التشكيلية الفرنسية سيسيليا بيتريه Cécilia Pitré: السعودية غنية بالمواهب الإبداعية وأفكر دائماً خارج الصندوق 

  • 5/16/2023
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

سيسيليا بيتريه فنانة تشكيلية إيكولوجية فرنسية، حملت قضايا الأرض والبيئة والإنسان، وتنقَّلت بها عبر عواصم العالم، لتحطَّ رحالها في الرياض، العاصمة السعودية، التي تؤكد بأنها محطتها الأخيرة قبل العودة إلى الوطن. في شخصيتها تجمعُ أدواراً عدة، وتعشقُ كثيراً التوثيق، لذا حدَّثت العالم عن السعودية الجميلة من خلال فيلمٍ وثائقي خاصٍّ بعد أن بحثت عن الإلهام في كل مناطق البلاد التي زارتها من أجل التعرُّف على ثقافاتها، وأنماط حياة أهلها، والتفاعل معهم عبر حضور فعالياتٍ متنوعةٍ، ارتدت خلالها الأزياء الشعبية السعودية، ووثَّقت رحلاتها عبر منصات التواصل الاجتماعي.   بدايةً، عرِّفينا على سيسيليا بيتريه؟ فنانة تشكيلية فرنسية، تحمل رسالة بيئية واجتماعية وثقافية هادفة، ومختصَّةٌ بالعلاقات العامة، والتسويق والضيافة، ومدربةٌ في أكاديميةٍ مستقلةٍ لخدمات الاستقبال والترحيب وتطوير الأعمال والمفاهيم والتشغيل في قطاعات الفنادق والأغذية والمشروبات، والمشروعات المستدامة، والمسؤولية الاجتماعية للشركات، واستخدام منصات التواصل الاجتماعي، إلى جانب تنظيم أحداثٍ فنيةٍ وثقافية، وعروضٍ إبداعيةٍ وأخرى للموضة، وتقديم محاضراتٍ وحواراتٍ فنيةٍ، لا سيما فيما يتعلَّق بالتعريف بالفن البيئي والاستدامة، ونشر التوعية. يمكن اختصاري بعبارة «خبيرة إبداعية في تعزيز تجارب أسلوب الحياة الفاخرة»، مع مراعاة مبدأ الاستدامة الذي أنادي به دائماً. أحبُّ البدء من الصفحات الفارغة حتى أتمكَّن من التفكير والتصرُّف بشكلٍ خلَّاقٍ، والتعاون مع الآخرين لتقديم تجارب لا مثيل لها. أحاول فهم كل ما من شأنه أن يجعلنا مختلفين، ويعزِّز الفرص لاستقطاب الخبراء ودعم مهمتي، وأفكر خارج الصندوق من أجل استكشاف الاحتمالات والفروق الدقيقة المخفية التي قد تكون موجودةً في أحياءٍ، أو مواقع مختلفة، وأدرك تماماً الحاجة إلى فهم الاتجاهات والأذواق الحالية، لذا أحيط نفسي بأفرادٍ متشابهين في التفكير للمساعدة في تحقيق نقاط اتصالٍ محتملةٍ ومتنوعة. تايلاند كانت تجربةً رائعةً، وتناسب تماماً سيسيليا. كنت بين 20 و35 عاماً حينها، أي في بداية مسيرتي، وفيها وجدت الحرية والمرح والمتعة، وهي بلاد جميلة، وتكاليف الحياة فيها منخفضة. تعلَّمت الكثير هناك، بعدها أردت أن أرى الحياة من منظارٍ مختلفٍ، ودفع مسيرتي المهنية، فتوجَّهت إلى مسقط، إذ كنت دائماً مهتمةً بعمق الثقافة العربية، حيث سافرت مراتٍ عدة إلى هذا الجزء من العالم، وأقصد دبي، أبو ظبي، البحرين، عمان ودولٍ ومدنٍ أخرى في المنطقة. لقد علَّمتني عُمان الكثير عن الحياة في الشرق الأوسط، خاصةً الثقافة والمعتقدات، لكنَّ التطور الوظيفي لم يكن ممكناً لي هناك، لا سيما بعد أن دمَّر فيروس كورونا كل الفرص بالنسبة لي في هذا البلد. قبل يومٌ واحدٌ من حجر «كوفيد 19». تلقَّيت عرضا لمنصبٌ رفيعٌ في ضيافةٍ عائليةٍ محلية، وفرصةٌ لجلب خبرتي في مجال الأغذية والمشروبات والتسويق لتطوير العلامة التجارية، وتوسيع نطاقها، وفتح منفذٍ جديدٍ «بأسلوبٍ» مختلف، لذا جئت إلى السعودية «بعد الحجر»، وبدأت هذا الفصل الجديد والمغامرة الشيقة في أكتوبر 2020.   يبحث الفن دائماً عن الإلهام، ومَن تكون في داخلك، وبيئتك، والأشخاص المحيطين بك. تجربة العلا، كانت تجربةً مذهلةً وغامرةً، وأبهرتني فيها المناظر الطبيعية، والأنشطة المليئة بالمغامرة، وكنت محظوظةً للغاية لحضور فعالياتٍ فنيةٍ مختلفةٍ، ومتابعة كأس الإبل، فأنا أحبُّ الإبل. كذلك سافرت كثيراً بمفردي، لا سيما بالسيارة، لأنني أحبُّ الرحلات الطويلة، إلى الدمام، الجبيل، الأحساء، القصيم، بريدة، والمدينة المنورة، وعلى قائمتي الآن الباحة، الطائف، تبوك ونيوم. ما رأيك بمتابعة اللقاء مع الفنانة التشكيلية باولا أنزيكا: قبل الحياكة اليدوية أبحث وأتعمق في النصوص والصور   الزي هو الفن، ويتمُّ من خلاله إظهار الهوية والجذور بفخرٍ، فالملابس تجعلنا نسافر مكانياً وزمانياً، وأنا أحبُّ ارتداء كل الملابس التراثية السعودية، ولا أفضِّل واحدةً منها على الأخرى، لأن كل زي يعبِّر عن منطقةٍ معينة، وتاريخٍ محدَّد. أنا أصمِّمها، وأقوم بكل شيءٍ ما عدا الخياطة. التصميم، واختيار الأقمشة والرسومات، واللمسات الإبداعية اليدوية النهائية، أفعلها جميعاً، وكما أرتدي في بعض الفعاليات عباياتٍ ليست من تصميمي، بل لمصممين سعوديين رغبةً مني في دعم السكان المحليين، والظهور من خلال إبداعاتهم، إلى جانب حبي للألوان التي يستخدمونها، ومصادر الإلهام لديهم. النساء مشرقاتٌ، ومتحمساتٌ، وجميلاتٌ، ومبدعاتٌ، وأصواتهن مسموعة.   أستطيع التأكيد أن المشهد الفني ضخمٌ جداً، وهناك كثيرٌ من الأشخاص الموهوبين للغاية في السعودية، وحديثاً صاروا يعرضون فنهم بشكلٍ علني وواضحٍ للجمهور، وبدأت المعارض تنشط في البلاد، وهو أمرٌ جديدٌ، لذا لا يزال بعض الفنانين بعيدين عن الأضواء، ولا يعرفون كيف يقدمون أنفسهم وفنهم، وهذا هو المكان الذي أقوم فيه بدورٍ ما عبر دعمهم ومساعدتهم لتنظيم أعمالهم ومعارضهم. بدايةً لا بدَّ من القول إنني أحرص في الفن الذي أقدمه دائماً على الالتزام برسالتي البيئية من خلال إعادة التدوير، إذ أستخدم، أو أعيد استخدام ما هو موجودٌ في البيئة والمكان الذي أقيم به، وبالطبع إذا قمتُ بتغيير الموقع، أو البيئة الثقافية، فإن ذلك سيؤثر في فني، على سبيل المثال، كنت أقوم أثناء وجودي في تايلاند بإعادة تدوير أزياء الحفلات، أما الآن فأجدِّد العبايات برسوماتٍ يدويةٍ إبداعية لإعطائها مظهراً جديداً ومتميزاً. ضخمٌ وواعدٌ جداً، وأعتقد أنني سأساعد، وسأدعم ذلك بقدر ما أستطيع. أتابع أعمال عديدٍ من الفنانين السعوديين، بعضهم يلهمني حقاً، وأتابعهم باحترامٍ كبيرٍ. حدِّثينا عن الفعاليات الفنية التي أقمتها أخيراً في الرياض؟ أقمنا فعالية Olaya art night بفندق روتانا، الذي كان داعماً ومرحِّباً بي منذ بداية مسيرتي في الرياض، كما نظَّمنا فعاليةً أخرى مع فندق أسكوت رافال عبارة عن أمسية فنية وثقافية مميزة جداً، عُرِضَ خلالها فيلمي عن السعودية. هذا الفيلم تمَّ تصويره قبل أكثر من عامٍ، وسأنشره عبر حسابي في «إنستجرام». قمنا بتصويره في منزلي في ذلك الوقت، وفي استديو فني، أما المشاهد الخارجية فصوَّرناها في مواقع مختلفةٍ في الرياض. الفيلم هدفَ إلى إظهار المشاعر الإيجابية والمحبة التي يحملها الوافدون هنا للسعودية وأهلها، وكيف ينقلون الصورة الجميلة عن البلاد للناس خارجها، إلى جانب تصحيح الصورة الخاطئة التي يحملها الغرب عن الدول العربية.في رأيكِ، ما الدور الذي يلعبه الفن في تطوير الإنسان والمجتمع؟ الفن لغة عالمية، يتخطى حواجز العمر والأجيال والدين والجنسية والجنس. يمكن للفن أن يكون واضحاً ومفهوماً لأي شخصٍ. الفن طريقةٌ للتعبير متاحةٌ للجميع. رمضان هو الفترة التي أواجه فيها نفسي، وأحاول تنظيف داخلي أيضاً، إذ أستقبل هذا الشهر على طريقتي من خلال الصيام عن الطعام، والتمرين، والبحث عن الذات، والقراءة أكثر عن السعودية والإسلام، وتمضية الوقت مع عائلتي افتراضياً. هو شهرٌ يمكننا إعادة ضبط وتعديل أنفسنا وحياتنا فيه، لذا أحبُّ هذا الوقت من العام. تصلني أيضاً كثيرٌ من دعوات الإفطار من الأصدقاء هنا، وهذا يساعدني على التعمُّق في الثقافة السعودية، والبيوت هنا مفتوحةٌ دائماً، وأحبُّ هذه الضيافة الطبيعية والحقيقية، وسعيدةٌ هذا العام بزيارة أمي لي خلال فترة العيد لتجربة ذلك للمرة الأولى، لترى بعينيها لماذا أحبُّ السعودية كثيراً، ولماذا وجودي هنا يجعلني سعيدةً جداً. في الحقيقة لم أتعلَّم الكثير من المفردات حتى الآن، لكنني أحبُّ ذلك كثيراً، وسأقوم به، ويبدو أن عبارة «إن شاء الله» هي العبارة الأكثر شيوعاً هنا «مازحة». من عالم الفن والإبداع نقترح عليك متابعة لقاء مع التشكيليّة والكاتبة هناء حجازي: الفنُ يمنحني البهجةَ والسلامَ   الاسم الكامل له هو #MagicBoxbyCeci. المشروع محميٌّ بحقوق الطبع والنشر، ويقوم على مفهوم السماح للأشخاص بإسقاط العناصر والأشياء التي لا يريدونها بعد الآن بهدف منحها حياةً ثانيةً، إذ يتمُّ إصلاح الأشياء الموجودة في هذا الصندوق، وإعادة استخدامها، أو إعطائها للآخرين، وهو مفهومٌ مخصَّصٌ بشكلٍ رئيسٍ للفنادق وأماكن الإقامة، وقد تعاونت مع السفارة البلجيكية في الرياض،ووضعنا صندوقاً في مبنى السفارة، وخصَّصناه للجالية البلجيكية في السعودية.تقولين إنك تتجذَّرين من عائلةٍ من المزارعين، ولديكِ علاقةٌ قويةٌ بالأرض والكائنات الحية، كيف أثَّر هذا في شخصيتكِ وفي الفن الذي تقدمينه؟ نعم، أنا محظوظةٌ تماماً، لأنني عشت طفولةً حقيقيةً، ونشأت على احترام الطبيعة، والاستمتاع باللعب في الخارج، والركض تحت المطر، والاعتناء بالحيوانات. لم نكن نشاهد التلفاز أبداً، ولم تكن لدينا قارورةٌ بلاستيكيةٌ، وكان طعامنا عضوياً من المزرعة، أو الحديقة، وكل هذا أثَّر في نمط حياتي بالطبع، ومشاركتي قدرَ المستطاع في تعزيز مفهوم الاستدامة في المنزل والعمل والفن. بعضهم ينظر للمزرعة على أنها عالمٌ مبتذلٌ، وفقيرٌ، وغير نظيفٍ ولا مرتَّب! وهذه نظرةٌ خاطئةٌ تماماً. المزرعة، هي الطبيعة، أنت والأرض والعناصر المحيطة بك فقط، تحصد فيها ما تزرعه، وتستخدم ما تصنعه، والوجود في الحياة الطبيعية هذه، لا يتعارض أبداً مع مفهوم الأناقة والموضة والرقي طالما أنك تعرف من أنت في الحقيقة، وماهي شخصيتك. أنت لا تولد بشخصيةٍ راقيةٍ، وإنما تكتسب ذلك، وتصنعه، وتمتلكه بجهدك.   Eco-Art «الفن الإيكولوجي»،هو تعبيرٌ بأسلوبٍ فني مبتكرٍ عن مساعي الحفاظ على موارد الأرض، والقوة في تغيير شيءٍ ما إلى آخر، ومنح العناصر حياةً ثانيةً، وهذا ما جذبني إليه.Zero-Plastic «عالم خالٍ من البلاستيك»، هل نمتلك اليوم الوعي الكافي للتعامل مع هذه الرسالة بجدية؟ ربما تكون Zero-Plastic خطوةً متقدمةً في الوقت الجاري هنا في السعودية،وقد بدأت بنشر مفهوم إعادة الاستخدام، وإعادة التدوير من خلال فني، لأنني أعتقد أن الفنون المرئية جاذبة، وتلفت النظر إلى الرسائل التي نريد إيصالها للناس. الوعي، هو جعل الناس تتفاعل، وتتصرف بنفسها بعد أن نشرح للجميع لماذا، ولست هنا لأخبرهم ماذا تفعل، أو لا تفعل، فقط أحاول شرح أشياءٍ، يمكن القيام بها بشكلٍ أفضل.الفساتين المصنوعة من البلاستيك المعاد تدويره، حظيت بردود فعلٍ قويةٍ، حدِّثينا عنها؟ هذه الفساتين صمَّمتها من الشراشف المستعملة، والمواد البلاستيكية المستخدمة في الفنادق، وكل ما وجدته أمامي من موادَّ قابلةٍ لإعادة الاستخدام، وأفكارٍ يمكن أن تكون مصدر إلهامٍ، وعرضت هذه الفساتين في فعاليات الرياض، وأدعو كل Eco Artists ليستلهموا مما نقدمه. المقصود بكلمة BCBG باللغة الفرنسية BON CHIC BON GENRE، وترجمتها «كن أنيقاً من الداخل والخارج». اللطف بالنسبة لي هو الأهم، والابتسام هو الشيء المجاني الوحيد الذي يمكنك منحه لأي شخصٍ، وتغيير حالته، فرجاءً كن لطيفاً. تعرفي أيضاً على الفنانة التشكيلية ليلى الجندان: الذكاء الاصطناعي أداة لإنتاج أعمال فنية متميزة   سيسيليا بيتريه فنانة تشكيلية إيكولوجية فرنسية، حملت قضايا الأرض والبيئة والإنسان، وتنقَّلت بها عبر عواصم العالم، لتحطَّ رحالها في الرياض، العاصمة السعودية، التي تؤكد بأنها محطتها الأخيرة قبل العودة إلى الوطن. في شخصيتها تجمعُ أدواراً عدة، وتعشقُ كثيراً التوثيق، لذا حدَّثت العالم عن السعودية الجميلة من خلال فيلمٍ وثائقي خاصٍّ بعد أن بحثت عن الإلهام في كل مناطق البلاد التي زارتها من أجل التعرُّف على ثقافاتها، وأنماط حياة أهلها، والتفاعل معهم عبر حضور فعالياتٍ متنوعةٍ، ارتدت خلالها الأزياء الشعبية السعودية، ووثَّقت رحلاتها عبر منصات التواصل الاجتماعي. الفنانة التشكيلية الفرنسية سيسيليا بيتريه بزي تراثي سعودي   أستمتع كثيراً بالرحلات الطويلة بالسيارة إلى مناطق مختلفة مثل الأحساء والقصيم والمدينة المنورة بدايةً، عرِّفينا على سيسيليا بيتريه؟ فنانة تشكيلية فرنسية، تحمل رسالة بيئية واجتماعية وثقافية هادفة، ومختصَّةٌ بالعلاقات العامة، والتسويق والضيافة، ومدربةٌ في أكاديميةٍ مستقلةٍ لخدمات الاستقبال والترحيب وتطوير الأعمال والمفاهيم والتشغيل في قطاعات الفنادق والأغذية والمشروبات، والمشروعات المستدامة، والمسؤولية الاجتماعية للشركات، واستخدام منصات التواصل الاجتماعي، إلى جانب تنظيم أحداثٍ فنيةٍ وثقافية، وعروضٍ إبداعيةٍ وأخرى للموضة، وتقديم محاضراتٍ وحواراتٍ فنيةٍ، لا سيما فيما يتعلَّق بالتعريف بالفن البيئي والاستدامة، ونشر التوعية. كل تلك الأدوار كيف يمكن اختصارها في شخصٍ واحد؟ يمكن اختصاري بعبارة «خبيرة إبداعية في تعزيز تجارب أسلوب الحياة الفاخرة»، مع مراعاة مبدأ الاستدامة الذي أنادي به دائماً. أحبُّ البدء من الصفحات الفارغة حتى أتمكَّن من التفكير والتصرُّف بشكلٍ خلَّاقٍ، والتعاون مع الآخرين لتقديم تجارب لا مثيل لها. أحاول فهم كل ما من شأنه أن يجعلنا مختلفين، ويعزِّز الفرص لاستقطاب الخبراء ودعم مهمتي، وأفكر خارج الصندوق من أجل استكشاف الاحتمالات والفروق الدقيقة المخفية التي قد تكون موجودةً في أحياءٍ، أو مواقع مختلفة، وأدرك تماماً الحاجة إلى فهم الاتجاهات والأذواق الحالية، لذا أحيط نفسي بأفرادٍ متشابهين في التفكير للمساعدة في تحقيق نقاط اتصالٍ محتملةٍ ومتنوعة. تايلاند وعُمان أقمتِ لمدة 15 عاماً في مدينة فوكيت بتايلاند، ثم مسقط، العاصمة العُمانية، ما المختلف بين هذه الأماكن، وما الذي اكتسبتِه من كل مدينةٍ؟ تايلاند كانت تجربةً رائعةً، وتناسب تماماً سيسيليا. كنت بين 20 و35 عاماً حينها، أي في بداية مسيرتي، وفيها وجدت الحرية والمرح والمتعة، وهي بلاد جميلة، وتكاليف الحياة فيها منخفضة. تعلَّمت الكثير هناك، بعدها أردت أن أرى الحياة من منظارٍ مختلفٍ، ودفع مسيرتي المهنية، فتوجَّهت إلى مسقط، إذ كنت دائماً مهتمةً بعمق الثقافة العربية، حيث سافرت مراتٍ عدة إلى هذا الجزء من العالم، وأقصد دبي، أبو ظبي، البحرين، عمان ودولٍ ومدنٍ أخرى في المنطقة. لقد علَّمتني عُمان الكثير عن الحياة في الشرق الأوسط، خاصةً الثقافة والمعتقدات، لكنَّ التطور الوظيفي لم يكن ممكناً لي هناك، لا سيما بعد أن دمَّر فيروس كورونا كل الفرص بالنسبة لي في هذا البلد. لماذا أنتِ اليوم في السعودية؟ قبل يومٌ واحدٌ من حجر «كوفيد 19». تلقَّيت عرضا لمنصبٌ رفيعٌ في ضيافةٍ عائليةٍ محلية، وفرصةٌ لجلب خبرتي في مجال الأغذية والمشروبات والتسويق لتطوير العلامة التجارية، وتوسيع نطاقها، وفتح منفذٍ جديدٍ «بأسلوبٍ» مختلف، لذا جئت إلى السعودية «بعد الحجر»، وبدأت هذا الفصل الجديد والمغامرة الشيقة في أكتوبر 2020.   أي مناطق السعودية أعجبكِ أكثر؟ يبحث الفن دائماً عن الإلهام، ومَن تكون في داخلك، وبيئتك، والأشخاص المحيطين بك. تجربة العلا، كانت تجربةً مذهلةً وغامرةً، وأبهرتني فيها المناظر الطبيعية، والأنشطة المليئة بالمغامرة، وكنت محظوظةً للغاية لحضور فعالياتٍ فنيةٍ مختلفةٍ، ومتابعة كأس الإبل، فأنا أحبُّ الإبل. كذلك سافرت كثيراً بمفردي، لا سيما بالسيارة، لأنني أحبُّ الرحلات الطويلة، إلى الدمام، الجبيل، الأحساء، القصيم، بريدة، والمدينة المنورة، وعلى قائمتي الآن الباحة، الطائف، تبوك ونيوم. ما رأيك بمتابعة اللقاء مع الفنانة التشكيلية باولا أنزيكا: قبل الحياكة اليدوية أبحث وأتعمق في النصوص والصور الأزياء التراثية الفنانة سيسيليا بيتريه خلال أحد معارضها الفنية ومع لوحاتها   في كل مكان تزورينه، ترتدين الزي التراثي الخاص بالمنطقة، ما الذي يمثِّله الزي التراثي بالنسبة لكِ؟ الزي هو الفن، ويتمُّ من خلاله إظهار الهوية والجذور بفخرٍ، فالملابس تجعلنا نسافر مكانياً وزمانياً، وأنا أحبُّ ارتداء كل الملابس التراثية السعودية، ولا أفضِّل واحدةً منها على الأخرى، لأن كل زي يعبِّر عن منطقةٍ معينة، وتاريخٍ محدَّد. مَن يصمِّم لكِ الملابس والعبايات التي تحرصين على ارتدائها في المناسبات والفعاليات؟ أنا أصمِّمها، وأقوم بكل شيءٍ ما عدا الخياطة. التصميم، واختيار الأقمشة والرسومات، واللمسات الإبداعية اليدوية النهائية، أفعلها جميعاً، وكما أرتدي في بعض الفعاليات عباياتٍ ليست من تصميمي، بل لمصممين سعوديين رغبةً مني في دعم السكان المحليين، والظهور من خلال إبداعاتهم، إلى جانب حبي للألوان التي يستخدمونها، ومصادر الإلهام لديهم. كيف ترين واقع النساء في العالم اليوم، وفي السعودية خاصةً؟ النساء مشرقاتٌ، ومتحمساتٌ، وجميلاتٌ، ومبدعاتٌ، وأصواتهن مسموعة.   المشهد الفني تتواجدين في السعودية منذ ثلاثة أعوامٍ، كيف رأيتِ الحركة الفنية في البلاد؟ أستطيع التأكيد أن المشهد الفني ضخمٌ جداً، وهناك كثيرٌ من الأشخاص الموهوبين للغاية في السعودية، وحديثاً صاروا يعرضون فنهم بشكلٍ علني وواضحٍ للجمهور، وبدأت المعارض تنشط في البلاد، وهو أمرٌ جديدٌ، لذا لا يزال بعض الفنانين بعيدين عن الأضواء، ولا يعرفون كيف يقدمون أنفسهم وفنهم، وهذا هو المكان الذي أقوم فيه بدورٍ ما عبر دعمهم ومساعدتهم لتنظيم أعمالهم ومعارضهم. كيف تلهمكِ الثقافات لابتكار الفن الذي تتميَّزين به؟ بدايةً لا بدَّ من القول إنني أحرص في الفن الذي أقدمه دائماً على الالتزام برسالتي البيئية من خلال إعادة التدوير، إذ أستخدم، أو أعيد استخدام ما هو موجودٌ في البيئة والمكان الذي أقيم به، وبالطبع إذا قمتُ بتغيير الموقع، أو البيئة الثقافية، فإن ذلك سيؤثر في فني، على سبيل المثال، كنت أقوم أثناء وجودي في تايلاند بإعادة تدوير أزياء الحفلات، أما الآن فأجدِّد العبايات برسوماتٍ يدويةٍ إبداعية لإعطائها مظهراً جديداً ومتميزاً. كيف ترين مستقبل الفنون في السعودية؟ ضخمٌ وواعدٌ جداً، وأعتقد أنني سأساعد، وسأدعم ذلك بقدر ما أستطيع. أتابع أعمال عديدٍ من الفنانين السعوديين، بعضهم يلهمني حقاً، وأتابعهم باحترامٍ كبيرٍ. حدِّثينا عن الفعاليات الفنية التي أقمتها أخيراً في الرياض؟ أقمنا فعالية Olaya art night بفندق روتانا، الذي كان داعماً ومرحِّباً بي منذ بداية مسيرتي في الرياض، كما نظَّمنا فعاليةً أخرى مع فندق أسكوت رافال عبارة عن أمسية فنية وثقافية مميزة جداً، عُرِضَ خلالها فيلمي عن السعودية. حدِّثينا عن فيلمك Saudi Arabia as seen by Cecilia الذي فاز بالمركز الرابع في مسابقة سلام للأفلام القصيرة؟ هذا الفيلم تمَّ تصويره قبل أكثر من عامٍ، وسأنشره عبر حسابي في «إنستجرام». قمنا بتصويره في منزلي في ذلك الوقت، وفي استديو فني، أما المشاهد الخارجية فصوَّرناها في مواقع مختلفةٍ في الرياض. الفيلم هدفَ إلى إظهار المشاعر الإيجابية والمحبة التي يحملها الوافدون هنا للسعودية وأهلها، وكيف ينقلون الصورة الجميلة عن البلاد للناس خارجها، إلى جانب تصحيح الصورة الخاطئة التي يحملها الغرب عن الدول العربية.في رأيكِ، ما الدور الذي يلعبه الفن في تطوير الإنسان والمجتمع؟ الفن لغة عالمية، يتخطى حواجز العمر والأجيال والدين والجنسية والجنس. يمكن للفن أن يكون واضحاً ومفهوماً لأي شخصٍ. الفن طريقةٌ للتعبير متاحةٌ للجميع. خلال موسم رمضان، كيف تفاعلت مع فعالياته وأجوائه؟ رمضان هو الفترة التي أواجه فيها نفسي، وأحاول تنظيف داخلي أيضاً، إذ أستقبل هذا الشهر على طريقتي من خلال الصيام عن الطعام، والتمرين، والبحث عن الذات، والقراءة أكثر عن السعودية والإسلام، وتمضية الوقت مع عائلتي افتراضياً. هو شهرٌ يمكننا إعادة ضبط وتعديل أنفسنا وحياتنا فيه، لذا أحبُّ هذا الوقت من العام. تصلني أيضاً كثيرٌ من دعوات الإفطار من الأصدقاء هنا، وهذا يساعدني على التعمُّق في الثقافة السعودية، والبيوت هنا مفتوحةٌ دائماً، وأحبُّ هذه الضيافة الطبيعية والحقيقية، وسعيدةٌ هذا العام بزيارة أمي لي خلال فترة العيد لتجربة ذلك للمرة الأولى، لترى بعينيها لماذا أحبُّ السعودية كثيراً، ولماذا وجودي هنا يجعلني سعيدةً جداً. هل تعلَّمتِ اللغة العربية، وأي عباراتٍ تجيدين قولها؟ في الحقيقة لم أتعلَّم الكثير من المفردات حتى الآن، لكنني أحبُّ ذلك كثيراً، وسأقوم به، ويبدو أن عبارة «إن شاء الله» هي العبارة الأكثر شيوعاً هنا «مازحة». من عالم الفن والإبداع نقترح عليك متابعة لقاء مع التشكيليّة والكاتبة هناء حجازي: الفنُ يمنحني البهجةَ والسلامَ الاستدامة فستان من تصميم سيسيليا بيتريه مصنوع من أقمشة ومواد أعيد تدوريها، عرض في معرض مستقبل الأزياء في الرياض   الصندوق السحري مشروعٌ يدور حول مبادرة المجتمع المستدام، أخبرينا عن المبادرة؟ الاسم الكامل له هو #MagicBoxbyCeci. المشروع محميٌّ بحقوق الطبع والنشر، ويقوم على مفهوم السماح للأشخاص بإسقاط العناصر والأشياء التي لا يريدونها بعد الآن بهدف منحها حياةً ثانيةً، إذ يتمُّ إصلاح الأشياء الموجودة في هذا الصندوق، وإعادة استخدامها، أو إعطائها للآخرين، وهو مفهومٌ مخصَّصٌ بشكلٍ رئيسٍ للفنادق وأماكن الإقامة، وقد تعاونت مع السفارة البلجيكية في الرياض،ووضعنا صندوقاً في مبنى السفارة، وخصَّصناه للجالية البلجيكية في السعودية.تقولين إنك تتجذَّرين من عائلةٍ من المزارعين، ولديكِ علاقةٌ قويةٌ بالأرض والكائنات الحية، كيف أثَّر هذا في شخصيتكِ وفي الفن الذي تقدمينه؟ نعم، أنا محظوظةٌ تماماً، لأنني عشت طفولةً حقيقيةً، ونشأت على احترام الطبيعة، والاستمتاع باللعب في الخارج، والركض تحت المطر، والاعتناء بالحيوانات. لم نكن نشاهد التلفاز أبداً، ولم تكن لدينا قارورةٌ بلاستيكيةٌ، وكان طعامنا عضوياً من المزرعة، أو الحديقة، وكل هذا أثَّر في نمط حياتي بالطبع، ومشاركتي قدرَ المستطاع في تعزيز مفهوم الاستدامة في المنزل والعمل والفن. بعضهم ينظر للمزرعة على أنها عالمٌ مبتذلٌ، وفقيرٌ، وغير نظيفٍ ولا مرتَّب! وهذه نظرةٌ خاطئةٌ تماماً. المزرعة، هي الطبيعة، أنت والأرض والعناصر المحيطة بك فقط، تحصد فيها ما تزرعه، وتستخدم ما تصنعه، والوجود في الحياة الطبيعية هذه، لا يتعارض أبداً مع مفهوم الأناقة والموضة والرقي طالما أنك تعرف من أنت في الحقيقة، وماهي شخصيتك. أنت لا تولد بشخصيةٍ راقيةٍ، وإنما تكتسب ذلك، وتصنعه، وتمتلكه بجهدك.   ECO-ART و Zero-Plastic ما الذي جذبكِ إلى عالم الـ ECO-ART؟ Eco-Art «الفن الإيكولوجي»،هو تعبيرٌ بأسلوبٍ فني مبتكرٍ عن مساعي الحفاظ على موارد الأرض، والقوة في تغيير شيءٍ ما إلى آخر، ومنح العناصر حياةً ثانيةً، وهذا ما جذبني إليه.Zero-Plastic «عالم خالٍ من البلاستيك»، هل نمتلك اليوم الوعي الكافي للتعامل مع هذه الرسالة بجدية؟ ربما تكون Zero-Plastic خطوةً متقدمةً في الوقت الجاري هنا في السعودية،وقد بدأت بنشر مفهوم إعادة الاستخدام، وإعادة التدوير من خلال فني، لأنني أعتقد أن الفنون المرئية جاذبة، وتلفت النظر إلى الرسائل التي نريد إيصالها للناس. الوعي، هو جعل الناس تتفاعل، وتتصرف بنفسها بعد أن نشرح للجميع لماذا، ولست هنا لأخبرهم ماذا تفعل، أو لا تفعل، فقط أحاول شرح أشياءٍ، يمكن القيام بها بشكلٍ أفضل.الفساتين المصنوعة من البلاستيك المعاد تدويره، حظيت بردود فعلٍ قويةٍ، حدِّثينا عنها؟ هذه الفساتين صمَّمتها من الشراشف المستعملة، والمواد البلاستيكية المستخدمة في الفنادق، وكل ما وجدته أمامي من موادَّ قابلةٍ لإعادة الاستخدام، وأفكارٍ يمكن أن تكون مصدر إلهامٍ، وعرضت هذه الفساتين في فعاليات الرياض، وأدعو كل Eco Artists ليستلهموا مما نقدمه. أخبرينا عن مشروعكِ BCBG، وما الرسالة التي تقدمينها من خلاله؟ المقصود بكلمة BCBG باللغة الفرنسية BON CHIC BON GENRE، وترجمتها «كن أنيقاً من الداخل والخارج». اللطف بالنسبة لي هو الأهم، والابتسام هو الشيء المجاني الوحيد الذي يمكنك منحه لأي شخصٍ، وتغيير حالته، فرجاءً كن لطيفاً. تعرفي أيضاً على الفنانة التشكيلية ليلى الجندان: الذكاء الاصطناعي أداة لإنتاج أعمال فنية متميزة  

مشاركة :