افتتحت اليوم أعمال الندوة العلمية المشتركة المغربية السعودية بعنوان : “الجهود العلمية المعاصرة لمدافعة الغلو وتحقيق الوسطية”، التي تنظمها الأمانة العامة للمجلس العلمي الأعلى بالمملكة المغربية، وذلك في مركز المركب الثقافي بمدينة الدار البيضاء المغربية، وتستمر لمدة يومين.. بحضور ومشاركة معالي وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الشيخ الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ، ونخبة من العلماء وأساتذة الجامعات في مجال الفقه والدراسات المعاصرة. وألقى معالي وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الشيخ الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ -; كلمة خلال افتتاح الندوة -; قدم في بدايتها شكره لله عز وجل ثم لمقام خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين حفظهم الله على جهودهم العظيمة ووقفاتهم الكبيرة في بيان رسالة الإسلام السمحة القائمة على الوسطية والاعتدال ومحاربة الغلو والتطرف، كما قدم معاليه الشكر الجزيل لجلالة الملك محمد السادس ملك المملكة المغربية -; حفظه الله -على جهوده الطيبة لدعم وتعزيز قيم الوسطية والاعتدال. وقال معاليه: إن هذه الندوة تعقد في وقت ابتلى المسلمون فيه بالغلو والجفاء حتى أتهم الإسلام بسببهم بالإرهاب والتطرف ، ولا يشك من عنده أدنى إنصاف بأن تشريعات الإسلام التي جاء بها نبينا محمد- صلى الله عليه وسلم -عدل كلها وسطية كلها رحمة بل إن الله جعل هذه الأمة هي أمة الوسطية، قال سبحانه وتعالى : (وكذلك جعلنكم أمة وسطا)، وأن الوسطية هي ديننا والاعتدال هو منهجنا والرحمة للعالمين وصف نبينا -; صلى الله عليه وسلم -; كما قال تعالى : ( وما ارسلناك إلا رحمة للعالمين ) . وأكد معالي الوزير آل الشيخ أن الصحابة رضوان الله عليهم جميعاً ساروا بالوسطية وقاموا بالشريعة ولزموا العدل والعدالة، ومع ذلك ابتلوا بأهل الغلو والتطرف ، فقاتلهم الصحابة أشد القتال طاعة لله ولرسوله ، مبيناً خطورة الغلاة المجرمين الخوارج كلابُ النار منذ نشأتهم حيث قتلوا عثمان وعليا رضي الله عنهما وقتلوا عدداً من سادات الصحابة، ولايزالون يخرجون قرناً بعد قرن، حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «سَيَخْرُجُ قَوْمٌ فِي آخِرِ الزَّمَانِ، أَحْدَاتُ الْأَسْنَانِ، سُفَهَاءُ الأَحْلَامِ، يَقُولُونَ مِنْ خَيْرٍ قَوْلِ البَرِيَّةِ، لا يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ، كَمَا يَمْرُقُ السَّهُمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ، فَإِنَّ فِي قَتْلِهِمْ أَجْرًا لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ» متفق عليه. ونوه معاليه بأهمية هذه الندوة المباركة التي تحمل عنوان ( الجهود العلمية المعاصرة لمدافعة الغلو وتحقيق الوسطية) وذلك لبيان دور أهل العلم ودفاعهم عن سنة نبيهم- صلى الله عليه وسلم -; ، مشيراً لعظمة الواجب الذي يقع على أهل العلم ، حيث يتطلب منهم بذل المزيد لاجتثاث التطرف والغلو قدر المستطاع، مؤكداً في الوقت نفسه بأن ذلك لايكون إلا بالعلم النافع وبيان منهج السلف الصالح والتمسك به، ونصرة ومساندة ولاة الأمر في بلدان المسلمين في توحيد الحرب على الغلو والتطرف. وواصل معالي الوزير آل الشيخ : لقد اكتوى وطني المملكة العربية السعودية -; حرسها الله -; بنار التطرف والغلو والتفجير من الجماعات والفرق المنحرفة عن الوسطية والاعتدال حتى حاول المفسدون الاعتداء على مسجد رسول الله ﷺ لترويع المؤمنين الآمنين فقام ولاة أمرنا بحربهم أشد القيام وقال سمو سيدي ولي العهد -; حفظه الله -; أننا سندمرهم اليوم وفوراً حيث قال وفعل، فتم تجفيف منابع الغلو والتطرف ولله الحمد . وأكد “آل الشيخ” خلال كلمته بأن المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ومتابعة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حفظهم الله، أدركت أهمية محاربة فكر الغلو والتطرف والدعوة إلى تحقيق السلام والوسطية والاعتدال، موضحاً بأن المملكة العربية السعودية قائمة على الوسطية والاعتدال في منهجها تطبقه واقعا عمليا داخليا وخارجيا . وقال معاليه: إن للمملكة العربية السعودية ولله الحمد جهود عظيمة أبهرت العالم أجمع لمحاربة هذا الفكر ، من خلال إصدار الفتاوى والبيانات وتشريع الأنظمة والقرارات، ومناهج التعليم العام والجامعات، وعقد الندوات والمؤتمرات والجهود الأمنية ، والقضاء العدلي، والإعلام بأنواعه، وإنشاء المراكز الوطنية والدولية المعنية بمكافحة الغلو وتحقيق الوسطية.. وفتحت قنوات الحوار مع الجميع من خلال مركز الملك عبدالعزيز للحوار ثم المشاركة الدولية الفاعلة في نشر صورة الإسلام السمحة من خلال الوفود المشاركة في المؤتمرات الدولية المعنية بمحاربة الغلو والتطرف، وإنشاء ودعم المراكز المتخصصة مثل مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات ومركز اعتدال العالمي وغيرها مما يؤكد الدور الريادي للمملكة العربية السعودية في تعزيز قيم الوسطية والاعتدال والتسامح، ومكافحة كل أشكال التطرف والإرهاب. وواصل معاليه يقول: إن العالم اليوم يمر بتحولات ومتغيرات لم تخلو من تصاعد حدة الخطابات المتطرفة ، مما يمثل تحدياً أكبر ويتطلب تعاطياً أمثل لحل هذه المعضلات خاصة مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وما مثلته من نقلة نوعية في انتشار المحتويات المتطرفة بصورة متسارعة ، تستهدف بصورة رئيسة فئات الشباب ، مما يجعلنا أمام حاجة ملحة لتضافر الجهود ، وأن الجميع يشترك في هدف واحد وهو نصرة السنة المحمدية وبيان منهج الإسلام الوسطي المعتدل الذي ينعم فيه الجميع بالسلام والأمن والرحمة والتسامح ولن يكون ذلك إلا بتعزيز قيم العدل والتسامح وبيان حقيقة هذا الدين الذي كمله الله تعالى وحفظه ، وفي ختام كلمته سأل معالي وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الشيخ الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ، الله أن يحفظ المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين ، وأن يجزيهم الله عن الإسلام وأهله خير الجزاء وأوفاه، وأن يحفظ المملكة المغربية بلاد العلم والثقافة والحضارة بقيادة جلالة الملك محمد السادس ، كما قدم معاليه شكره الخاص لمعالي وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية في المغرب أحمد توفيق على دعوته وحرصه على هذه الندوة المشتركة ، كما قدم شكره لأصحاب الفضيلة العلماء وجميع الحاضرين في هذا المحفل العلمي الكبير. وكانت الندوة قد أفتتحت بتلاوة آيات من الذكر الحكيم ، ثم ألقى معالي وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية السيد احمد التوفيق كلمة قائلاً يشرفني في بداية هذه الندوة العلمية المشتركة بين البلدين أن أرحب بوزير الشؤون الإسلامية الشيخ الدكتور عبداللطيف آل الشيخ والوفد المرافق له في بلدهم المملكة المغربية . وأكد معالي الوزير السيد احمد التوفيق إلى أهمية هذه الندوة في وقاية المسلمين من الفتنة في الدين والدنيا فأن لقاء العلماء من البلدين فتحاً إن شاء الله لأبواب الخير على الناس الذي تقع على العلماء مسؤولية حمايتهم من الجهل والغلو والتطرف ، مشيراً إلى أن التاريخ قد شهد لعلماء هذه البلدين بالأيادي البيضاء في خدمة الأمة ، وإن العلماء هم منار الهداية في كل بلد ، مشيراً إلى أن العلماء يحررون البيعة التي تعطي المشروعية على أساس التزام أولي الأمر بالكليات الخمس في تجلياتها وتصريفاتها بالأمس واليوم . كما ألقى فضيلة الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى الاستاذ محمد يسف كلمة نوه خلالها أن اجتماع هذه المملكيتن المغرب والسعودية اجتماعهما يعتبر عملا جليلا مباركا يمكن ان نطمان لا خوف على أمتنا ، مشيراً إلى أن المملكة العربية السعودية تحرص المناسك وتحرس الحرمين الشريفين الذي يتوج إليه المسلمين من أصقاع الأرض هذه المملكة تقوم بهذا الدور العظيم وأضاف يسفلا:نحن فخورون بهذه الزيارة وممتنون لعلماءنا في المملكة العربية السعودية وما تقوم بها هذه المملكة في تحقيق أواصر المودة بين أبناء المسلمين جميعاً في مشرق الإسلام ومغربه فدائما يد المملكتين ممدوه في صلح وسلام والاخوة والتعاون على البر والتقوى ودعاء الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى الله تعالى أن يحفظ الله ولاة أمرها وعلمائها وشعبها . وستناقش الندوة أوراقها العلمية في يومها الأول من خلال عدد من المحاور هي : الوسطية في الكتاب والسنة ، ونقد مفردات التطرف في مجال العقيدة ، وبناء الشريعة على الوسطية ونقد الغلو في مجال الفقه ، والمحور الاخير عن تزكية النفس والتربية ودورها في تهذيب نوازع الغلو والتشدد . في حين تستأنف يوم غدٍ الجلسة الثانية حيث يتناول المشاركون خلالها عددًا من المحاور عن مركزية الإمامة العظمى في تثبيت دعائم الوحدة وضمان الأمن والاستقرار ، وايضاً عن الجهود البحثية العلمية الأكاديمية في خدمة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد ، والجوائز العالمية وعنايتها في مجالات تعزيز الوسطية ونبذ التطرف الفكري ، والنموذج المغربي في مقاومة الغلو والتشدد .
مشاركة :