شعارات العلامات التجارية تخلق هويتها

  • 5/19/2023
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

إعداد: HEBA NOUMAN منذ خمسينيات القرن الماضي، ازداد استخدام شعارات العلامات التجارية لتكون أدوات تسويقية وإعلانية تحوّلت مع الوقت إلى رموز لهذه العلامات. شخصيا أرى أنه يمكنك رمي شعار "إيف سان لوران" الثلاثي الحروف على كيس بلاستيكي، فيقع الناس في غرامه! وذلك لأن الشعار رمز مباشر ومرادف للعلامة التجارية، ويعطي هوية شخصية للعلامة ولمن يختار تصاميمها. كثيرا ما نستخفّ بأهمية شعارات العلامات التجارية. لكن رمز العلامة يصبح كل شيء وأكثر. Gucci واصلت بعض العلامات استعمال الشعار أو الرسم نفسه، فأبقت إرثها حيا في الخطّ أو شكل الطباعة؛ في حين قامت علامات أخرى بتعديل هذه التصاميم بشكل طفيف للحصول على تفسير أكثر حداثة يتماشى مع العصر، ويصون في الوقت نفسه معنى الشعار وهوية العلامة. سيبقى موضوع الإرث دائما دقيقا ومهما، لأن الناس يقدّرون الشعور بالأمان والمكانة الرفيعة المرتبطين بالإرث؛ وتحمل اليوم وفرة الطبعات والشعارات والرسوم قوة رمزية مميزة للعلامة وزبائنها. مع الوقت، تغيّر شعار "غوتشي"، ليصبح أحد الشعارات الأكثر شهرة بحرفَي GG المتداخلين، وقد نجح في جذب أبناء الجيل "زد" وفي تجديد حب الجميع لهذه الدار الإيطالية الضخمة. صارت الحقائب والأحزمة المزينة بهذا الرمز البارز محور الإطلالات التي تكملها، حتى إن أطفال الصفوف الابتدائية يعرفونها. ففي الكثير من الأحيان، أسمع لدى توصيل أولادي إلى المدرسة أطفالا في سن العاشرة يشيرون إلى حزامي المزين بشعار GG ويقولون إنهم يرغبون في الحصول على واحد مثله حين يكبرون. وهو مثل يثبت قوة هذا الشعار والعلامة التي يمثّلها. يجب أن أعترف بأن شعاري المفضل على الإطلاق هو YSL. بثلاثة أحرف فقط، ينضح بالترف والسحر والرقي. ربما أحبه لأنه يذكّرني بحقيبة ماكياج أمّي في الثمانينيات، أو لأنه رمز علامة لطالما أردت ارتداء تصاميمها في وقت بدا ذلك فيه مستحيلا خلال طفولتي، أو ببساطة لأن ذكرياتي عنه حُفرت في ذهني منذ أن كنت طفلة، وتركت أثرها إلى الأبد. أتساءل دوما عن تفضيل الناس لشعارات معينة أكثر من غيرها، وما إذا كان السبب متعلّقا بالحنين إلى ذكريات معينة، أو بذوق شخصي، أو مجرد صيحة معاصرة يريدون اتباعها. أُسست الشركة في ١٩٢١، وكانت متخصصة فقط في إنتاج السلع الجلدية مثل حقائب السفر الأنيقة، ولهذا السبب كان شعار الشركة وقتها بسيطا. لم يتغير الشعار الرسمي كثيرا منذ الثلاثينيات، حين أعاد أحد أبناء مؤسس الدار تصوّر رمز شركة والده. فصمم "ألدو غوتشي" رمز حرف G المزدوج المتشابك، ممثلا أول حرفين من اسم والده الكامل "غوتشو غوتشي" ، وممثلا أيضا وصلات السوار المعدنية، لتكون بمنزلة علامة على فخامة ما تقدّمه الدار. كانت الثلاثينيات أيضا فترة واجهت فيها شركة "غوتشي" نقصا في توريد مادة الجلد بسبب الحصار الاقتصادي الذي فرضته منظمة عصبة الأمم على إيطاليا، فاضطرت الدار إلى البحث عن مواد أولية أخرى، الأمر الذي أدّى إلى ابتكار قماش الكانفاس المزين بنمط المعينات الأيقوني المؤلف من رموز GG المتشابكة، والذي نراه اليوم على الكثير من الملابس الجاهزة والإكسسوارات اللافتة. غوتشي" GUCCI ، ربيع ٢٠٢٠غوتشي" GUCCI ، ربيع ٢٠١٦حقيبة من "غوتشي"GUCCI ، ربيع ٢٠١٨وفي كل مرة درست فيها الشركة احتمال تغيير شعارها بشكل جذري، فشلت تصاميمه الجديدة المقترحة في التبلور، وهو ما يثبت لنا أن الناس حقا يحبّون المعاني التراثية والتاريخية المطمئنة التي يعبّر عنها رمز "غوتشي" التقليدي. سنة تلو الأخرى، استمرت "غوتشي" في تقديم مجموعات مدهشة ومنتجات جديدة، دون أن يغيب عن عينيها رمزها الأيقوني. غوتشي" GUCCI ربيع ٢٠٢٠FENDI أبصر شعار FF النور على يدي "كارل لاغرفيلد" حين انضمّ إلى دار "فندي" في ١٩٦٥، وقد أراد من خلاله تسليط الضوء على كون الدار مبدعة ومبتكرة في استعمالها للفرو. رسم "لاغرفيلد" الحرفين معا في أقل من خمس ثوان، ويلخّص حرفا FF عبارة FUN FUR أي فرو مرح. فندي" FENDI ، ربيع ٢٠١٩فندي" FENDI ، شتاء ٢٠٢١إطلالة "ستريت ستايل"تحوّل الشعار إلى رسم متكرر أو مونوغرام، واستُعمل في البداية على نسيج محبوك بتقنية الجاكار، ليكون بطانة حقائب السفر، فاكتسى وقتها بألوان كلاسيكية مثل البنّي والأسود. علامة "فندي" خير مثال على الفخامة الحقيقية. ولا تشتهر علامة الأزياء الإيطالية بشعار FF المميز فقط، بل أيضا بحقائبها الجريئة التصاميم والمنفّذة بدقّة مثالية. على مدى قرن تقريبا، استمرت العلامة في النظر إلى الأمام وإلهام مديريها الإبداعيين لابتكار منتجات جديدة مبتدعة ومختلفة، مع الحفاظ على أسعار معقولة لمجموعاتها، وضمان تقديم تصاميم تعجب عملاءها الأوفياء وتلهمهم. فندي" FENDI ، ربيع ٢٠١٨CHANEL آه "شانيل" .. هو الأكثر كلاسيكية بين كل الشعارات، وعلى الأرجح أشهرها والمفضّل على الإطلاق لدى معظم الناس. الأمر المدهش هو أن شعار "شانيل" لم يتغيّر يوما، وبقي على حاله منذ عام ١٩١٠ حين ابتكرته مؤسسة دار الأزياء الأيقونية "غابرييل شانيل" . صمود هذا الشعار في وجه اختبار الزمن بعد مرور أكثر من قرن هو برهان على بساطة وجرأة تصميمه في الوقت نفسه، وهو تصميم يجمع الثنائي اللوني الخالد، ثنائي الأسود والأبيض. إن علامة CC رمز للأناقة والفخامة أصبح مرادفا للموضة الراقية والتصميم المبدع، وتوقيعا يكرّم جذور الدار وإرثها. شانيل"CHANEL ، "ريزورت" ٢٠٢٠شانيل"CHANEL ، "ريزورت" ٢٠٢٣حقيبة من "شانيل"CHANEL ، ربيع ٢٠١٤ظهر رمز "شانيل" الأيقوني في بداية حكاية الدار، عاكسا المبادئ الأساسية التي كانت تهم "غابرييل شانيل" أي الراحة، والهندسة، والخطوط النظيفة، التي تجلّت في كل مجموعات ملابسها الجاهزة وإكسسواراتها. نرى شعار "شانيل" اليوم في نسخ تقليدية ومعكوسة، أي باللون الأسود على الحرفين فوق خلفية بيضاء أو بكتابة بيضاء فوق اللون الأسود. والخياران يمثّلان الأناقة والجمال والقوة على القصات والتصاميم العصرية التي صارت أساسيات. حقيبة من "شانيل"CHANEL ، ربيع ٢٠٢٣شانيل"CHANEL ، "ريزورت" ٢٠٢٣Y S L نسج هذا الشعار الفريد خيوط هوية غرافيكية بصرية للعلامة، وما زال مستعملا اليوم. يتميز هذا الشعار عن رموز العلامات التجارية الأخرى، وقد صمد في وجه مرور السنين والعقود. وفقا لطلب الدار، ابتكر المصمم الغرافيكي "كاساندر" شعارا أصبح رمزا للجودة والفخامة، وشعارا لا يرمز فقط إلى العلامة بل أيضا إلى ما تمثّله وتجسّده، وهو ما يجعله أكثر من مجرّد شعار جيّد، بل يجعله شعارا رائعا. قد يخدعنا الرمز، لأنه يبدو مينيماليا وبسيطا للغاية. هو نقي وجريء في الوقت نفسه، لكن حين ننظر تحديدا إلى خطّه ونحلّل تصميمه، ندرك كم كان العمل خلفه مدروسا ودقيقا ومتأنيا. وكأن الكلمات الثلاث التي تبدأ بالأحرف Y S L تتدفق في ما بينها، لتلحّن إيقاعا ترقص وفقه الحروف. سان لوران" SAINT LAURENT ، ربيع ٢٠٢٣بروش YSLإطلالة "ستريت ستايل"صندل "أوبيوم" OPYUM من "سان لوران"SAINT LAURENTأقراط أذن لؤلؤية من "سان لوران" SAINT LAURENTحقيبة "لولو" LOULOU بسلسلة حمل معدنيةCELINE في بيان رافق كشف النقاب عن شعارها الجديد، قالت الدار إن: "الشعار الجديد مستوحى مباشرة من النسخة التاريخية الأصلية التي ظهرت في الستينيات" . وشرحت أكثر عن نزع العلامة النطقية عن الحرف الثاني من اسمها للعودة بالذاكرة إلى العصر المينيمالي الذي عاشته العلامة في الستينيات، ومن أجل "إتاحة تناسب مبسّط وأكثر توازنا" . بالفعل، إن الفرق الأساسي في هوية علامة "سيلين" تحت إشراف "هادي سليمان" هو محو علامة التوكيد عن الحرف الثاني السابق É حتى صار شعارها ببساطة CELINE. حقيبة من "سيلين"CELINEفستان من "سيلين"CELINEقميص من "سيلين"CELINEعبّرت "ليدي غاغا" عن دعمها للتصميم الجديد، من خلال حمل أول حقيبة صممها "هادي سليمان" لدار "سيلين" في باريس، والصور انتشرت في أرجاء "إنستغرام" . وقد قدّمت الدار شكلا مميزا لشعارها حديثا، نراه على مشبك أحزمتها بأسلوب مقوس أكثر قد يستحضر بعض الشيء أجواء السبعينيات. بالنسبة إلى قدامى عشّاق "سيلين" وهواة جمع قطعها، إن خبر إعادة تصميم الشعار جعل من حقائب المواسم السابقة تنتمي إلى حقبة "ما قبل هادي سليمان" ، وأحدث في الوقت نفسه ضجّة في صفوف المتسوّقات المهووسات بعالم "إنستغرام" ، بعد أن محت CÉLINE حسابها تماما عن منصة التواصل الاجتماعي من أجل كشف شعارها الجديد. وبعد أن أصبح "سليمان" مديرا إبداعيا وفنيا للدار ومسؤولا عن صورتها، تسلك "سيلين" اتّجاها جديدا، منطلقة من اسمها الفريد. GIVENCHY من بين أبرز الشعارات البعيدة عن المبالغة والتباهي في قطاع الأزياء، رسم حرف G المكرر 4 مرّات ليرسم المربّع الشهير النابض بجاذبية شبابية وشخصية مينيمالية. بلمسة إبداعية، وُضعت الأحرف الأربعة في نقاط تجعلها تشكّل حدود مربّع واضح، وهو ما ينشر حسّا من الأمان والثبات. له سحر فنّي خاص ينعكس من تصميمه الذي يتكيف مع أي تعديلات بسهولة، بحيث تتمكن الدار من إعادة تصور هذا الرمز المتعدد الاستعمال ضمن تصاميمها. الشعار الجديد الذي تعتمده الدار اليوم ظهر للمرة الأولى قبل نحو عشرين عاما، لكن عمر هويته سبعة عقود ظل خلالها خالد الجمال والجاذبية والمكانة. جيفنشي"GIVENCHY ، ما قبل خريف ٢٠٢١جيفنشي"GIVENCHY ، ما قبل خريف ٢٠٢٢وشاح من "جيفنشي"GIVENCHYDIOR لدار "كريستيان ديور" التي أُسست في ١٩٤٦، شعار مينيمالي يعكس تقاليدها وإرثها. على الرغم من حضورها الفائق الفخامة، تبقى هويتها بسيطة وهادئة للغاية. الشعار الواضح والراقي يسهّل تمييز العلامة التجارية والتعرف إليها، لكنه هنا مرتبط بالرقي والمكانة الرفيعة والسحر والترف. على غرار الكثير من العلامات التجارية الأخرى، تستخدم "كريستيان ديور" شعارا يتكون من اسمها؛ وكان في الأصل نسخة كاملة لكتابته. أما خيار اللونين الأسود والأبيض، فيعزز الوعي تجاه العلامة، ويعكس كلاسيكية الموضة الراقية. ديور"DIOR ، ربيع ٢٠١٧ديور"DIOR ، شتاء ٢٠١٧في ٢٠١٨، تغيّر تصميم الشعار حتى صارت كل الأحرف كبيرة بهدف التشديد على أهمية دار الأزياء الفرنسية وشهرتها العالمية. منذ أن صارت "ماريا غراتسيا كيوري" المديرة الإبداعية لدار "ديور" ، ظهرت شعارات العلامة بشكل متكرر على الملابس والأحذية والمجوهرات، حيث شكّلت عنصرا مميزا. وتعكس الحروف والرموز الأيقونية هوية مؤسسية حوّلت الدار من منبع للأناقة الناضجة إلى خيار عصري للأجيال الجديدة. VALENTINO كان مؤسس دار "فالنتينو" رائدا في استعمال شعارات علامته ضمن تصاميم أزيائه، وأطلق هذه الفكرة للمرة الأولى في عرضه الأسطوري بعنوان "سالا بيانكا" في عام ١٩٦٨. ترجم دائما حرف V الرمزي الغرافيكي في أشكال الملابس، راسما زخرفة نمطية من اللون نفسه أو مضيفا تفاصيل معدنية على شكل حرف V إلى المعاطف. بعد إطلاق المدير الإبداعي "بييرباولو بيتشولي" الدرجة الوردية الجديدة PINK PP في ٢٠٢٢ بالتعاون مع معهد "بانتون" ، عبّرت دار الأزياء الإيطالية عن هدف أبعد، عبر كشف شعارها الجديد. الرمز الجديد هو الأكثر إبهارا ولفتا للأنظار! فالنتينو"VALENTINO ، شتاء ٢٠٢١فالنتينو"VALENTINO ، ربيع ٢٠٢١حقيبة من "فالنتينو"VALENTINO ، ربيع ٢٠٢٣التصميم الغرافيكي لشعار "فالنتينو" الجديد يذكّرنا كثيرا بالسبعينيات. في مجموعة "توال إكونوغراف" TOILE ICONOGRAPHE ، نراه على القمصان والسراويل القصيرة والفساتين والأوشحة والحقائب والقبعات بتصميم الدلو. وتركّز لوحة ألوانه بشكل أساسي على الأسود والبيجي، إلى جانب الدرجة الشوكولاتية الداكنة التي أضيفت إلى أحمر "فالنتينو" الأسطوري. وقد وصف المصمم "فالنتينو غارافاني" هذا الرمز الجديد، قائلا: "الشعار يصبح كل شيء. هو هاجس مبالغ به، وفي الوقت نفسه فريد ومشجع على التحرر. إنه علامة أصيلة وأنيقة على هذا العصر وتناقضاتنا وأفعالنا" .  

مشاركة :