعمال وصحفيون وأمنيون للاشتباه بتورطهم في قضية "انستالينغو"، ليرتفع عدد المشمولين بالأبحاث إلى نحو 46 متهما من بينهم 12 متهما مودعين بالسجن. كما تم إصدار 8 بطاقات جلب دولية في حق عدد من الفارّين بالخارج والبقية في حالة سراح وجميعهم محالون على التحقيق من أجل تهم أرزها "غسل الأموال وارتكاب أمر موحش ضد رئيس الدولة والتآمر ضد أمن الدولة الداخلي والجوسسة". ويقبع الغنوشي في السجن منذ 17 أبريل/نيسان الماضي وبعد إيقافه بثلاثة أيام أصدر قاض بطاقة إيداع بحقه في قضية أثارتها النيابة العامة ضد رئيس النهضة وعدد من قيادات جبهة الخلاص الوطني المعارضة (الواجهة السياسية للحركة) بشبهة التآمر على أمن الدولة. ووجهت إلى الغنوشي و7 موقوفين آخرين في هذه القضية تهم "الاعتداء المقصود منه تبديل هيئة الدولة وحمل السكان على مهاجمة بعضهم بالسلاح وإثارة الهرج والقتل والسلب" وقال محاميه حينها إن "عديد الخروقات شابت قرار سجن الغنوشي"، مؤكدا حدوث خلافات بين القاضي ولسان الدفاع بشأن دوافع الاحتفاظ وانتقائية واضحة لإدانته. وندّدت الحركة الإسلامية حينها بما أسمته "التطور الخطير وطالبت بإطلاق سراح راشد الغنوشي فورا" والكف عما أسمته "استباحة النشطاء السياسيين المعارضين". واعتبرت النهضة أن "مضمون مداخلة الأستاذ راشد الغنوشي محل التتبع العدلي ليس فيه أي دعوة للتحريض ولا يمس البتّة من السلم الأهلية وأن الاتهام تعمّد اجتزاء المداخلة لتبرير الإيقاف الظالم". ويواجه الغنوشي شبهات تتعلق بالإرهاب سواء في ملف التسفير أوالجهاز السري للحركة، لكنه ينفي جميع الاتهامات الموجهة له وللنهضة، مؤكدا أنها كانت أول المتضررين من العمليات الإرهابية والاغتيالات السياسية التي عاشتها البلاد. تونس - أوقفت قوات الأمن التونسية ليل الاثنين الثلاثاء عبدالمجيد الزار القيادي السابق في حركة النهضة الذي كان يترأس الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري. وتشير المعطيات الأولية إلى أن اعتقال الزار يأتي بسبب إدارجه على قائمة التفتيش في قضية تتعلق باستغلال سيارة تابعة لاتحاد المزارعين. وفقد الزار رئاسة المنظمة الفلاحية بعد أن سحبت منه الثقة من طرف أعضاء مجلسها المركزي خلال جلسة انعقدت في 18 ماي/أيار من العام الماضي، لكنه رفض الاعتراف بالقرار معتبرا أنه باطل. ويواجه الرئيس السابق للاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري تحقيقا في قضية فساد تعود إلى يناير/كانون الماضي 2022 وتتعلق بشبهات ارتكاب "جرائم الاحتكار والخيانة الموصوفة والاستيلاء على أموال عمومية". وطلبت وزيرة العدل ليلى جفال التحقيق في القضية التي رفعتها الهيئة الجديدة لاتحاد المزارعين، فيما نفى الزار الاتهامات الموجهة إليه، معتبرا أن منعه من دخول مقر المنظمة من طرف الأمن "تجاوزا" وإخلالا قانونيا". وأكد الزار مرارا أنه لم تعد له أي علاقة بالنهضة، لافتا إلى أنه استقال من مجلس شورى الحركة في العام 2012، مشددا على أنه يحاسب من أجل انتمائه السابق إلى الحركة. وأطلقت السلطات التونسية في فبراير/شباط الماضي حملة اعتقالات واسعة شملت العديد من الشخصيات والوزراء السابقين في قضايا تتعلق بشبهات الفساد والتآمر على أمن الدولة، لكن محامي الموقوفين أكدوا أن التهم الموجهة إلى منوبيهم لا تستند إلى قرائن، مشيرين إلى أن الإيقافات تمت بناء على تعليمات من السلطة السياسية وأن الملفات فارغة. وأكد الرئيس التونسي قيس سعيد في تصريح سباق أن "تونس تشهد اليوم حرب تحرير وطنية ضد الفساد لضرب الفاسدين الذين لا وطنية لهم دون هوادة ولا رجعة في ذلك". وتعدّ محاسبة الفاسدين أهمّ المطالب التي يرفعها أنصار قيس سعيد منذ الإعلان عن تدابيره في 25 يوليو/تموز 2021، مؤكدين أن لا أحد فوق القانون. وبينما يشدد سعيد مرارا على استقلال السلطات القضائية، فإن المعارضة تتهمه باستخدام القضاء لملاحقة الرافضين لإجراءاته الاستثنائية، ما تسبب في أزمة سياسية حادة. وأعلنت هيئة الدفاع عن قادة سياسيين موقوفين في إطار حملة الاعتقالات الاثنين التقدم بشكويين ضد وزيري العدل ليلى جفال والداخلية السابق توفيق شرف الدين تتعلقان بـ"بالإيهام بقضية غير موجودة واستخدام هاتف موقوفة خلال احتجازها". وواجه قيس سعيد منذ فتحه ملف المحاسبة ضغوطا خارجية كبيرة، إذ انتقدت مجموعة من المنظمات الحقوقية الدولية وعدد من الدول الغربية ومن بينها فرنسا والولايات المتحدة حملة الاعتقالات، معتبرة أنها تستهدف الحريات وتهدد المسار الديمقراطي في تونس. ووصف الرئيس التونسي المعتقلين بـ"المجرمين و"الخونة" و"الإرهابيين"، محذرا القضاة من أنه من يطلق سراح المجرمين سيكون شريكا لهم، لكنه أكد حرصه على أن تكون المحاكمات عادلة. وبدوره أعرب البرلمان الأوروبي في مارس/آذار الماضي عن "القلق العميق من التحول الاستبدادي للرئيس سعيد واستغلاله للوضع الاجتماعي والاقتصادي السيئ في تونس لعكس مسار التحول الديمقراطي التاريخي في البلاد"، داعيا السلطات التونسية إلى الإفراج عن جميع "المعتقلين تعسفيا واحترام حرية التعبير" ووضع حد لما أسماها "الحملة المستمرة على المجتمع المدني في البلاد". كما حذّرت منظمات عديدة من أن ينعكس الوضع السياسي الحالي على علاقة البلاد بالمانحين الدوليين في وقت تعاني فيه أزمة اقتصادية خانقة وتستعجل اتفاقا مع صندوق النقد الدولي لصرف قرض بقيمة 1.9 مليار دولار تعول عليه كثيرا لمجابهة تداعيات الضائقة المالية.
مشاركة :