حتى في أحلك كوابيسه لم يكن يتصور نيكولا ساركوزي المِحنة التي يمر بها اليوم. فالقضاء الفرنسي وجه له تهمة بتمويل غير شرعي لحملته الانتخابية الأخيرة فيما يعرف إعلاميا بفضيحة بيكماليون. ساركوزي كان يعول كثيرا على عودته السياسية ليفرض نفسه كمرشح طبيعي لليمين الفرنسي في الاستحقاق الرئاسي المقبل ... بدأ إستراتيجيته بتغيير إسم الحزب إلى الجمهوريون . نظم انتخابات داخلية وفاز بقيادته بالرغم من تواجد منافسة شرسة له داخل الحزب أرادت أن تمنعه من تحويله إلى آلة انتخابية تخدم أجندة نيكولا ساركوزي ... و هو يستعد لاستقطاب الفرنسيين أصدر نيكولا ساركوزي كتابا ضمنه اعترافاته بأخطاء ارتكبتها خلال ولاياته و كان يعتقد ان مجرد هذا الاعتراف سيشفع له عند الفرنسيين و سينسيهم العيوب و النقائص التي سقطت فيها ولاية ساركوزي و التي أدت إلى هزيمته في الانتخابات الرئاسية و فوز الاشتراكي فرانسوا هولاند . و قد أعطت بعض استطلاعات الرأي مدعمة بالمبيعات الهامة التي حققها كتاب نيكولا ساركوزي في الأسواق الانطباع ان الفرنسيين غفروا له أخطائه و ينتظرون عودته الى مقاليد السلطة ليغير من أوضاعهم و ان هناك وثيرة سياسية تصاعدية سيستغلها ساركوزي ليفرض نفسه كرقم أساسي في المعارضة اليمينية لا يمكن تجاوزه او تجاهله. مهمة نيكولا ساركوزي لم تكن سهلة ...فهو يواجه تحديات كبيرة داخل الحزب عبر بروز عدة شخصيات تريد المشاركة في الانتخابات التمهيدية المقرر عقدها في شهر نوفمبر المقبل. من بين هذه الشخصيات يوجد من يعارض بشراسة نيكولا ساركوزي لأسباب شخصية او سياسية مثل فوانسوا فيون رئيس حكومته السابق او جان فرانسوا كوبي زعيم الحزب و قت اندلاع فضيحة بيك ماليون بالإضافة إلى أسماء مثل نادين مورانو التي انقلبت على ساركوزي من صديقة حميمة إلى عدوة لذود ... وقد أجمع المراقبون على طرح هذا التساؤل ...هل ستؤثر عملية توجيه تهمة لنيكولا ساركوزي على إستراتيجيته ؟ هل سيحافظ على ترشيحه في الانتخابات التمهيدية ام سيضطر للانسحاب ؟ و قد رأت الأوساط السياسية في هذا التطور منعطفا مفصليا قد تكون له تداعيات على المستوى الحزبي و الوطني . فالمنافس الأخطر لنيكولا ساركوزي هو ألان جوبي الذي رغم تقدمه في العمر يتمتع بشعبية كبيرة قد يرى حظوظه في الفوز بالانتخابات التمهيدية أقوى و قد يدفع بالعديد من الفعاليات الحزبية الى الاصطفاف ورائه كما فعل منذ أيام قليلة شخصية مثل جان بير رافاران. و بما ان هناك استطلاعات للرأي تقول أن الرجل الوحيد الذي يمكن ان يهزم فرانسوا هولاند هو الان جوبي فان هذا التطور القضائي في مسيرة نيكولا ساركوزي قد تكون له تداعيات حتى على باقي الأحزاب السياسية و أجندتها الانتخابية.. في المقابل هناك من يقول ان رجلا سياسيا مثل نيكولا ساركوزي الذي بين على قدرة خارقة للعادة للانبعاث من جديدان رماد الهزيمة قادر على ان يكذب كل التكهنات بما قيام تلك التي وأدت طموحه السياسي بالعودة إلى قصر الاليزيه .
مشاركة :