إن كنت تود أن تكون ناجحا بقية حياتك أو أن تكتسب علاقات مختلفة وتتطور وتشارك في الحياة بطرق فعالة؛ بحيث تكون حياتك حافلة وهادفة، فلا محال من أن تمر ببعض تجارب الفشل. ولا يوجد استثناء لهذه القاعدة، فالنجاح الفائق يسبقه الفشل أولاً، ولكن على أن يتم النظر إلى الفشل مـن منظور مختلف تماما. كيف لك أن تستثمر قوة الفشل لكي تصل إلى النجاح؟ إن الفشل هو إحدى الكلمات المروعة في اللغة. ففكرة الفشل بذاتها تكفي لعرقلة الطريق أمام بعض الناس؛ فمن الممكن أن يدفع الفشل أغلبية الناس لأن يكفوا عن العمل أو أن يتراجعوا ببساطة دون دون ان يكلفو نفسهم بالمحاولة، ومن ناحية أخرى، فالنجاح يعد تقريبا فكرة خيالية بالنسبة لمعظم الناس حيث يعتقدون أن إمكانية النجاح ما هي إلا وهم وخرافة، ولكن الناس يفضلون عادةً أن يعرفوا بأنهم شخصيات ناجحة، وغالبا ما يضحون كثيرا من أجل تحقيق هذه الغاية. وعلى الرغم من أن بعض الناس يكرهون الإشارة إليهم على أنهم فاشلون ويحبون أن يعرفوا بأنهم شخصيات ناجحة، فإن أغلب أعظم النجاحات في الحياة يتم تحقيقها عن طريق الفشل الظاهري فقط. ونلاحظ أن عادة الشخص هو الذي يقوم بتحديد نجاحه أو فشله من منظوره هو فقط وليس من منظور المحيطين به. فعلى سبيل المثال، جميعنا يتذكر قصة الأطفال الكلاسيكية "البطة القبيحة" والتي كتبت بقلم "هانز كريستيان أندرسن". ففي هذه القصة، نجد أن أحد الطيور في مجتمع البط يسخر منه الآخرون بصورة مستمرة؛ لأنه مختلف عنهم بشكل كبير؛ حيث كان تتم معاملته ككائن فاشل بشكل كلي. ونتيجة لذلك، أصبح يرى نفسه على هذه الصورة "الفشل". وبالتالي؛ فقد شعوره بالأمل وغلبه اليأس، وقرر الهرب من مشكلاته بدلا من محاولة التغلب عليها. وفي النهاية، تعلم هذا الطائر "البطة القبيحة" أن اختلافه عن الآخرين لم يكن كارثة كما كان يعتقد. فعندما رأى أخيرا انعكاس صورته في البركة واكتشف أنه كائن رائع، حينها تبدد فشله الظاهري في الحياة تماما. وربما تعكس هذه القصة الحقيقة الأساسية عما نطلق عليه "الفشل"؛ فهو غالبا ما يكون عدم تفهم للاختلاف بين ما هو فعلي ولا نلاحظه (مثل التطور واكتساب المعرفة عندما نعجز عن الوصول إلى هدف ما وبين ما ندركه أو نحققه لاحقا وما يعرف بالنجاح طويل المدى). وبالطبع، يرتبط أحيانا الفشل بنقص الكفاءة في الأداء المطلوب لمواجهة تحد معين، ولكن من الممكن أن يصبح الفشل وسيلة قوية لاكتساب المعرفة والتزود بكل ما هو لازم لكي يحقق النجاح والتقدم في هذه الحياة. وفي النهاية، يمكننا أن نعلم أن ما يطلق عليه معظم الناس إخفاقات هو دائما مجرد عثرات مؤقتة تقدر على أساس بعض المعايير العشوائية، كما أنها تشكل جزءا أساسيا في الحياة؛ فهي عادة ما تكون مجرد تحديات يواجهها الإنسان. وهذا الفهم يساعدنا في التوصل إلى أن الإخفاقات الحقيقية تحدث فقط عندما لا نواجه التحديات ولا نبذل الجهد المطلوب ولا نحاول أن نقوم بأي محاولة، أو حتى عندما نرفض الاستفادة من عثراتنا. فإن تغيير نظرتنا للحياة هي غالبا مفتاح الوصول إلى النجاح من خلال ما يبدو وكأنه فشل. لقد كان هناك معتقد خاطئ بأن التفكير الايجابي والمتفائل شيء غير واقعي ولكن قد توصل البحث إلى أننا بالفعل يمكننا أن نتمتع بصحة أفضل ونعيش حياة أكثر سعادة ونجاحا إذا ما كنا نستطيع أن نتعلم استنباط الحلـول مـن المشكلات. فالمشكلات التي نواجهها يمكن أن نحولها بعد ذلك إلى صالحنا؛ فهي تمدنا بفرص لنقوم بالتطور الشخصي، كما أنها قادرة على تحفيز قدرتنا الإبداعية حتى نجد طرق أفضل للعيش. فننتقل بشكل رائع من الفشل إلى النجاح. وبالتالي؛ نصبح قادرين على الطيران والتحليق عاليا فــوق الذين كانوا يعاملونا بسخرية وجفاء. ونحن أيضا يمكننا أن نحيا تماما ككائنات رائعة إذا استطعنا إدراك أن التحديات هي فرص تعلم مقنعة، وأن الاختلافات ميزة في حد ذاتها، والأخطاء فرص لاكتساب المعرفة. فعندما نبذل قصارى جهدنا ونعزم على أن نكتسب المعرفة، فإننا نحقق النجاح دائما، حتى إن لم تكن النتائج المرغوب فيها. فإنها وببساطة جدا طريقة بسيطة ولكنها في الوقت نفسه عميقة لتحويل ما يبدو كفشل إلى نجاحات؛ فهي تحتوي على طرق عملية لمواجهة بعض أكثر العثرات شيوعاً في الحياة بنجاح.
مشاركة :