إن كانت مهنة صيد الأسماك من المهن التي ظلت وما زالت حكرا على الرجال، إلا أنها ليست كذلك في جزيرة "قماح"، إحدى الجزر الثلاث المأهولة بالسكان من جزر أرخبيل فرسان التي يزيد عددها على 200 جزيرة، حيث يمتهن بعض النسوة الصيد منذ عشرات السنين مشاركة منهن في توفير الغذاء ولقمة العيش لأسرهن، خاصة عندما يذهب رب الأسرة في رحلة الصيد التي قد تمتد لعدة أيام في بعض الأحيان، وذلك من خلال صيد الأسماك وبيعها بعد توفير الكميات الكافية منها لأفراد أسرهن. وتعد مهنة صيد الأسماك من أهم المهن التي عرفت بها منطقة جازان، كغيرها من المناطق الساحلية الأخرى، على امتداد سواحل البحر الأحمر والمنطقة الشرقية، بصفتها واحدة من أبرز المهن التي يعمل بها كثير من أهالي تلك المناطق. وتبدأ عملية صيد الأسماك من قبل نساء الجزيرة مع ساعات الصباح الأولى، بتجهيز شباك الصيد وغيرها من المستلزمات، والتوجه إلى مواقع الصيد على شواطئ الجزيرة التي عادة ما تكون على مقربة من منازلهن، ليقمن عند وصولهن بنصب الشباك والانتظار فترة زمنية قد تطول أو تقصر، بحسب وفرة السمك في موقع الصيد، والعوامل الجوية والمناخية المصاحبة، وهن يقمن بتحريك المياه بين الفينة والأخرى باتجاه الشباك، ما يجعل الأسماك تتجه إلى الشباك ويتم اصطيادها. وبعد اكتمال فترة الصيد يقمن بجر الشباك وجمع كميات الأسماك وهن يرددن عديدا من الأهازيج والأناشيد ترويحا عن النفس وتخفيفا من عناء ومتاعب رحلة الصيد، ومن ثم يتم أخذ كميات الأسماك والاستفادة منها ببيعها أو استخراج زيت السمك الذي يستخدم في علاج بعض الأمراض، وتباع العبوة منه بأكثر من ٥٠ ريالا. ولا يقتصر عمل السيدات في مهنة الصيد البحري على صيد الأسماك، بل يتعداه لصيد بعض الأنواع من القواقع والأصداف وبعض الكائنات البحرية ذات الأشكال الرخامية التي يستخدمنها في صناعة الأساور وتزيين الحقائب النسائية وغيرها من المشغولات اليدوية.
مشاركة :