تعدد العوامل المؤثرة في أزمة السودان وعدم وضوح المشهد السياسي نتيجة جملة من التغييرات السياسية المفاجئة في هذا البلد تشير إلى صعوبة وجود علاج واحد وسهل للأزمة المشتعلة بين طرفي النزاع.. مما يجعل السودان يواجه مهمة شاقة في تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي والسلام النفسي.. لقد سقطت العملية السياسية برمتها في بلد مهدد بأزمات اقتصادية واجتماعية وقبلية وبات مصير الشعب السوداني على المحك لا يملك حتى ترف التفكير في مشاريع مستقبلية رغم ثراء أرضه وكنوز مناجمه. تاريخ مضطرب وصاخب وتركة ثقيلة خلفتها جولات متعاقبة من الصراعات السياسية والثورات والانقلابات على أرض السودان امتداداً من العاصمة وصولاً إلى القرى الوادعة الممتدة حول نهر النيل.. لقد أضحى السودان أنموذجاً مختلفاً تماماً بحالته التي أفرزتها أحداث مر بها بعد استقلاله.. فقر وعوز.. نزاع مسلح وصراع على السلطة يؤدي لانزلاق نحو مزيد من أزمات تزيد فرص التقسيم والتفتيت ويدفع ثمنها الشعب السوداني.. الأزمة السودانية بتعقيداتها الداخلية وتشابكاتها المختلفة ستظل تراوح مكانها بين إخفاق مستمر وتصعيد متكرر طالما كان هناك شخصان من نفس المؤسسة يتصارعان على السلطة خاصة أن كلاَ منهما يمتلك عتاداً عسكرياً ضخماً دون اعتبار للوطن أولاً والمواطن الذي يعاني منذ أمد من ويلات الحروب الأهلية والقبلية والعقائدية إضافة إلى الانقلابات التي سدت أفق العيش بسلام.. لذلك فإن أزمة السودان تجاوزت فكرة من المخطئ ومن على طريق الحق.. من الخاسر ومن الرابح في وطن يتم تفكيكه وتدميره بأيدي أبنائه ويعيش شعبه تحت وطأة أنين المدافع والطلقات النارية الطائشة التي قد تخطئ فتدمر بيوتاً يعيش ساكنوها الهلع والخوف..السؤال الذي تبقى اجابته معلقة وسط ضباب أسود.. إلى أين يتجه السودان.
مشاركة :