أكد مختصون ومتعاملون بالأسماك تردي إنتاج الثروة السمكية، محذرين من انقراض الأسماك العراقية بسبب شح المياه والذي تسبب في دفع وزارة الموارد المائية لمنع تربية الأسماك لكنها منحت ستة أشهر لتلافي الخسائر التي ستلحق بمربي الأسماك. وكانت وزارة الموارد المائية قد قررت منع تربية الأسماك بالأحواض والأقفاص والبحيرات الصناعية اعتبارا من أول يوليو المقبل ضمن خطتها لمواجهة الجفاف وشح المياه، لكنها اضطرت لتأجيله لنهاية السنة بسبب الانتقادات لهذا القرار من المختصين ومربي الأسماك. وتتمثل مشكلة الجفاف بالعراق بتراجع إيرادات المياه بنهري دجلة والفرات وروافدهما لكثرة السدود المقامة على منابعهما بتركيا وإيران وتحويل إيران مجرى 23 رافدا صغيرا، وتراجع كميات الأمطار بعموم العراق، وفقا للخبراء. -- تردي انتاج الأسماك وهناك عدة أسباب لتردي الثروة السمكية بالعراق أولها شح المياه والصيد الجائر وعدم تفعيل قانون منع الصيد بموسم التكاثر وقلة الدعم الحكومي وإهمال الصيد البحري، وفقا لمختصين ومسؤولين وصيادي أسماك. وقال المهندس حاتم فيصل معاون مدير عام دائرة الثروة الحيوانية لشؤون الأسماك بوزارة الزراعة لوكالة أنباء ((شينخوا)) "إن قطاع الثروة السمكية عانى من إهمال كبير بالفترة السابقة ومن تجفيف الأهوار وهجرة المربين، إضافة لقطع الأنهر من دول الجوار ما أدى إلى قلة انتاج الثروة السمكية". واشتكى فيصل من قلة التخصيصات المالية لدعم قطاع الثروة السمكية، داعيا إلى تعاون جاد مع الوزارات الأخرى وبمقدمتها وزارة الموارد المائية للحفاظ على الثروة السمكية بالعراق. ويرى أن الصيد البحري الذي تركه العراق يعد من أسباب تردي الثورة السمكية، مبينا أن وزارة الزراعة تحاول إعادة الأسطول البحري العراقي الذي كان يعمل بخمسينات القرن الماضي والذي تم بيعه بالثمانينات بسبب الحرب. وأضاف أن "الإنتاج الموجود قليل جدا إضافة إلى أن الصيادين يتعرضون لمضايقات كبيرة من قبل دول الجوار عند ممارستهم الصيد "، مبينا أن وزارة الزراعة خاطبت وزارة الخارجية لتفعيل الاتفاقيات الموجودة بين العراق ودول الجوار حول موضوع حقوقه المائية والصيد بالمياه الإقليمية. من جانبه أكد حاتم الحمداني رئيس مؤسسة روافد لتطوير وحماية الأحياء أن شح المياه من أهم التحديات التي تواجه العراق، مطالبا الجهات المختصة للتواصل مع دول الجوار لإيصال كامل الحصة المائية للعراق. وأضاف أن "أسباب تردي الثروة السمكية يعود لقلة المياه وجفاف الأنهر والبحيرات والأهوار التي كانت تنتج آلاف الأطنان وحاليا يكاد يكون انتاجها معدوما بسبب قلة واردات المياه. وأوضح أن واردات العراق المائية كانت سابقا 70 مليار م3 وحاليا انخفضت إلى 20 مليار م3. بدوره ذكر المهندس الزراعي حازم دهموش، مدير قسم مفاقس الأسماك بدائرة الثروة الحيوانية، أن مهام قسمه هي ديمومة الثروة السمكية بالأهوار والمسطحات المائية للحفاظ على الأمن الغذائي للبلد، مبينا أن الأسماك تعد جزءا من الأمن الغذائي. وأضاف "أن مرحلة إطلاق الأصبعيات (يرقات الأسماك) تأثرت بشح المياه بالبلد"، مبينا أنه يتم إطلاق هذه الأصبعيات بالمناطق التي يكون فيها ديمومة المياه لكن نتيجة شح المياه يتم الإطلاق بمناطق محددة. وأرجع دهموش أسباب تردي الثروة السمكية لشح المياه وعدم تفعيل قانون منع صيد الاسماك من بداية مارس لغاية 31 مايو فضلا عن الصيد الجائر الذي يتم من خلال الصعق الكهربائي واستخدام شباك غير قانونية والسموم والقنابل اليدوية بعمليات الصيد. وقال إن "عمليات الصيد الجائر تؤدي لإنهاء الأحياء السمكية بصورة عامة، فالمكان الذي تتم فيه عملية الصيد الجائر تنهي كل الأحياء المائية الموجودة في المياه "، مضيفا "أن الصيد الجائر وعمليات الصيد خلال موسم التكاثر أثرت على نمو الأسماك وتكاثرها". أما الصياد هاشم الموسوي (76 سنة) الذي يمارس صيد الأسماك بنهر دجلة منذ أكثر من 50 سنة فقد وصف نهر دجلة بالشخص الذي يصارع الحياة لعدم وجود مياه كافية فيه وإهماله. وقال" كلما أنظر لنهر دجلة، هذا النهر المريض، لا أحد يعالجه ولا أحد يهتم به، أصاب بالألم وأبقى الليل كله أفكر، وأرى أننا سوف نواجه مشاكل كثيرة"، مؤكدا أن الثروة السمكية بالعراق تتناقص نتيجة شح المياه، متوقعا انقراض الأسماك العراقية بسبب هذا الشح. وأثر تردي الثروة السمكية على العاملين ببيع معدات الصيد، ومنهم سيد حيدر، صاحب محل لبيع أدوات صيد الاسماك الذي قال " كان عملنا جيدا ويصل واردنا ببعض الاحيان باليوم لمليون أو مليون ونصف دينار (900 - 1100 دولار) أما الان من الصباح وحتى المساء نبيع ب 30 الف دينار (أقل من 20 دولارا) لانخفاض أعداد الأسماك بسبب قلة المياه". -- نقل التجربة الصينية هو الحل ويرى المهندس الزراعي حازم دهموش بأن نقل التجربة الصينية المتطورة بمجال تربية الأسماك والاستغلال الأمثل للمياه والمساحات هي الحل الأنجع لتلافي مخاطر تردي الثروة السمكية وانخفاض انتاجها. وتلقى دهموش دورة تدريبة بشنغهاي عام 2016 لمدة شهرين عن تربية الأسماك والأحياء المائية واطلع على تطور التجربة الصينية بهذا المجال والتي أثارت إعجابه ما دفعه للتمني بتطبيق هذه التجربة بالعراق . وقال " في أحد زياراتنا لجمهورية الصين الشعبية، شاهدنا وجود أنظمة حديثة تستخدم بتربية الأسماك، وهذه الأنظمة تعمل على التقنين من استخدام المياه، واستخدام تربية مكثفة بوحدة المساحة لغرض الاستغلال الأمثل للمياه". وأضاف "حبذا لو يتم تطبيق هذه الإجراءات لدينا، نتيجة شح المياه يجب أن ندخل أنظمة حديثة بالتربية حتى نعمل على زيادة الانتاج لغرض سد حاجة البلد من الأسماك وتحقيق الاكتفاء الذاتي". وأوضح أن بعض أجواء الصين ودرجات الحرارة مشابهة لبعض أجواء العراق، لكن الفرق أن لديهم مسطحات مائية كبيرة فضلا عن إطلالتهم على البحر بحيث استغلوا المياه بتربية أحياء مائية متعددة وليس الأسماك فقط. وتابع "بالصين يربون أحياء مائية كثيرة مثل المحار والسرطان والأسماك البحرية وحتى استخدموا النظام المغلق بتربية الأسماك البحرية التي تكون الجدوى الاقتصادية فيها مجدية أكثر من تربية أسماك محلية، لذلك تجد لديهم أكثر من نوع من الأسماك يتن تربيتها بالبحيرات والأقفاص". واستطرد "شاهدنا في إحدى البحيرات استخدام سياج لغرض حصر المكان وتربية نوع معين من الأسماك وتوزيع هذه الأسياج على مربي الأسماك". ويرى دهموش أنه وبالتعاون مع وزارة الموارد المائية، الجهة المسؤولة عن البحيرات والسدود، يمكن نقل هذه الفكرة للعراق وتصبح الأسياج البحرية أو الأقفاص توضع بالأنهر والسدود البحرية". واختتم أن "هذه الفكرة يمكن أن نستفاد منها حتى نزيد بها الطاقة الانتاجية للبلد لسد حاجة البلد من الأسماك".
مشاركة :