ازدواجية معايير الغرب تجاه انتهاكات إسرائيل

  • 5/19/2023
  • 02:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

في‭ ‬حلقة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬التصعيد‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة،‭ ‬شنت‭ ‬قوات‭ ‬الاحتلال‭ ‬يوم‭ ‬9‭ ‬مايو‭ ‬2023،‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬الضربات‭ ‬الجوية‭ ‬ضد‭ ‬مواقع‭ ‬فلسطينية‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬خلفت‭ ‬الدمار،‭ ‬وأوقعت‭ ‬عشرات‭ ‬الضحايا‭ ‬المدنيين،‭ ‬حيث‭ ‬استشهد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬33‭ ‬شخصا،‭ ‬وأصيب‭ ‬190‭ ‬آخرون،‭ ‬فيما‭ ‬دُمر‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬100‭ ‬وحدة‭ ‬سكنية‭ ‬كليا،‭ ‬و2800‭ ‬جزئيا؛‭ ‬وقد‭ ‬تمت‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬وجود‭ ‬‮«‬تخاذل‭ ‬غربي‮»‬،‭ ‬واضح‭ ‬لإدانة‭ ‬العدوان‭ ‬من‭ ‬الحكومات‭ ‬الغربية،‭ ‬التي‭ ‬تزعم‭ ‬أنها‭ ‬حامية‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬وحق‭ ‬تقرير‭ ‬المصير،‭ ‬واحترام‭ ‬القانون‭ ‬الدولي؛‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬هناك‭ ‬ازدواجية‭ ‬في‭ ‬المعايير‭ ‬الغربية‭.‬ وبدلا‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬كان‭ ‬رد‭ ‬‮«‬الولايات‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬و«المملكة‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬و«الاتحاد‭ ‬الأوروبي‮»‬،‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الانتهاكات‭ ‬هو‭ ‬الزعم‭ ‬بـ«حق‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬نفسها،‭ ‬ضد‭ ‬التهديدات‭ ‬المتصورة‮»‬،‭ ‬وبالتالي،‭ ‬تجاهلهم‭ ‬لحقوق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬الذي‭ ‬يعيش‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ما‭ ‬وصفته‭ ‬منظمات،‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬العفو‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬و«هيومن‭ ‬رايتس‭ ‬ووتش‮»‬،‭ ‬بـ«نظام‭ ‬الفصل‭ ‬العنصري‮»‬‭.‬ واللافت‭ ‬للنظر،‭ ‬أن‭ ‬أكثر‭ ‬الانتقادات‭ ‬لإسرائيل‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الدولي،‭ ‬جاءت‭ ‬من‭ ‬مسؤولي‭ ‬‮«‬الأمم‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتهم‭ ‬‮«‬تور‭ ‬وينسلاند‮»‬،‭ ‬المبعوث‭ ‬الأممي‭ ‬للشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬و«فرانشيسكا‭ ‬ألبانيز‮»‬،‭ ‬المقررة‭ ‬الأممية‭ ‬المعنية‭ ‬بحالة‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬بالأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬التي‭ ‬أعربت‭ ‬عن‭ ‬أسفها‭ ‬لـ«الطابع‭ ‬المأساوي‮»‬،‭ ‬نتيجة‭ ‬فشل‭ ‬الغرب‭ ‬في‭ ‬احترام‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬ومعاييره‭ ‬المزدوجة‭ ‬تجاه‭ ‬الصراع‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الفلسطيني‭. ‬ ويتناسب‭ ‬الافتقار‭ ‬إلى‭ ‬مساءلة‭ ‬دولية‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬مع‭ ‬النمط‭ ‬الراسخ‭ ‬لرفض‭ ‬الإدانة‭ ‬العلنية،‭ ‬أو‭ ‬اتخاذ‭ ‬إجراءات‭ ‬ملموسة‭ ‬لممارسة‭ ‬النفوذ،‭ ‬وتقديم‭ ‬مبادرة‭ ‬سياسية‭ ‬للدفع‭ ‬بسلام‭ ‬مستدام‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط؛‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬دائرة‭ ‬العنف‭ ‬ستستمر،‭ ‬وأن‭ ‬عدد‭ ‬الضحايا‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬سوف‭ ‬يزداد‭.‬ وتتابعا‭ ‬لنمط‭ ‬التوترات‭ ‬المتزايدة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬بين‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬والفلسطينيين‭ -‬والتي‭ ‬شملت‭ ‬قيام‭ ‬‮«‬إيتمار‭ ‬بن‭ ‬غفير‮»‬،‭ ‬وزير‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬المتطرف،‭ ‬بزيارات‭ ‬استفزازية‭ ‬للحرم‭ ‬القدسي‭ ‬الشريف،‭ ‬وتشجيعه‭ ‬المستوطنين‭ ‬اليهود‭ ‬على‭ ‬الهجوم‭ ‬على‭ ‬بلدة‭ ‬‮«‬حوارة‮»‬‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬تدمير‭ ‬عشرات‭ ‬المنازل‭ ‬وإحراق‭ ‬عشرات‭ ‬السيارات‭ ‬أيضا،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تصريح‭ ‬وزير‭ ‬المالية‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬‮«‬بتسلئيل‭ ‬سموتريتش‮»‬،‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬لا‭ ‬شيء‭ ‬اسمه‭ ‬أمة‭ ‬فلسطينية،‭ ‬ولا‭ ‬تاريخ‭ ‬لها‭ ‬أو‭ ‬لغة‭- ‬فقد‭ ‬نفذت‭ ‬‮«‬إسرائيل‮»‬،‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬الغارات‭ ‬الجوية‭ ‬مؤخرا‭ ‬ضد‭ ‬أهداف‭ ‬في‭ ‬غزة‭.‬ ومع‭ ‬تأكيد‭ ‬‮«‬بيثان‭ ‬مكيرنان‮»‬،‭ ‬و«حازم‭ ‬بعلوشة‮»‬،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬الجارديان‮»‬،‭ ‬أنها‭ ‬‮«‬شنت‭ ‬هذه‭ ‬الضربات‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬الساري،‭ ‬والاستخدام‭ ‬المفرط‭ ‬للقوة،‭ ‬والعدد‭ ‬الكبير‭ ‬من‭ ‬الهجمات‭ ‬غير‭ ‬المبررة؛‭ ‬فقد‭ ‬سلط‭ ‬المعلقون‭ ‬الغربيون‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬الخسائر‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬التي‭ ‬نتجت‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭. ‬وأشارت‭ ‬شبكة‭ ‬‮«‬بي‭ ‬بي‭ ‬سي‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الغارات‭ ‬الجوية‭ ‬الأخيرة‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬شملت‭ ‬‮«‬40‭ ‬طائرة‭ ‬حربية‭ ‬ومروحية،‭ ‬دمرت‭ ‬عشرات‭ ‬المنازل،‭ ‬وقتلت‭ ‬وجرحت‭ ‬عشرات‭ ‬المدنيين،‭ ‬وسببت‭ ‬الذعر‭ ‬بين‭ ‬السكان،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬بين‭ ‬الأطفال‮»‬‭. ‬ وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬زعم‭ ‬‮«‬إسرائيل‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬الغارات‭ ‬استهدفت‭ ‬ثلاثة‭ ‬من‭ ‬قادة‭ ‬حركة‭ ‬‮«‬الجهاد‭ ‬الإسلامي‮»‬؛‭ ‬فقد‭ ‬استشهد‭ ‬33‭ ‬مدنياً،‭ ‬من‭ ‬بينهم‭ ‬نساء‭ ‬وأطفال‭. ‬وفي‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬الوضع‭ ‬الإنساني‭ ‬الذي‭ ‬يزداد‭ ‬سوءًا‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬جراء‭ ‬الهجوم؛‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬ماكيرنان‮»‬،‭ ‬و«بعلوشة‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الموجة‭ ‬الأخيرة‭ ‬من‭ ‬العنف‭ ‬تعد‭ ‬‮«‬أهم‭ ‬مستجدات‭ ‬القتال‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬منذ‭ ‬شهور‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬خلفت‭ ‬حوالي‭ ‬190‭ ‬جريحًا‭ ‬فلسطينيًا،‭ ‬و950‭ ‬نازحًا‭.‬ ومع‭ ‬توقف‭ ‬القتال‭ ‬بعد‭ ‬هدنة‭ ‬بوساطة‭ ‬مصرية؛‭ ‬أوضح‭ ‬‮«‬باتريك‭ ‬كينجسلي‮»‬،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬نيويورك‭ ‬تايمز‮»‬،‭ ‬كيف‭ ‬يظل‭ ‬السؤال‭ ‬المطروح‭ ‬‮«‬متى‭ -‬وليس‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭- ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬سينتهي‮»‬،‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬‮«‬يوآف‭ ‬غالانت‮»‬،‭ ‬وزير‭ ‬الدفاع‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬تحدث‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬بلاده‭ ‬‮«‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬جاهزة‭ ‬لأي‭ ‬سيناريو‮»‬،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬أسماه‭ ‬‮«‬حملة‭ ‬مطولة‮»‬‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬والقدس‭ ‬الشرقية‭ ‬والضفة‭ ‬الغربية‭.‬ وبشكل‭ ‬عام،‭ ‬يعد‭ ‬عدم‭ ‬صدور‭ ‬إدانات‭ ‬واضحة‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الغربية،‭ ‬‮«‬ملحوظًا‮»‬،‭ ‬و«مؤشرًا‮»‬‭ ‬على‭ ‬استمرار‭ ‬نهجها‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬التغاضي‭ ‬عن‭ ‬الانتهاكات‭ ‬المستمرة‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬قوات‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭. ‬وبالفعل،‭ ‬لم‭ ‬يصدر‭ ‬أي‭ ‬تعليق‭ ‬رسمي‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬الانتهاكات‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي،‭ ‬‮«‬جو‭ ‬بايدن‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬وزير‭ ‬خارجيته،‭ ‬‮«‬أنتوني‭ ‬بلينكين‮»‬‭. ‬ومع‭ ‬تقديم‭ ‬المتحدث‭ ‬باسم‭ ‬‮«‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‮»‬،‭ ‬‮«‬ماثيو‭ ‬ميللر‮»‬،‭ ‬‮«‬التعازي‭ ‬لعائلات‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬الذين‭ ‬استشهدوا؛‭ ‬أعاد‭ ‬تأكيد‭ ‬‮«‬التزام‭ ‬واشنطن‭ ‬بأمن‭ ‬إسرائيل‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬الموقف‭ ‬الذي‭ ‬أعلنته‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬‮«‬بريطانيا‮»‬،‭ ‬و«ألمانيا‮»‬،‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي‭. ‬ وردا‭ ‬على‭ ‬اتفاق‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬صرح‭ ‬‮«‬جيمس‭ ‬كليفرلي‮»‬،‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬البريطاني،‭ ‬أن‭ ‬حكومته‭ ‬مستعدة‭ ‬‮«‬لدعم‭ ‬الجهود‭ ‬الرامية‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬الحوار،‭ ‬وخلق‭ ‬مسار‭ ‬نحو‭ ‬السلام‭ ‬المستدام‮»‬،‭ ‬فيما‭ ‬لم‭ ‬يرد‭ ‬ذكر‭ ‬للضحايا‭ ‬الفلسطينيين‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‮»‬،‭ ‬أدان‭ ‬الخسائر‭ ‬في‭ ‬أرواح‭ ‬المدنيين‭ ‬التي‭ ‬تسببت‭ ‬فيها‭ ‬الانتهاكات‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬ووصفها‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬مؤسفة‭ ‬للغاية‮»‬،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬رده‭ ‬تجاهل‭ ‬نهج‭ ‬إسرائيل‭ ‬الدائم‭ ‬في‭ ‬العنف‭.‬ وفي‭ ‬ضوء‭ ‬إصرار‭ ‬الحكومات‭ ‬الغربية‭ ‬المستمر‭ ‬على‭ ‬حق‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬نفسها،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬إدانة‭ ‬واضحة‭ ‬لوقوع‭ ‬ضحايا‭ ‬بين‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬وتدمير‭ ‬المنازل‭ ‬والبنية‭ ‬التحتية؛‭ ‬أوضحت‭ ‬‮«‬ألبانيز‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬لا‭ ‬يمكنها‭ ‬استخدام‭ ‬هذا‭ ‬‮«‬لتبرير‭ ‬احتلال‮»‬‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬ولا‭ ‬‮«‬للرعب‭ ‬الذي‭ ‬تبثه‮»‬‭ ‬في‭ ‬نفوس‭ ‬من‭ ‬يعيشون‭ ‬هناك‭ ‬‮«‬باسم‭ ‬حق‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬النفس‮»‬‭.‬ وعليه،‭ ‬يجب‭ ‬هنا‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬رد‭ ‬فعل‭ ‬الغرب‭ ‬على‭ ‬الانتهاكات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬مقارنة‭ ‬بدعواتها‭ ‬غير‭ ‬المتسقة‭ ‬إلى‭ ‬تقرير‭ ‬المصير،‭ ‬والسيادة،‭ ‬والحق‭ ‬في‭ ‬مقاومة‭ ‬الاحتلال،‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭. ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬‮«‬أوكرانيا‮»‬،‭ ‬هي‭ ‬المثال‭ ‬الأكثر‭ ‬وضوحا،‭ ‬حيث‭ ‬أقرت‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬مرارا‭ ‬بالدفاع‭ ‬عنها‭ ‬ضد‭ ‬الهجوم‭ ‬الروسي،‭ ‬وقدمت‭ ‬مساعدات‭ ‬مالية‭ ‬وعسكرية‭ ‬هائلة‭ ‬لتحقيق‭ ‬ذلك،‭ ‬ودعت‭ ‬إلى‭ ‬استعادة‭ ‬الأوكرانيين‭ ‬لأراضيهم‭ ‬بالقوة‭.‬ وعلى‭ ‬النقيض‭ ‬من‭ ‬إحجامه‭ ‬عن‭ ‬التعليق‭ ‬على‭ ‬محنة‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة؛‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬كليفرلي‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬قوة‭ ‬‮«‬عزيمة‮»‬‭ ‬الغرب،‭ ‬في‭ ‬زيادة‭ ‬دعمه‭ ‬لأوكرانيا؛‭ ‬حيث‭ ‬أصبحت‭ ‬حكومته‭ ‬مؤخرًا‭ ‬أول‭ ‬قوة‭ ‬غربية‭ ‬تزود‭ ‬‮«‬كييف‮»‬،‭ ‬بمعدات‭ ‬متقدمة،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الصواريخ‭ ‬بعيدة‭ ‬المدى‭. ‬وعندما‭ ‬يرى‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬إذا‭ ‬فشلت‭ ‬القوى‭ ‬الغربية‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬‮«‬كييف‮»‬،‭ ‬‮«‬ستكون‭ ‬هناك‭ ‬أجواء‭ ‬أكثر‭ ‬خطورة‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬المقبلة»؛‭ ‬فعندئذٍ‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تتجاهل‭ ‬بريطانيا‭ ‬الانتهاكات‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬مبرر‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬استمرار‭ ‬استشهاد‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الضحايا‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬المدنيين،‭ ‬والأضرار‭ ‬المادية‭ ‬الهائلة،‭ ‬ضمن‭ ‬سلسلة‭ ‬مستمرة‭ ‬من‭ ‬التصعيد‭ ‬والعنف‭. ‬ ومع‭ ‬إصرار‭ ‬وزير‭ ‬خارجية‭ ‬‮«‬المملكة‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الفشل‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يعيد‭ ‬إلى‭ ‬النظام‭ ‬العالمي‭ ‬الوضع‭ ‬الذي‭ ‬تفترس‭ ‬فيه‭ ‬الدول‭ ‬الكبرى‭ ‬القوى‭ ‬الأضعف»؛‭ ‬فإن‭ ‬الأعمال‭ ‬العدائية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الممارسة‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين‭ -‬التي‭ ‬يدعمها‭ ‬الغرب‭ ‬صراحة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬صادراته‭ ‬من‭ ‬الأسلحة‭ ‬والدعم‭ ‬السياسي‭ ‬والاقتصادي–‭ ‬تثير‭ ‬اتهامًا‭ ‬بازدواجية‭ ‬المعايير،‭ ‬وتعكس‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬رغبة‭ ‬الغرب‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬مكاسب‭ ‬جيوسياسية،‭ ‬مازالت‭ ‬تعرقل‭ ‬آليات‭ ‬التنفيذ‭ ‬العادل‭ ‬والمشروع‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي،‭ ‬وحماية‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭.‬ في‭ ‬غضون‭ ‬ذلك،‭ ‬ندد‭ ‬‮«‬وينسلاند‮»‬،‭ ‬باستشهاد‭ ‬وجرح‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬الأبرياء‭ ‬في‭ ‬الضربات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الأخيرة،‭ ‬وحث‭ ‬على‭ ‬ممارسة‭ ‬أقصى‭ ‬درجات‭ ‬ضبط‭ ‬النفس؛‭ ‬‮«‬لتجنب‭ ‬الانجرار‭ ‬إلى‭ ‬صراع‭ ‬أوسع‭ ‬له‭ ‬عواقب‭ ‬وخيمة‭ ‬على‭ ‬طرفي‭ ‬النزاع‮»‬،‭ ‬وأصر‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الوضع‭ ‬الراهن‭ ‬في‭ ‬الأماكن‭ ‬المقدسة،‭ ‬واحترام‭ ‬الأديان‭ ‬بها،‭ ‬منتقدا‭ ‬توسيع‭ ‬المستوطنات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬أنها‭ ‬‮«‬تزيد‭ ‬من‭ ‬ترسيخ‭ ‬الاحتلال،‭ ‬وتغذي‭ ‬التوترات،‭ ‬وتقوض‭ ‬بشكل‭ ‬منهجي‭ ‬قابلية‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬للحياة‭ ‬كجزء‭ ‬من‭ ‬خيار‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‮»‬‭.‬ من‭ ‬جانبها،‭ ‬شجبت‭ ‬‮«‬ألبانيز‮»‬،‭ ‬‮«‬الفصل‭ ‬العنصري‮»‬،‭ ‬والسيطرة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة،‭ ‬باعتبارها‭ ‬‮«‬عرضًا‭ ‬لطموحات‭ ‬إسرائيل‭ ‬الإقليمية‮»‬،‭ ‬في‭ ‬الهيمنة‭ ‬على‭ ‬بقايا‭ ‬‮«‬فلسطين‭ ‬المطوّقة‭ ‬بالمستوطنات‭ ‬والمواقع‭ ‬العسكرية‮»‬‭. ‬كما‭ ‬وصفتها‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬قوة‭ ‬استعمارية‮»‬،‭ ‬تمارس‭ ‬‮«‬انتهاكاتها‭ ‬العديدة‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي‮»‬،‭ ‬بغرض‭ ‬‮«‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الاحتلال‭ ‬والحصول‭ ‬على‭ ‬أكبر‭ ‬قدر‭ ‬ممكن‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‮»‬‭. ‬وعند‭ ‬مواجهتها‭ ‬بالاتهامات‭ ‬التي‭ ‬وجهها‭ ‬إليها‭ ‬أحد‭ ‬وزراء‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ -‬‮«‬عميشاي‭ ‬شيكلي‮»‬،‭ ‬وزير‭ ‬شؤون‭ ‬الشتات‭- ‬بأنها‭ ‬‮«‬تنشر‭ ‬الكراهية‭ ‬ومعاداة‭ ‬السامية‮»‬،‭ ‬وصفت‭ ‬الهجوم‭ ‬ضدها‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يقل‮»‬‭ ‬عن‭ ‬حملات‭ ‬‮«‬التخويف‭ ‬والتهديد‮»‬،‭ ‬لمعارضة‭ ‬الانتهاكات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة‭.‬ ومع‭ ‬أن‭ ‬سفيرة‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬لدى‭ ‬‮«‬الأمم‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬‮«‬باربرا‭ ‬وودوارد‮»‬،‭ ‬أكدت‭ ‬أمام‭ ‬‮«‬مجلس‭ ‬الأمن‮»‬،‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬2023،‭ ‬أن‭ ‬القوات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تتصرف‭ ‬وفقًا‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي،‭ ‬وأن‭ ‬تتحلى‭ ‬بضبط‭ ‬النفس‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬القوة‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬وتتوقف‭ ‬عن‭ ‬بناء‭ ‬المستوطنات؛‭ ‬فقد‭ ‬أشارت‭ ‬‮«‬ألبانيز‮»‬،‭ ‬أيضًا‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬بريطانيا‭ -‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬شركائها‭ ‬الغربيين‭- ‬‮«‬ملتزمة‭ ‬حقًا‭ ‬بحل‭ ‬الدولتين‮»‬،‭ ‬فعليها‭ ‬‮«‬التأكد‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬تمتثل‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي‮»‬،‭ ‬وأن‭ ‬تفهم‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الانتهاكات‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة،‭ ‬ذات‭ ‬طبيعة‭ ‬دورية،‭ ‬وليس‭ ‬شيئًا‭ ‬ينفجر‭ ‬عرضًا‮»‬‭.‬ وبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص،‭ ‬علقت‭ ‬المقررة‭ ‬الأممية‭ ‬المعنية‭ ‬بحالة‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬بأن‭ ‬‮«‬مسؤوليتها‮»‬‭ ‬تجاه‭ ‬حماية‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬فلسطين،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬‮«‬ذا‭ ‬أولوية‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬إرثها‭ ‬التاريخي‭ ‬في‭ ‬المنطقة»؛‭ ‬لكنه‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الحكومات‭ ‬الأخيرة‭ ‬والحالية،‭ ‬فإنها‭ ‬‮«‬لا‭ ‬تقوم‭ ‬بدور‭ ‬فعال‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬مارس‭ ‬2023،‭ ‬عندما‭ ‬زار‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬،‭ ‬‮«‬لندن‮»‬،‭ ‬وقعت‭ ‬الأخيرة‭ ‬‮«‬اتفاقية‭ ‬شراكة‭ ‬استراتيجية‮»‬،‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل،‭ ‬تعهدت‭ ‬بموجبها‭ ‬بتعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والسياسي‭ ‬معها‭.‬ وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬يبدو‭ ‬‮«‬صامدًا‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬ما‮»‬،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬‮«‬كينجسلي‮»‬،‭ ‬حذر‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬‮«‬عدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬اندلاع‭ ‬أعمال‭ ‬عنف‭ ‬أخرى،‭ ‬ليس‭ ‬أمرًا‭ ‬بعيدًا‮»‬،‭ ‬وأنه‭ ‬‮«‬من‭ ‬دون‭ ‬حل‭ ‬كامل‭ ‬للقضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬نهاية‭ ‬واضحة‭ ‬لأعمال‭ ‬العنف‭ ‬المتكررة‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة‮»‬‭. ‬ومع‭ ‬إشارة‭ ‬‮«‬مكيرنان‮»‬،‭ ‬و«بعلوشة‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬استشهاد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬130‭ ‬فلسطينيًّا‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬القوات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2023‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬فمن‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يرتفع‭ ‬هذا‭ ‬العدد‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬إذا‭ ‬وقعت‭ ‬انتهاكات‭ ‬جديدة؛‭ ‬نتيجة‭ ‬أي‭ ‬عمل‭ ‬عسكري‭ ‬إسرائيلي‭ ‬أحادي‭ ‬الجانب‭ ‬ضد‭ ‬مناطق‭ ‬سكنية‭ ‬كثيفة‭ ‬السكان‭.‬ على‭ ‬العموم،‭ ‬تُظهر‭ ‬حالة‭ ‬الصمت‭ ‬والتخاذل‭ ‬الدولي‭ ‬على‭ ‬العدوان‭ ‬الأخير‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬المدنيين‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة،‭ ‬كيف‭ ‬يمكن‭ ‬لقوات‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬مستقبلاً‭ ‬أن‭ ‬تستمر‭ ‬في‭ ‬إلحاق‭ ‬أضرار‭ ‬بشرية‭ ‬ومادية‭ ‬هائلة‭ ‬بالفلسطينيين،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬تداعيات‭ ‬أو‭ ‬عواقب‭ ‬أو‭ ‬مساءلة‭ ‬دولية‭ ‬من‭ ‬مؤيديها‭ ‬الغربيين‭.‬ وفي‭ ‬حالة‭ ‬المسؤولين‭ ‬الأمريكيين،‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬،‭ ‬و‮«‬بلينكين‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬صمتهما‭ ‬بشأن‭ ‬هذه‭ ‬الأوضاع،‭ ‬يخبرنا‭ ‬باستمرار‭ ‬تردد‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬في‭ ‬إدانة‭ ‬الانتهاكات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬علنًا،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬تصريحات‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬‮«‬بريطانيا‮»‬،‭ ‬و«الاتحاد‭ ‬الأوروبي‮»‬،‭ ‬قد‭ ‬فشلت‭ ‬أيضا‭ ‬في‭ ‬إجبارها‭ ‬على‭ ‬الالتزام‭ ‬بالقانون‭ ‬الدولي،‭ ‬ولا‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬إظهار‭ ‬حق‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬التمتع‭ ‬بحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والسيادة‭ ‬الوطنية‭ ‬والأمن‭. ‬ومع‭ ‬استمرار‭ ‬الغرب‭ ‬في‭ ‬تأكيد‭ ‬أهمية‭ ‬ضمان‭ ‬تلك‭ ‬الحقوق‭ ‬باعتبارها‭ ‬أسبابا‭ ‬صريحة‭ ‬لدعمهم‭ ‬الثابت‭ ‬لأوكرانيا‭ ‬ضد‭ ‬روسيا؛‭ ‬فإن‭ ‬الاتهام‭ ‬بوجود‭ ‬‮«‬معايير‭ ‬مزدوجة‮»‬‭ -‬تقود‭ ‬المصالح‭ ‬الخاصة‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬تطبيق‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭- ‬هو‭ ‬أمر‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬نفيه،‭ ‬ولا‭ ‬تجاهله‭.‬

مشاركة :