علي شندب يكتب: نتنياهو يحيّد حماس ليذبح الجهاد

  • 5/14/2023
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

غزّة تحت القصف، توصيف تعميمي وتضليلي لحقيقة الحرب الصهيونية على القطاع. فالعدوان المجرم كشف بوضوح لا لبس فيه، أن ما يجري هو تصفية فعلية لسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد. بدون شك الحرب الإسرائيلية على حركة الجهاد تشرّفها، لأنها ما خُلقت منذ تأسيسها بقيادة الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي الا لمقارعة الكيان الصهيوني وعلى أرض فلسطين، ولهذا كان استشهاد الشقاقي واستهدافه المبكر نتيجة إدراك إسرائيلي عميق بحقيقة الجهاد ومشروعها التحريري لكل فلسطين. بدون شك أيضاً، كشفت الحرب الإسرائيلية الثانية على سرايا القدس، أن ما يجري في غزّة هو حرب إستئصالية لحركة الجهاد. هذا ما أكده نتنياهو ووزير دفاعه وقادة الجيش الإسرائيلي. ببلاغة كاملة قال نتنياهو إن الحرب تستهدف حركة الجهاد، ولا تستهدف حماس، التي يبدو أنها بحسب تصريحات إسرائيلية فقدت قدرة الضغط على حركة الجهاد لفرض وقف إطلاق النار. أكثر من ذلك يجزم الصهاينة كما الوقائع الميدانية، بعدم انخراط حماس في القتال، والتزامها الحياد في الحرب ضد الجهاد. تسليط الضوء على هذا السلوك الحمساوي، يكشف بوضوح انخراطها في المقاومات الاستعراضية الصوتية والدعائية لا غير. ولعلّ صواريخ جنوبي لبنان التي نُسبت لحركة حماس تزامناً مع زيارة رئيسها اسماعيل هنية الى بيروت الشهر الماضي، يكشف أن وصف مقاومة حماس بالاستعراضية ليس تجنياً عليها، بل يظهر حقيقة فعلتها من جنوبي لبنان، كما أن صمت حتى صواريخها الصوتية من غزّة حالياً، يبدو أقرب الى إباحة دم الجهاد وقياداتها ليفعل بهم نتنياهو ما يشاء، إغتيالاً وقصفاً وتدميراً. عندما أطلقت حماس صواريخها الصوتية على مناطق خالية شمال فلسطين المحتلة، سارع قادة الكيان الإسرائيلي الى تبرئة حزب الله من الصواريخ. ثم توالت تصريحات ومقالات منفوخة تقول بأن صواريخ حماس اللبنانية كانت تعبيراً عن التدشين العملي لوحدة الساحات أي الجهاز العسكري الميداني الموّحد لمحور الممانعة الذي سيتحرك في أي معركة مقبلة مع الكيان الصهيوني. لكن وقائع الحرب الحالية، بيّنت أن تصفية حركة الجهاد إنطلاقاً من غزّة، تدحض صدقية ومصداقية وحدة الساحات ومحور الممانعة معاً. صدقية ومصداقية عزّزهما تحوّل قائدة وحدة الساحات حسن نصرالله الى محلّل سياسي يطلّ على الجمهور من منصّة ذكرى مصطفى بدر الدين، موصّفاً حرب غزة ويختصرها بأن نتنياهو يريد الهروب من مشاكل الجبهة الإسرائيلية الداخلية المهتزّة. توصيف نصرالله للعدوان على غزّة بدا أقرب الى موقف حركة حماس من التضامن مع الجهاد. ثمّة قائل يقول، لكن حركة الجهاد هي تنظيم يدين بالولاء لإيران وقائدها علي خامنئي، وبالتالي فإنّ ما يجري ليس تخلياً عنها، بل تكتيك ما بعد استراتيجي يعتمده محور المقاومة في المواجهة الطويلة مع إسرائيل! ولاء حركة الجهاد لإيران، هوالشمّاعة أو السلاح الذي يذبح به نتنياهو قادة الجهاد. ومع هذا فمحور إيران وأذرعها لم يتحركوا قيد أنملة في الدفاع عن أحد أضلاعهم البارزين وهو يتعرض لمعركة استئصالية. بمعنى آخر، نتنياهو يستأصل حركة الجهاد بوصفها الأكثر أيرنة بين أذرعة إيران في المنطقة، بل وأكثر أيرنة من حماس! لكن هل فعلاً، ولاء حركة الجهاد هو لإيران، أم لفلسطين؟ وهل لو كان فعلاً ولاء الجهاد لإيران، لفعل نتنياهو وجيشه فيها الأفاعيل؟ لتأصيل مسألة ولاء الجهاد وغيرها لإيران، يفيد إنعاش الذاكرة بما سبق وأورده قائد مقر خاتم الأنبياء في الحرس الثوري الجنرال غلام علي رشيد، نقلاً عن قائد فيلق القدس قاسم سليماني الذي وقبل اغتياله بثلاثة أشهر سبق وأبلغ قادة القوات المسلحة الإيرانية، بأنه “قام بدعم من الحرس الثوري والجيش الإيراني بتأسيس وتنظيم ستة جيوش خارج الأراضي الإيرانية تحمل ميولاً عقائدية.. ومهمتها الدفاع عن طهران”. وبوضوح عار من كل التباس، عدّد غلام رشيد قائمة الجيوش التي يتصدّرها حزب الله، لتحلّ حركتا حماس والجهاد الفلسطينيتان ثانياً، ثم الجيش السوري، والحشد الشعبي في العراق، وأخيراً الحوثيون في اليمن. وإذا كانت تصريحات اللواء غلام علي رشيد لم تصب حزب الله بأي حرج سيّما وأن أمينه العام حسن نصرالله جاهر مراراً بأنّه “جندي في جيش الولي الفقيه”. وفيما لم يصدر أي تعليق عن الجيش العربي السوري، فمؤكد أن يكون موقف الحوثيين متطابقاً مع حزب الله، في حين أن فرزاً حقيقياً أصاب الحشد الشعبي، أدّى لما بات يعرف بحشد الولاية وحشد المرجعية. لكن الحرج الحقيقي أصاب حركتي حماس والجهاد الفلسطينيتين بمقتل، سيّما وأن غلام رشيد أظهرهما بمظهر المرتزقة وكأنهم مجرّد بندقية للإيجار، لا يقاتلون لأجل فلسطين والقدس، إنما لأجل من يموّلهم. وفيما لاذت حماس يومها بالصمت إزاء تصريحات قائد مقر خاتم الأنبياء، لم تستطع حركة الجهاد الفلسطينية بلع الفضيحة، فردّت ببيان مسهب عكست فيه حقيقة علاقتها مع طهران بالقول “إن تحالفها مع الجمهورية الإيرانية الإسلامية هو في مواجهة إسرائيل واحتلالها لفلسطين، ولا يرتبط بأي أهداف أخرى”، بيان الجهاد أحرج قادة ايران فأوعزوا لوكالة مهر الإيرانية لحذف تصريحات غلام رشيد عن موقعها الإلكتروني. بالعودة إلى صواريخ حماس اللبنانية، فقد أكدت الوقائع السياسية اللاحقة، أن الهدف منها لم يكن سوى توجيه رسالة ليس لإسرائيل، وإنّما للدول العربية عشية زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى دمشق حيث أعدّ له استقبالا مذهبيا. رسالة تقول بأن وجود إيران في سوريا والمنطقة بات راسخاً في الوجدان السوري وشعوب المنطقة. ما يعني أن وحدة الساحات كما تُنبئنا الحرب على حركة الجهاد وذراعها العسكري سرايا القدس، خصوصاً بعد الاتفاق السعودي الإيراني موجهة للدواخل العربية المعنيّة، وليس للكيان الصهيوني الذي لم يرتجف نتيجة الصواريخ الصوتية والشعارات الجوفاء بالقدرة على تدمير إسرائيل. عبرة الحرب الاستئصالية على الجهاد، تقول بأن نتنياهو نجح حتى الآن في الفصل والتمييز بين الفصائل الفلسطينية وتحييدها عن المعركة، ولعلّ تحييد حماس الجاحظ للعميان أسطع دليل على ذلك، سيّما وأنّ حماس لم يعد يهمّها من فلسطين إلّا حكم دولة غزّة الموعودة. ترى، ماذا لو نجح نتنياهو غداً في الفصل بين العائلات والأسر والبيوتات الفلسطينية؟

مشاركة :