الخرطوم - اتهمت قوات الدعم السريع الخميس عصابات اجرامية من فلول النظام السابق وجهة متطرفة في الجيش بالوقوف وراء الهجوم على دور العبادة والكنائس كان اخرها كنيسة مار جرجس القبطية منددة بسرقة ازيائها واستعمالها في مثل تلك الانتهاكات في محاولة لتشويه سمعة الدعم وتأليب الطوائف الدينية وإظهارها كطرف يعتدي على الكنائس لتشويهها في الداخل والخارج. وكان شاهدان قد اكدا ان مسلحين ملثمين شنوا هجوما مروعا استمر على مدار أربع ساعات مطلع الأسبوع على كنيسة مار جرجس وهي واحدة من أقدم الكنائس في الخرطوم وموجودة بحي المسالمة بأم درمان.وفتحوا النار على مسؤولي الكنيسة بينما كانوا يبحثون عن النقود والذهب والنساء. وأكدت قوات الدعم التي نفت مسؤوليتها عن الهجوم على الكنيسة، في بياناتها أن قواتها تعمل على حماية المدنيين وأن من يرتكبون الانتهاكات هم مجرمون يسرقون زيها لتنفيذ جرائم حيث حذرت مرارا من سعي فلول نظام عمر البشير للعب على وتر الاختلاف العرقي والديني لتاجيج الصراع خاصة في دارفور التي تشهد انتهاكات مروعة. ووصف الشاهدان اللذان طلبا عدم الكشف عن هويتيهما خوفا من التعرض للانتقام المهاجمين بأنهم في أواخر العشرينات من العمر، وذكرا أن واحدا منهم على الأقل لا يتحدث العربية. وقالا إن المهاجمين كانوا ملثمين ويرتدون ملابس غير متطابقة، بعضها تخص قوات الدعم التي حذرت مرارا من محاولات توريطها. وقالا إن المسلحين أطلقوا النار على قسيس وراهبات وخدام بالكنيسة مما أدى إلى إصابة خمسة منهم. ويروي أحدهما "لقد صاحوا: أين الذهب؟ أين المال؟ أين الدولارات؟". كما كالوا السباب لقادة الكنيسة والعاملين بها ووصفوهم بالكفار وحثوهم على اعتناق الإسلام. ووفقا لبيانات مركز بيو للأبحاث ومجلس كنائس السودان فإن التقديرات تشير إلى أن ما يزيد قليلا عن خمسة بالمئة من سكان السودان البالغ عددهم 46 مليون نسمة هم من المسيحيين، ويتوزعون على 36 طائفة. وتتبع الكنيسة القبطية في السودان الكنيسة القبطية المصرية. وقال الشاهدان إن المهاجمين اقتادوا الكاهن أثناء الهجوم إلى منزله تحت التهديد بخنجر، قبل الاستيلاء على خزنة بها ذهب وأموال، كما سرقوا سيارة. وقاموا كذلك بتخريب مكاتب الكنيسة ومقرا للأنبا صرابامون أسقف الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في السودان الذي كان موجودا أثناء الهجوم وتعرض للضرب بكرسي وعصي، لكن المسلحين لم يتعرفوا عليه. ويوجد بالكنيسة ملحق لكبار السن والفتيات اليتيمات اللائي تم تخبئة بعضهن خلال الهجوم. وقالت كنيسة أنجليكانية في حي العمارات بالخرطوم يوم الثلاثاء إن قوات من الدعم السريع اقتحمتها و"احتلتها" وسرقت سيارة وكسرت أبواب مكاتبها. وذكر حزقيال كندو كبير أساقفة الكنيسة الأسقفية الأنجليكانية في السودان في بيان على فيسبوك "لا نعلم ما الذي حصل لبقية ممتلكات الكنيسة". ونددت الأمم المتحدة بالانتهاكات العديدة والخطيرة للاتفاق الذي توصلت اليه الأطراف المتحاربة في السودان الأسبوع الماضي بشأن تجنيب المدنيين والبنى التحتية المعارك والسماح بدخول المساعدات التي هناك حاجة ماسة اليها مع استمرار المعارك وما تبعها من انتهاكات طالت دور العبادة والاقليات الدينية والعرقية. ورحب مبعوث الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث الذي يقود الجهود الأممية للإغاثة في السودان بإعلان 12 أيار/مايو الذي تم توقيعه في مدينة جدة السعودية من قبل طرفي النزاع، وتضمن تعهدا بالامتناع عن مهاجمة العاملين في المجال الإنساني. وقال غريفيث إنه مع وصول المساعدات "هناك انتهاكات للإعلان، وهي انتهاكات هامة وفظيعة وتحدث منذ توقيع" الإعلان. وأبلغت منظمة أطباء بلا حدود الانسانية الأربعاء عن تعرض مستودعاتها في الخرطوم لهجوم في اليوم السابق، كما أشار غريفيث إلى اعتداء في اليوم نفسه على مكاتب برنامج الأغذية العالمي في العاصمة السودانية، من بين "العديد" الأمثلة. وقال "نحن بطبيعة الحال نقوم بإنشاء سجل لتوثيق مثل هذه الأحداث، وسوف نتحدث مع الطرفين حولها بينما تمضي العملية قدما". وشدد غريفيث على ضرورة زيادة المساعدات بشكل كبير للاستجابة للوضع المتصاعد في السودان منذ اندلاع الصراع في 15 نيسان/أبريل بين قائد الجيش عبدالفتاح البرهان ونائبه السابق محمد حمدان دقلو الذي يقود قوات الدعم السريع. وأسفر النزاع في السودان عن مقتل نحو ألف شخص معظمهم في الخرطوم وحولها، وكذلك في إقليم دارفور الغربي المضطرب منذ فترة طويلة، بينما شردت المعارك أكثر من مليون آخرين. وأشار غريفيث إلى أنه "لم يمر سوى شهر واحد فقط" على اندلاع المعارك. وقالت الأمم المتحدة الأربعاء إن نصف سكان السودان يحتاجون إلى مساعدات إنسانية، وأن هناك حاجة إلى أكثر من ثلاثة مليارات دولار هذا العام وحده لتقديم مساعدات عاجلة داخل البلاد ولأولئك الذين يفرون عبر الحدود. ونظرا للاحتياجات الهائلة، أصر غريفيث على أن هذا مجرد "نداء متواضع جدا"، وحض المانحين على الإسراع بالتحرك. ولا تزال الآمال في وقف إطلاق النار ضعيفة بعد انتهاك هدن عدة في الأسابيع الماضية. وبينما تتواصل المناقشات في جدة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار، أوضح غريفيث أن المفاوضات حول الإعلان الأخير الذي تم توقيعه كانت منفصلة. وكان التركيز فيها على ضمان تدفق المساعدات حتى لو استمر القتال، والمساعدة في وضع حد للاعتداءات وأعمال النهب التي استنفدت مخزونات الغذاء وجعلت معظم المرافق الصحية في الخرطوم خارج الخدمة. وقدّر برنامج الأغذية العالمي الخميس خسائره منذ اندلاع النزاع بنحو 56 مليون دولار بسبب تعرض المواد الغذائية والمركبات والوقود للنهب. وقال غريفيث "هذا رقم كبير وصادم ...ومخزٍ". وأقر المبعوث الاممي بأن الأمر قد يستغرق بعض الوقت حتى يشعر الناس على الأرض بالالتزامات التي اتفقت عليه قيادتا الجانبين، مضيفا أن هناك عملا مهما يتم القيام به على المستوى المحلي لضمان وصول المساعدات. وقال إن "ابرام اتفاقات محلية للسلامة والأمن يُعول عليها لإقامة ممرات انسانية آمنة للإمدادات والأشخاص" قد مكّن اليونيسف على سبيل المثال من البدء بنقل إمداداتها في منطقة جنوب الخرطوم. وأضاف أن العاصمة السودانية لا تزال "واحدة من أخطر الأماكن في العالم" بالنسبة للعاملين في المجال الإنساني. وفي دارفور حذّر غريفيث من "العنصر العرقي الخطير المضاف الذي باتت تواجهه البلاد بأسرها الآن". وأسفر العنف في الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور عن مقتل المئات وانهيار النظام الصحي، وفق مسعفين. وأشار المبعوث الاممي إلى أن دارفور "كان مكانا يعاني من انعدام الامدادات والأمن بشكل غير عادي ومن هشاشة كبيرة" حتى قبل الأزمة الأخيرة، مشيرا إلى أن تجدد الصراع كان "مروعا بشكل لا يمكن تصوره" لسكان المنطقة. ولفت إلى أن الجهود قائمة لتنظيم عمليات تسليم المساعدات عبر الحدود من تشاد إلى دارفور، وأنه يأمل في إمكان تنظيم عمليات نقل جوي "ربما من نيروبي" إلى دارفور والخرطوم. وفي الوقت نفسه، أعرب غريفيث عن أسفه لأنه بسبب استمرار العقبات البيروقراطية "ما زلنا نواجه صعوبة في نقل الإمدادات القادمة من بورتسودان" إلى داخل البلاد. وقال إن هذا الوضع يمكن تصحيحه و"يجب القيام بذلك على وجه السرعة".
مشاركة :