يعتزم المؤتمر الأوروبي للحاخامات (CER) نقل مقره الرئيسي من لندن إلى ميونخ، التي اعتبرها النازيون يوما ما "عاصمة حركتهم". ماذا يعني هذا القرار بالنسبة للحياة اليهودية في ألمانيا؟ في خطاب استلام الجائزة، أكد زودر أن الحياة اليهودية يجب أن تتطور بحرية وبدون خوف. ووعد قائلاً: "أي شخص يهدد الحياة اليهودية والحرية يجب أن يتوقع مقاومتنا. نحن لا نتسامح مع التعصب". في خريف هذا العام، وبعد مرور 67 عاما على تأسيس مؤتمر الحاخامات الأوروبي (CER) في لندن، يخطط المؤتمر لنقل مقره الرئيسي إلى العاصمة البافارية، ميونخ، حيث ينوي المؤتمر فتح "مركز لحياة اليهود" يوفر برامج تعليمية تخدم في الدرجة الأولى حوالي 1000 حاخام أوروبي. أعلن عن ذلك في 9 أيار/ مايو، خلال منح قادة المؤتمر رئيس وزراء ولاية بافاريا ماركوس زودر "جائزة اللورد جاكوبوفيتش" لالتزامه "المتميز في حماية وتعزيز الحياة اليهودية في أوروبا". وفي وقت سابق في نهاية أيار/ مايو 2022، التقى حوالي 500 حاخام من (CER) من أكثر من 40 دولة في ميونخ لعقد جمعيتهم العامة لأول مرة في العاصمة البافارية. "جنون حقيقي"؟ ميونخ، هي المدينة التي بدأ فيها الديكتاتور النازي أدولف هتلر صعوده إلى السلطة في العشرينيات من القرن الماضي. واعتبرت فيما بعد من قبل النازيين "عاصمة الحركة". ميونخ، ثالث أكبر مدينة في ألمانيا، أيضا المدينة التي قتل فيه أحد عشر رياضيا إسرائيليا في هجوم إرهابي لجماعة "أيلول الأسود" الفلسطينية خلال الألعاب الأولمبية عام 1972. رئيس المؤتمر، الحاخام بينخاس غولدشميدت، الذي كان الحاخام الأكبر لموسكو حتى بداية الحرب الروسية ضد أوكرانيا، قال إنه عندما سمع لأول مرة بفكرة نقل المقر الرئيسي للمؤتمر إلى ميونخ، ظنها "ميشوغا حقيقية" (باليديشية لغة يهود أوروبا ميشوغا تعني "مجنونة"). وقال إن ميونخ بالنسبة له، كانت في المقام الأول "المدينة التي تم التخطيط فيها لليلة الزجاج المكسور (ليلة الكريستال)"، مشيرا إلى الليلة التي بدأت فيها مذابح اليهود في ألمانيا في 9 تشرين الثاني/ نوفمبر 1938، عندما تم تدنيس الكنائس اليهودية في "الرايخ الثالث"، وتم تدمير ممتلكات اليهود وقتل الكثير منهم. والآن، يتحدث غولدشميدت عن "شجاعة بداية جديدة"، حيث تحتضن ميونخ "إحدى أكبر وأهم المجتمعات اليهودية في ألمانيا". انتهى العمل في تشييد كنيس أوهيل جاكوب في وسط مدينة ميونيخ القديمة في عام 2006 كجزء من المركز اليهودي الجديد "مخاوفكم هي مخاوفنا" شارلوت كنوبلوخ، البالغة من العمر 90 عاما، والتي كانت رئيسة المجلس المركزي لليهود في ألمانيا سابقا، تحدثت في حفل منح الجائزة إلى ماركوس زودر، مستعيدة ذكرى الهجوم على كنيس في مدينة هالة شرق ألمانيا في 9 تشرين الأول/ أكتوبر 2019، في عيد يوم الكيبور (عيد الغفران). وتحدثت عن الصدمة والخوف الذي شعر به جميع اليهود في ألمانيا في تلك الساعات، بما في ذلك أولئك الذين تجمعوا في كنيس ميونخ لأداء الصلاة. وأشارت كنوبلوخ إلى أن زودر سارع إلى الاتصال بها بعد الهجوم، ثم قام بزيارة للجالية اليهودية في ميونخ، ووعد بتقديم مساعدة مالية لتحسين الحماية. "مخاوفكم هي مخاوفنا أيضا"، قال زودر. وحتى اليوم، يقوم بزيارات متكررة لكنيس ميونخ، وفقا لشارلوت كنوبلوخ، حيث وصفت زودر بأنه "حليف مخلص للمجتمع اليهودي في بافاريا"، و"قديس حامي" لهم. جرى الإعلان عن قرار نقل المؤتمر من لندن إلى ميونخ في هذا السياق. وأكد الحاخام غولدشميدت على أهمية المخاوف الأمنية، مشيرا إلى أنه يشعر بالانفتاح وتقبل لليهود في ميونخ. يأتي هذا القرار في وقت تترسخ فيه الحياة اليهودية في ألمانيا، على الرغم من ارتفاع عدد الأحداث المعادية للسامية . يتم تدريب وتأهيل الحاخامات الليبراليين والمحافظين والأرثوذكسيين في ألمانيا ثم يخدمون في العديد من الدول الأوروبية. كما يمكن سماع المزيد من الأصوات اليهودية في النقاش العام وفي وسائل الإعلام. يجري تشييد متحف يهودي جديد MIQUA في قلب مدينة كولونيا "لا" تسامح مع غير المتسامحين هناك مشاريع معمارية كبيرة في العديد من المدن الألمانية: في برلين، تم بناء "مجمع بيرز اليهودي" بتكلفة 40 مليون يورو (43.8 مليون دولار) وسيفتتح في نهاية حزيران/ يونيو. في فرانكفورت، يتقدم العمل في بناء "الأكاديمية اليهودية"، وفقًا لمديرها دورون كيسيل، حيث من المقرر الانتهاء منها في نهاية عام 2024 وافتتاحها مخطط له في بداية عام 2025. وفي كولونيا، يتم بناء متحف يهودي جديد في وسط المدينة القديمة والعمل عليه مستمر منذ سنوات. يعتبر أندرياس ناخاما، المؤرخ والحاخام اليهودي في برلين، أن هذه المشاريع تجسد بعدا جديدا للحياة اليهودية في ألمانيا. وقال: "قبل سبعين عاما، كانت هناك ترتيبات مؤقتة"، مشيرا إلى مثال كنيس فرينكيلوفر في برلين، الذي يقع في جناح من المبنى السابق الذي تعرض لأضرار شديدة خلال أحداث "ليلة الكريستال" في تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1938 وخلال الحرب العالمية الثانية. وأضاف: "الآن الأمر مختلف تماما"، مشيرا إلى أنه تم تخطيط المباني الجديدة لتكون دائمة وتمثل المجتمع اليهودي. ومع ذلك، أكد ناخاما أنه يرى أن المباني الجديدة هي "الجانب الخارجي" فقط، وأن المدارس الدينية والمسارح اليهودية والنوادي الرياضية اليهودية والمطاعم مهمة أيضا. من جانبه وصف أندري كوفاكس، المدير التنفيذي لجمعية "1700 عاما من الحياة اليهودية في ألمانيا"، مركز المؤتمر اليهودي الجديد في ميونخ بأنه "علامة عظيمة ولحظة تاريخية للحياة اليهودية في ألمانيا". في خطاب استلام الجائزة، أكد زودر أن الحياة اليهودية يجب أن تتطور بحرية وبدون خوف. ووعد قائلاً: "أي شخص يهدد الحياة اليهودية والحرية يجب أن يتوقع مقاومتنا. نحن لا نتسامح مع عدم التسامح والتعصب". كريستوف شتراك/ ع.خ
مشاركة :