تستضيف المملكة اليوم القمة العربية الثانية والثلاثين في ظل ظروف استثنائية وتحديات تشهدها الدول العربية خصوصاً ودول العالم عمومًا، وكان عدد من القادة العرب قد وصلوا إلى مدينة جدة أمس للمشاركة في القمة وبينهم الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الذي كان أول الواصلين، واستقبله في مطار الملك عبدالعزيز الدولي في جدة نائب أمير منطقة مكة المكرمة الأمير بدر بن سلطان، كما وصل الرئيس الفلسطيني محمود عباس، على رأس وفد بلاده، ورئيس وزراء لبنان نجيب ميقاتي، اليوم، إلى جدة أيضاًَ للمشاركة في القمة. إلى ذلك، وفي وقت لاحق وصل الرئيس السوري بشار الأسد، إلى جدة، لترؤس وفد بلاده في اجتماعات القمة المقرر انعقادها اليوم. وكان الاجتماع الوزاري على مستوى القمة انطلق أمس الأول، في جدة، برئاسة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله. وناقش الاجتماع الوزاري مشاريع القرارات التي سيتم اعتمادها في القمة، بالإضافة إلى بحث المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية. بدوره، أكد معالي الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط أن القمة العربية الـ32 تعقد في أجواء مفعمة بالتحديات والأزمات، متطلعًا إلى قمة ناجحة، تكون عند مستوى تطلعات الرأي العام، وعلى قدر التحديات القائمة، التي ستُقدم حلولاً للمُشكلات العربية، وتُعزز من قوة هذه الكتلة الإقليمية وتماسكها، وتوحِّد كلمتها. وأشار خلال مشاركته في الاجتماع الوزاري التحضيري لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة في دورته الثانية والثلاثين إلى ضرورة التشبث بالمصالح الوطنية لدولنا كبوصلة هادية لمواقفنا والاستمرار في التحرك والعمل ككتلة موحَّدة. ورحَّب بالاتفاق الذي تم التوصل إليه بين السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية في بكين بمبادرة من الرئيس الصيني، متطلعًا أن يُمثل هذا الاتفاق خطوة حاسمة لحل الخلافات والنزاعات الإقليمية بالطرق الدبلوماسية، ويؤسس لعلاقة جديدة قوامها حسن الجوار واحترام السيادة والالتزام بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة المنظمة للعلاقات بين الدول. وقال: «إن العرب لن يتركوا إخوانهم في السودان وحدهم، وأنه تم تشكيل مجموعة اتصال لهذا الغرض في السابع من هذا الشهر الجاري بجهود كبيرة ومتواصلة للوساطة التقي قامت بها المملكة العربية السعودية، ولكن الأمر مرهون في المحصلة بإرادة السودانيين وقياداتهم لوضع حدٍ لما يحدث، وإسكات البنادق في أسرع وقت. وأشار الأمين العام للجامعة العربية إلى أن الأزمات في سوريا واليمن وليبيا حدث بالفعل تجاه تحريك للمياه الراكدة في عدد من هذه الأزمات، ومهَّد الطريق لانخراط عربي أكبر وأكثر فاعلية في تعزيز التسوية ومعالجة التبعات والآثار التي لحقت بسوريا ودول الجوار في السنوات الماضية. وبين أن مبادرة السلام العربية، بعناصرها كافة، ستظل خيارنا الإستراتيجي الأول لإنهاء الاحتلال، محملًا الحكومة الإسرائيلية المسؤولية عن هذا التدهور الخطير في الوضع الراهن ، مؤكدًا أن ممارسات الحكومة الإسرائيلية المنفلتة ونهجها المتطرف سينعكس من دون شك على التعامل العربي معها وفق محددات مبادرة السلام العربية والفلسفة الحاكمة لها. رئيس قطاع فلسطين بالجامعة: اهتمام القيادة السعودية بفلسطين امتداد لموقف تاريخي نَوّه الأمين العام المساعد رئيس قطاع شؤون فلسطين والأراضي العربية المحتلة بجامعة الدول العربية، السفير سعيد أبو علي، بانعقاد القمة العربية في دورتها الثانية والثلاثين بالسعودية. وعدّ السفير أبو علي، على هامش انعقاد الاجتماع الوزاري التحضيري للقمة العربية بجدة اهتمام المملكة بالقضية الفلسطينية، استمرارًا لمواقفها التاريخية في دعم الكفاح العادل للشعب الفلسطيني، ونُصّرَة القضية الفلسطينية، وخاصة في ظل هذه الظروف المصيرية التي تمر بها. وأشاد بالدور الرائد الذي تقوم به المملكة في ظل هذه الظروف على المستوى العربي والإقليمي والدولي، مبينًا أن المملكة لها دور مهم في نقل الواقع العربي إلى مرحلة جديدة بوحدة الموقف والأداء والتنسيق. ولفت الانتباه إلى أن القمم العربية في دورات انعقادها المتتالية تولي القضية الفلسطينية أولوية خاصة، ارتباطًا بمحورية القضية الفلسطينية كونها القضية المركزية للأمة العربية من جهة، وارتباطًا بالظروف بالغة الصعوبة التي تعانيها القضية الفلسطينية في هذا الوقت تحت وطأة العدوان الإسرائيلي المتواصل على الشعب الفلسطيني الذي يستهدف وجود وحقوق الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية، معتبرًا أنها تحدٍ جسيم تواجهه الأمة العربية دفاعًا عن القضية الفلسطينية ونصرة لها. وقال السفير أبو علي: إن القضية الفلسطينية كعادتها تحتل المكانة والأولوية الأولي، وتتصدر أعمال القمة العربية، وسيصدر عن هذه القمة ما يعبر عن قوة الموقف العربي انتصارًا للقضية الفلسطينية، وأيضًا ما يدعم نضال الشعب الفلسطيني بكل المستويات التي يحتاجها نضال هذا الشعب في تلك المرحلة. وبشأن المأمول من أجل دعم القضية الفلسطينية ومتابعة تنفيذ القرارات السابقة الصادرة عن القمم العربية خاصة توفير شبكة أمان مالية لدعم القضية الفلسطينية، أوضح الأمين العام المساعد رئيس قطاع شؤون فلسطين والأراضي العربية المحتلة بالجامعة العربية، أن هذا الأمر متروك للقمة العربية المقبلة لاتخاذ ما تراه مناسبًا بالنسبة للقضية الفلسطينية، كما يمكن أن تكون هناك إضافات نوعية وفقًا لما هو مدرج في جدول الأعمال عند بحث كل القضايا المطروحة على القمة. الجامعة العربية.. حجر الأساس في جمع الشمل يزخر سجل جامعة الدول العربية منذ إعلان نشأتها عام 1945م، بكثير من الإنجازات التي حققتها ومازالت تسعى إلى تحقيق المزيد منها، ما يؤكد أهمية دورها على امتداد تاريخها كحجر أساس في جمع شمل الدول العربية، وتوثيق الصلات بينها، وصيانة استقلالها وسيادتها، وتدعيم العلاقات والوشائج العربية، وكذلك تنسيق المواقف العربية تجاه بعض القضايا، في ظل أحداث ومتغيرات عدة شهدتها المنطقة. ومن أبرز إنجازات جامعة الدول العربية، إسهامها في حصول الدول العربية على استقلالها، حيث دعمت جهود التحرر في الجزائر، وسلطنة عُمان، واليمن، والسودان، وكان هذا الدور هو السبب المباشر في اتساع حجم العضوية بها، لتشمل 22 دولة عربية، في حين لم يتعد عدد الدول الموقعة على الميثاق التأسيسي 7 دول. واستفاد الوطن العربي كذلك من مشاركة جامعة الدول العربية في تسوية بعض المنازعات العربية - العربية، كما أنشأت الجامعة قوة أمن مؤقتة بمناسبة النزاع الكويتي - العراقي عام 1961م، وطوّرت دبلوماسية مؤتمرات القمة العربية. ومن أهم الإنجازات التي عززت مكانة الجامعة العربية في قلب العرب على مختلف الأصعدة، تشجيعها التعاون العربي - العربي عبر مجموعة المنظمات المتخصصة التي تشكلت على مختلف المستويات داخل إطار الجامعة وخارجها، ففي إطار الجامعة تم إنشاء منظمات اتسع نشاطها ليشمل اهتمامات ومسائل العمالة، والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والشؤون العلمية والثقافية، ووسائل الاتصال والإعلام. وكانت جامعة الدول العربية قد تأسست في 22 مارس عام 1945م في العاصمة المصرية القاهرة؛ لتكون منظمة إقليمية للدول العربية في الشرق الأوسط، وتضم في عضويتها الدول الناطقة باللغة العربية التي تستخدمها كلغة رسمية، وتشمل الدول الأعضاء المؤسسة للجامعة: السعودية، ومصر، وسوريا، ولبنان، والعراق، والأردن، واليمن، أما الأعضاء الآخرون الذين انضموا تباعًا؛ فهم: ليبيا، والسودان، وتونس، والمغرب، والكويت، والجزائر، والبحرين، وعمان، وقطر، والإمارات العربية المتحدة، وموريتانيا، والصومال، وفلسطين، وجيبوتي، وجزر القمر . وتعاقب على منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية ثمانية مسؤولين عرب وهم: عبدالرحمن عزام 1945-1952م، ومحمد عبدالخالق حسونة 1952-1972م، ومحمود رياض 1972-1979م، والشاذلي القليبي 1979-1990م، والدكتور أحمد عصمت عبدالمجيد 1991-2001م، وعمرو موسى 2001- 2011م، والدكتور نبيل العربي 2011- 2016م، وأحمد أبو الغيط 2016م وما يزال أمينًا عامًا للجامعة.
مشاركة :