بدأ ماراثون حملة الانتخابات البرلمانية الذي يمتد على مدى أسبوع قبل موعد الانتخابات البرلمانية ومجلس خبراء القيادة في 26 فبراير (شباط)، ويتنافس نحو ستة آلاف و229 مرشحا لشغل 290 مقعدا في البرلمان. ودعا وزير المخابرات الإيراني، محمود علوي أمس إلى انتخاب برلمان «غير مزعج» لحكومة روحاني. ومن جهته أعلن رئيس لجنة الانتخابات الإيرانية، محمد مقيمي، الأربعاء، أن وسائل الإعلام التي تعتمد 5 في المائة من ميزانيتها على الميزانية العامة لا يحق لها التدخل «سلبا وإيجابا» لصالح المرشحين في الانتخابات، وكشف مقيمي عن لجنة ترصد التجاوزات الانتخابية واستخدام الإمكانات الحكومية في الانتخابات. وبعد أسابيع من الجدل في طهران عقب إقصاء عدد كبير من المرشحين، بدأت الحملة التي تستمر حتى 24 ساعة قبل موعد الانتخابات فقط في أجواء هادئة حيث خلت الشوارع تقريبا عدا بعض الملصقات التي لا يفترض أن يتعدى حجمها 20 في 15 سنتيمترا، وفق وكالة الصحافة الفرنسية. على صعيد متصل، تواصلت تحذيرات المرشد الأعلى علي خامنئي، من «التهديد» المتربص بالنظام وأركانه تحت لواء الانتخابات المقررة في 26 فبراير (شباط) المقبل، وقال خامنئي أول من أمس إنه لا «يتعب» من تكرار تحذيراته حول تدخل «الأعداء» في الانتخابات. وهاجم خامنئي منتقدي «مجلس صيانة الدستور» الذي أبعد عددا كبيرا المرشحين «يرددون عبارات أعداء نظامه من دون الانتباه لذلك». واعتبر خامنئي «تخريب مجلس صيانة الدستور والطعن بقراراته» من تخطيط جهات أجنبية، كما رأى خامنئي أن الانتقادات التي طالت دور مجلس صيانة الدستور محاولة لسلب الشرعية من الانتخابات الإيرانية. في هذا الصدد، فإن خامنئي اتهم جهات خارجية بمحاولة «تعطيل» الانتخابات والعمل على خلاف دستوري في إيران في السنوات الأربع المقبلة. وفي وقت كثر فيه الجدل في إيران حول «هندسة الانتخابات» وتقرير مصيرها قبل موعد التصويت، اعتبر خامنئي التشكيك بسلامة ونزاهة الانتخابات محاولة من محاولات «التغلغل» في البلاد. وكان خامنئي قد أصدر الاثنين فتوى حول الانتخابات، أكد فيها أن المشاركة في الانتخابات التي تمنع الفساد المتزايد «واجب عيني» على أتباعه، كما بين في فتوى الانتخابات أن رمي الآراء البيضاء في الانتخابات يسهم في «ضعف» النظام، وبين خامنئي أن تصويت النساء في الانتخابات ليس بحاجة إلى إذن من الزوج. يشار إلى أن ظاهرة الإدلاء بأصوات بيضاء في صناديق الانتخابات رائجة في إيران في ظل إجبار السلطة الإيرانية مواطنيها على المشاركة في الانتخابات عبر توثيق المشاركة في سجلات الأحوال المدينة، وبسبب خشية المواطنين من التضييق عليهم في حياتهم المهنية والعلمية بسبب مقاطعة الانتخابات، فإن إحصائية نتائج الانتخابات في إيران تضم أرقاما كبيرة من الأصوات «الباطلة». وفي تلميح إلى انتقادات لاذعة وجهها هاشمي رفسنجاني قبل أسبوع إلى مجلس صيانة الدستور بعد رفض ترشيح حفيد الخميني، قال خامنئي إنه لا يمكنه اتهام المنتقدين بالخيانة، مشددًا في الوقت نفسه على أن المنتقدين لا يدركون مغزى تصريحاتهم، واعتبر ذلك استكمالا لـ«مخططات الأعداء». وفي السياق نفسه، كرر خامنئي تصريحاته حول قضية «التغلغل» في إيران، وأضيف عنصر الانتخابات إلى المنافذ التي يحاول «الأعداء»، بحسب خامنئي، التأثير على الداخل الإيراني بعدما بدأ خامنئي الحديث عن «التغلغل» الصيف الماضي، عقب إعلان الاتفاق النووي بين إيران والدول الست الكبرى. وتحول الفساد إلى ساحة مواجهة في المعركة الانتخابية الملتهبة بين التيارين الأساسيين اللذين يتقاسمان السلطة تحت قبة «ولي الفقيه». وكشف التيار الإصلاحي، أمس، قائمته الانتخابية تحت شعار «الأمل»، التي تضم ثلاثين مرشحًا في طهران لخوض الانتخابات المقبلة، بعدما أعلن التيار أن عشرة فقط من مرشحيه في العاصمة وافق مجلس صيانة الدستور على ترشحهم للانتخابات. وحسب المراقبين فإن التيار الإصلاحي بعد خيبة إقصاء مرشحيه رفع شعار اختيار «السيئ من الأسوأ»، لمنع سيطرة معارضي سياسة حكومة حسن روحاني على البرلمان الإيراني المقبل. من جانبه، ربط أستاذ العلوم السياسية، صادق زيباكلام تركيز الحملات الانتخابية على الفساد في المؤسسات الحكومية بالمشكلات الاقتصادية «العميقة» التي تعاني منها إيران. واتهم زيباكلام التيارين الأساسيين في البلاد بعدم التطرق إلى الاقتصاد الفاسد وسياسات إيران الاقتصادية «الفاشلة». وأعرب زيباكلام في افتتاحية صحيفة «آرمان أمروز» عن أمله بأن تمتلك الأطراف السياسة المتصارعة على كراسي البرلمان «الشجاعة المطلوبة» لمصارحة الإيرانيين حول السبب الرئيسي في الاقتصاد الإيراني المتأزم، التي قال إنها السياسة الفاشلة للدولة الإيرانية في الاقتصاد. في سياق موازٍ، أشار زيباكلام إلى أزمة البطالة وارتفاع العاطلين من العمل إلى نحو ثمانية ملايين بعد أشهر قليلة. كما أن المصانع الإيرانية تخزن منتجاتها منذ فترة سنوات من دون العثور على أسواق تستقبل المنتجات. بدوره، اتهم البرلماني علي رضا زاكاني، الرئيس الإيراني بإدارة «مافيا اقتصادية» في إيران، بعد أيام من تصريحات روحاني حول الفساد الواسع في المؤسسات الحكومية الإيرانية. وقال زاكاني في مؤتمر صحافي الثلاثاء إنه يقدم تقريرًا عن «كارثة» في إيران تظهر جوانب متعددة من الفساد المنظم في الشريان الاقتصادي الإيراني، وفق ما ذكر موقع «ديغربان». وتابع زاكاني المحسوب على التيار الأصولي بأنه سيقدم وثائق إلى وزارة المخابرات تثبت تورط أعضاء مكتب الرئيس الإيراني في ملفات فساد اقتصادية وتلقيهم «الرشوة»، واتهم حاشية روحاني بـ«استغلال» الاتفاق النووي في تحقيق «تجارة غير شرعية». وأضاف زاكاني أنه يملك معلومات «كافية» عن المجموعة «الفاسدة» في الوزارة الخارجية ووزارة الموصلات والاتصالات والتعاون والرفاه الاجتماعي. وأشار زاكاني إلى وزیر النفط بیجن زنغنه وحسين فريدون (شقيق روحاني) وسيروس ناصري على أنهم من أعضاء «شبكة الفساد»، وأضاف أن «شبكة خطيرة من السماسرة» تبرم حاليًا عقودًا من النفط بين إيران وشركات أجنبية. وأوضح أنها تعرض البلاد للبيع بثمن «رخيص». وطلب زاكاني من روحاني أن يبدأ مكافحة الفساد من مكتبه ووزارة النفط. لوح زاكاني بتسريب جميع وثائق تورط مسؤولين كبار في حكومة روحاني بقضايا الفساد. وتأثرت الصحف الإيرانية بمواقف المسؤولين الإيرانيين الذين تبادلوا الاتهامات بالفساد في وقت تستعد البلاد لأول انتخابات بعد الاتفاق النووي وتحولت القضايا الاقتصادية وتبعات الأزمة الاقتصادية إلى ساحة ساخنة في المواقف الانتخابية ووردت صحيفة «إيران» في عدد أمس على اتهامات الفساد الموجه للحكومة الإيرانية وكانت الصحيفة قد انتقدت أول من أمس «تناقض» وسائل الإعلام والصحف في توجيه اتهامات بالفساد إلى إدارة روحاني فيما تتجاهل الملفات الفساد وحجم الديون التي تتجاوز 700 مليار دولار في زمن الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد. من جهته، انتقد رئيس البنك المركزي الإيراني، ولي الله سيف، في تصريح لصحيفة إيران من المسار «السلبي» في الحملات الانتخابات، وحذر من تبعات تبادل الاتهامات حول الفساد على العلاقات الاقتصادية لبلاده والاستثمار الأجنبي، مؤكدا أنها تبعث رسالة «تثير قلق» المستثمرين الأجانب. من جانب آخر، حذر رئيس اللجنة الاقتصادية في البرلمان الإيراني من توجهات حكومة روحاني «الرأسمالية» في سياستها الاقتصادية، معتبرا الانفتاح على «الليبرالية الرأسمالية» تهديدا لاستقلال إيران. وفي إشارة ضمنية إلى معاناة المؤسسات الحكومية من الفساد الاقتصادي و«أساليب الفساد الملتوية» في إيران قال توكلي إنه «من الصعب ألا ينتهي النشاط الاقتصادي إلى تشييد الأبراج».
مشاركة :