أنقرة - اتّهم كمال كيليتشدار أوغلو، المعارض الرئيسي ومنافس رجب طيّب إردوغان في الانتخابات الرئاسيّة التي تُجرى في 14 أيّار/مايو، الخميس روسيا بأنّها لجأت إلى "تقنيّة التزوير العميق" في إطار الحملة الانتخابيّة في اتهام صريح للروس بدعم الرئيس الحالي ضد منافسيه. وجاءت اتّهامات ابرز منافس للرئيس التركي الحالي هذه بعد ساعات على إعلان مرشّح آخر هو محرم إنجه انسحابه من السباق الانتخابي بعد تحوّله إلى هدف لحملة تشهير عبر الإنترنت. وكتب عبر تويتر "الأصدقاء الروس الأعزّاء، أنتم تقفون وراء عمليّات المونتاج والمؤامرات والتزوير والتسجيلات التي كُشِفت أمس في هذا البلد". وأضاف "إذا كنتم تريدون صداقتنا بعد 15 أيّار/مايو، فلا تمسّوا الدولة التركيّة. نحن نؤيّد دومًا التعاون والصداقة". ويعتقد ان موسكو تسعى لدعم اردوغان من اجل الفوز في الانتخابات الرئاسية وذلك لحماية مصالحها خوفا من صعود مرشح يكون خاضعا لضغوط الغرب ويشارك في جهود عزلها رغم ان تحالف المعارضة طمان الجانب الروسي بانه سيتبع سياسات متزنة وسيحافظ على العلاقات مع موسكو. ورغم بعض الخلافات بين موسكو وانقرة لكن اردوغان حافظ على علاقات متزنة بين الغرب وروسيا وجمعته لقاءات بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين سواء فيما يتعلق بالملف السوري او ملف أوكرانيا خاصة بشان اتفاق تصدير الحبوب. وتلعب روسيا دورا هاما من اجل تطبيع العلاقات بين انقرة ودمشق كون ذلك يخدم مصالحها خاصة وان العلاقات شهدت توترا بعد إسقاط الجيش التركي لطائرة روسية خرقت مجالها الجوي بعد التدخل الروسي في سوريا في 2015. ووقف بوتين الى جانب اردوغان خلال محاولة الانقلاب الفاشلة في 2016 حيث تحدثت مصادر عن تقديم المخابرات الروسية معطيات للرئيس الحالي فيما وجهت الحكومة التركية اتهامات وتلميحات بتورط ادارة الرئيس الاميركي الاسبق باراك اوباما بالتورط في العملية ودعم الانقلابيين. وولروسيا سابقة في التدخل في الاستحقاقات الانتخابية لدول اخرى حيث اتهمت بالتدخل في الانتخابات الاميركية لدعم حظوظ الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب في مواجهة خصومه الديمقراطيين رغم نفي الاخير لتلك الاتهامات. وتُظهر استطلاعات الرأي تقدّم زعيم المعارضة العلمانيّة بشكل طفيف على إردوغان في الانتخابات الرئاسيّة الأحد. وإذا لم يحصل أيّ من المرشّحين على أكثر من 50% من الأصوات، تُجرى جولة ثانية في 28 أيّار/مايو. وكان رئيس حزب "الوطن" محرم إنجه قد أعلن الخميس انسحابه من السباق الرئاسي على أثر تحوّله إلى هدف لحملة تشهير على الإنترنت تضمّنت خصوصًا صورًا مزيّفة له برفقة نساء أو جالسًا خلف مقود سيّارة فاخرة. وتتصاعد المنافسة في تركيا على الفوز في الانتخابات التي توصف بالمصيرية ويمكن الشعور في شوارع البلاد بحالة من عدم اليقين والقلق والترقب والتوتر تجاه ما قد تحمل النتائج في طياتها لثاني أكبر دولة في أوروبا بعدد سكان 85 مليون نسمة. وهناك عدد كبير من الأتراك من بينهم جيل جديد من الناخبين يتوقون إلى التغيير. وتعمل القوى السياسية على استقطاب الناخبين الأتراك الذين أنهكهم التضخم الطاحن وانهيار الليرة والتدني الحاد في مستويات المعيشة، بالإضافة إلى الزلزال المدمر الذي وقع في فبراير/شباط وأودى بحياة أكثر من 50 ألف شخص وشرد الملايين. إسطنبول - أظهر استطلاع أجرته شركة كوندا للأبحاث والاستشارات التي تحظى بمتابعة دقيقة، اليوم الخميس أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يتخلف عن منافسه الرئيسي كمال كليتشدار أوغلو بأكثر من خمس نقاط مئوية قبل الانتخابات الرئاسية التي تجرى يوم الأحد. وتبدو الحظوظ متقاربة بين مرشح تحالف (الشعب) ومرشح تحالف الأمة (كليتشدار أوغلو) قبل نحو ثلاثة أيام من الاقتراع الرئاسي، ما يطرح احتمال المرور إلى دورة انتخابية ثانية. وتظهر معظم نتائج استطلاعات الرأي أن مرشح المعارضة التركية كان يتقدم بفارق كبير على منافسه الطامح لولاية رئاسية جديدة والذي يهيمن على الحكم منذ نحو عقدين، لكن الفارق تقلص في الفرتة الأخيرة بعد أن كان الرئيس التركي يواجه غضب عارما في المناطق المتضررة بشدة من زلزال 6 فبراير/شباط. وواجه أردوغان وحكومته انتقادات حادة بسبب تأخر التدخل لإنقاذ آلاف عالقين تحت الأنقاض، بينما ترك ملايين الناجين في تلك الفترة لساعات طويلة في ظروف صعبة بسبب برودة الطقس وشح المواد الغذائية والماء. لكن الرئيس التركي أطلق وعودا بإعادة بناء ما تهدم من منازل خلال الزلزال واعمار المناطق المنكوبة وكذلك منح تعويضات للمتضررين إضافة إلى اتخاذه إجراءات أخرى لإغراء الناخبين. وبحسب استطلاع الرأي، بلغت نسبة تأييد أردوغان 43.7 بالمئة مقابل 49.3 بالمئة كليتشدار أوغلو، مما يعني أن الرئيس التركي يفتقر إلى الأغلبية المطلوبة للفوز في الجولة الأولى ويشير إلى أن الانتخابات ستشهد جولة إعادة في 28 مايو/ايار. وتعزز النتائج الانطباع بأن أردوغان يواجه في الانتخابات المرتقبة أكبر تحد في فترة حكمه التي استمرت عقدين. وتتفق إلى حد كبير مع بعض استطلاعات الرأي الأخرى التي أشارت إلى تقدم كليتشدار أوغلو، مرشح المعارضة الرئيسي. وتعقدت مهمة أردوغان بسبب أزمة تكاليف المعيشة التي نجمت عن تراجع الليرة وارتفاع التضخم والزلزال المدمر في فبراير شباط الذي أودى بحياة أكثر من 50 ألف شخص في تركيا وترك الملايين بلا مأوى. وقدّر الاستطلاع الذي أُجري في السادس والسابع من مايو أن نسبة التأييد للمرشحين الآخرين بلغت 4.8 بالمئة لسنان أوغان و2.2 بالمئة لمحرم إنجه الذي أعلن اليوم انسحابه من سباق الرئاسة. وقالت كوندا إن غالبية ناخبيهما يميلون إلى التصويت لصالح كليتشدار أوغلو زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض الرئيسي في جولة ثانية. كما أظهر استطلاع أجرته شركة متروبول أن الانتخابات ستشهد جولة ثانية، مشيرا إلى أن كليتشدار أوغلو سيحصل على 49.1 بالمئة وأردوغان 46.9 بالمئة. وفي جولة الإعادة، أظهر استطلاع الرأي فوز مرشح المعارضة بنسبة 51.3 بالمئة. وبالنسبة للانتخابات البرلمانية أظهر استطلاع كوندا أن نسبة تأييد تحالف أردوغان الحاكم ستبلغ 44 بالمئة مقابل 39.9 بالمئة لتحالف المعارضة الرئيسي. ومن المتوقع أن يلعب حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد الذي يدعم كليتشدار أوغلو، دور "صانع الملوك". ويأتي نشر أحدث استطلاع للرأي بينما لم تخف منظمة هيومن رايتس ووتش مخاوفها من التلاعب بنتائج الانتخابات، مشيرة في بيان إلى سيطرة السلطة على الوسائط الرقمية، حيث تخضع شبكة الانترنت لسيطرة حكومة الرئيس أردوغان، ما يشكل خطرا فعليا على أمن الانتخابات. وحثت المنظمة الدولية التي أصدرت في أدانت في السابق في أكثر من مناسبة خنق النظام التركي لحرية التعبير وتضييق الخناق على معارضيه وقمع الاحتجاجات المناوئة لحكمه، منصات التواصل الاجتماعي على مقاومة الضغوط التي ستمارسها السلطة. ودعت كذلك لوضع خطط طوارئ للتعامل مع أي ممارسات من شأنها التلاعب بنتائج الانتخابات. وأشارت إلى أن الناخبين الأتراك سيتوجهون يوم الأحد إلى مراكز الاقتراع بينما تسود مخاوف من استمرار الحكومة في السيطرة على الوسائط الرقمية والتي قد يجري توظيفها لصالح أردوغان مرشح تحالف الشعب. وطالبت في بيانها الحكومة التركية بحماية حرية التعبير عن الرأي وحقوق الخصوصية، بينما من المتوقع أن تكون وكالة أنباء الأناضول الحكومية الجهة التي قد تنشر حصرا نتائج الانتخابات التشريعية والرئاسية في ظل سيطرة السلطة على شبكة الانترنت. وتحدثت عن تزايد ممارسات وسلوكيات التلاعب، موضحة أن "عدم تصنيف موقع تويتر لحساب وكالة الأناضول كمؤسسة تابعة للدولة على الرغم من سياسته الخاصة بتصنيف الحسابات التابعة للسلطات، أمر يدعو للقلق". وقالت المنظمة إنه من المتوقع أن "تشكل وكالة الأناضول المرجع الأول لنتائج انتخابية لصالح السلطة الحاكمة بما يشمل ادعاءات مبكرة بفوز الحزب الحاكم وهو ما قد يتعارض بشكل كبير مع شهادات المنظمات الرقابية المستقلة". واستندت هيومن رايتس ووتش إلى رأي ديبورا براون الباحثة التقنية الأولى في المنظمة والتي قالت "كثفت الحكومة التركية جهودها لتشديد الرقابة وفرض الرقابة على وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية المستقلة على الإنترنت قبل الانتخابات". وتابعت إنه "على الرغم من جهود الحكومة للسيطرة على الشركات، ستختبر الانتخابات ما إذا كان بإمكان الناخبين في تركيا الاعتماد على وسائل التواصل الاجتماعي للوصول إلى الأخبار المستقلة والتعبير عن آرائهم بشأن الانتخابات ونتائجها". واحتكر الرئيس التركي في انتخابات 2018 منصات التواصل الاجتماع وسائل الإعلام المحلية التابعة للدولة وموارد الدولة والساحات العامة في حملته الانتخابية وهو ما كرره في الانتخابات الحالية.
مشاركة :