مثّل شهر يناير/كانون الثاني تحدياً للأصول العالمية ذات المخاطر، حيث شهدت العديد من مؤشرات الأسهم الرئيسية أسوأ بداية عام في مرحلة ما بعد الأزمة العالمية، على الرغم من أن الأسواق المالية أنهت يناير بصورة أكثر إيجابية، واستعادت بعض الخسائر التي تكبدتها خلال الشهر. ما زال هناك مخاوف بشأن السلع ونمو الأسواق الناشئة، خاصة حول قوة الاقتصاد الصيني، وهو ما دفع أسواق الأسهم لانخفاض حاد. وجاء أداء الأسهم في الأسواق الناشئة بشكل عام دون أداء نظيراتها في الأسواق المتقدمة. وانخفضت أسعار النفط إلى مستوياتها خلال الأزمة المالية 2008/ 2009 بعد زيادة التأثير المحتمل لزيادة الإنتاج الإيراني على آليات العرض والطلب والتي كانت وراء الكثير من التقلبات في قطاع الطاقة في عام 2015. وكانت عوائد المؤشرات المستفيد الرئيسي عالمياً في هذه الظروف، خاصة بعد قيام بنك اليابان المركزي بتحديد سعر فائدة سلبياً لتحفيز الاقتصاد وتحقيق المستوى المستهدف للتضخم. وأدى ذلك إلى انخفاض سعر صرف الين، ومحو ارتفاعه السابق فعلياً، كما ساعد على تحقيق مكاسب كبيرة للدولار الأمريكي، في حين انخفضت العوائد على سندات الخزانة الأمريكية (10 أعوام) بنحو 39 نقطة أساس. وعلى الصعيد العالمي، قام صندوق النقد الدولي بمراجعة توقعات النمو لعامي 2016 و 2017، بخفض 0.2 نقطة مئوية، حيث أصبح معدل النمو المتوقع 3.4٪ لعام 2016، و3.6 للعام2017، وقال صندوق النقد الدولي أيضا إن أي انتعاش في النمو الاقتصادي من المرجح أن يكون تدريجياً خاصةً بالنسبة للاقتصادات النامية. وفي بيئة يسودها تجنب المخاطر، استفادت أسواق الدخل الثابت من الانخفاض العام في العائدات رغم أن اتساع الهوامش أدى إلى انخفاض مؤشرات العائد المرتفع. في ظل هذه الظروف، كان أداء الأوراق المالية ذات الدخل الثابت في الأسواق الناشئة مخيبا للآمال بشكل عام حيث بلغت عوائد مؤشر جي بي مورغان لسندات الأسواق الناشئة عالمي متنوع (EMBIGD) % -0.17، في حين بلغت عوائد مؤشر سيتي غروب العالمي للسندات الحكومية نسبة 1,31% (كلاهما بالدولار الأمريكي). وأظهر مؤشر ذا ماركيت آي تراكس كروس، وهو معيار لقياس الضغوط على فئات الاستثمار الفرعية في أسواق الائتمان، ارتفاعاً في شهر يناير، ما يعكس زيادة حالة عدم اليقين وتراجعاً في حماس المستثمرين. تأثير سلبي في 2016 سجل مؤشر سيتي بنك الشرق الأوسط وشمال إفريقيا انخفاضاً في يناير ليسجل عوائد -0.87%، ويتراجع أداؤه مقارنة بمؤشر جي بي مورغان لسندات الأسواق الناشئة، عالمي متنوع، بينما ظل مؤشر داو جونز للصكوك في نفس المستويات إلى حد ما. وتضمنت تعديلات توقعات صندوق النقد الدولي لهبوط النمو العالمي تعديلات لتراجع معدل النمو في اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي أيضاً. خلال عام 2015، بدأت الحكومات في دول مجلس التعاون الخليجي بتنفيذ إصلاحات مالية عديدة، تماشياً مع انخفاض أسعار النفط والغاز، ولتنويع وتعزيز اقتصاداتها. وشملت مثل هذه الإجراءات بعض التخفيضات في الإنفاق العام، ورفع الدعم عن بعض السلع وزيادات في الضرائب. وفي الآونة الأخيرة تبحث بعض الوزارات في السعودية خيارات لخصخصة المستشفيات والمدارس. وفي حين اعتبرت هذه الإصلاحات وغيرها ضرورية من قبل معظم المراقبين في السوق، نلاحظ أيضا أن هذه المبادرات سيكون لها تأثير سلبي على النمو لهذه الاقتصادات على المدى القصير، لا سيما بالنسبة لعام 2016. الجدير بالذكر، كان مؤشر مديري المشتريات (PMI) في كل من السعودية والإمارات يتجه نحو الانخفاض في نهاية عام 2015. وفي السعودية، خفض صندوق النقد الدولي تقديرات النمو بمقدار 100 نقطة أساس إلى 1,2% في عام 2016. ومع استمرار الإصلاحات، تواصل انخفاض احتياطي المملكة من العملات الأجنبية. وتشير بيانات ديسمبر/كانون الأول إلى انخفاض شهري بما يقدر ب 19 مليار دولار أمريكي، مع انخفاض سنوي يقدر ب 116 مليار دولار، ما يعني تراجع احتياطي العملات الأجنبية إلى أدنى مستوى لها منذ منتصف العام 2012. مع ذلك، تعتبر مستويات الاحتياطي الحالية والتي تقارب 616 مليار دولار كافية إلى حد ما، حتى تحت الضغط الناجم عن استمرار ضعف العائدات النفطية. وساعدت المحادثات بين السعودية وروسيا لتحقيق مستوى من التعاون في سوق الطاقة على تهدئة بعض المخاوف الاقتصادية. نظرة مستقبلية للأسواق كانت الاستجابة الرئيسية لانخفاض أسعار النفط في اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي هي الاستفادة من المخزونات المالية بطريقة لمواجهة التقلبات الدورية. مع ذلك، فمن المهم أن نلاحظ أن هذه الاستجابة تلتها صرامة في الانضباط والتدعيم المالي. ومن المرجح أن تحقق هذه التحركات فوائد على المدى الطويل كما ذكرنا سابقا، لكن يمكن أن تتسبب على المدى القصير بتباطؤ في النمو الاقتصادي. ويتوقع أن يشهد النمو العالمي تراجعاً خلال العام، كما تشير مراجعات صندوق النقد الدولي، وهو ما يزيد من أهمية الإصلاحات الاقتصادية على المديين المتوسط والطويل لتحسين وضع دول مجلس التعاون الخليجي حتى تصبح الظروف العالمية أفضل. ونرى أن إدخال الضريبة والتغييرات في أسعار منتجات الطاقة والخدمات مثل زيادة أسعار البنزين للمستهلك في المملكة العربية السعودية تعتبر تحركات إيجابية، وتمثل تطوراً أفضل للأسواق عما كان عليه الوضع قبل عام. يمكن تفسير الحساسية التي أبدتها أسواق الدخل الثابت بدول مجلس التعاون الخليجي فيما يتعلق بتراجع أسعار النفط في الأشهر الأخيرة، والتي أدت إلى بعض التراجع في الأداء، إلى أسباب نفسية لحد كبير ويمثل تشويشاً مؤقتاً في رأينا. وكما ذكرنا في التعليقات الأخيرة، فهذه الفئة من الأصول لا ترتبط بشكل مباشر مع النفط، حتى بالمقارنة مع المناطق والأسواق الأخرى التي تكون أقل ارتباطاً بسلع الطاقة. ويميل أداء السندات وعوائد الاستثمار في الأسواق الناشئة إلى إظهار ارتباطات أقوى على المدى الطويل مع أسواق الدخل الثابت في دول مجلس التعاون الخليجي.
مشاركة :