في تعقيدات المشهد السوري

  • 2/20/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

على الرغم من حلول موعد بدء تطبيق قرار وقف إطلاق النار الذي اتخذته المجموعة الدولية الداعمة لسوريا في اجتماعها في ميونيخ، مؤخراً، إلا أن تعقيدات المشهد السوري لا تزال تحجب الرؤيا عن إمكانية تنفيذ هذا القرار والمصير الذي سيؤول إليه. قد يكون الواقع على الأرض، في أحد جوانبه، انعكاساً للخلافات العميقة والمصالح المتضاربة بين دول المجموعة ذاتها، على الرغم من اتفاقها على وقف إطلاق النار وضرورة إيجاد حل سياسي للأزمة السورية، وهي بهذا المعنى تضمر خلافاً لما تظهر، لأن الخلافات بقيت على حالها، بدءاً من انعدام الثقة المتبادلة وحتى الخلاف حول مصير الرئيس السوري بشار الأسد، وهي نقطة جوهرية في ملف الصراع. الواقع أن الجميع لا يزال يراهن على إمكانية الحسم العسكري وإحداث تغيير في خريطة الصراع يتيح لهم إمكانية فرض الشروط والإملاءات على طاولة الحوار، بدءاً من موسكو وواشنطن مروراً بالقوى الإقليمية وانتهاء بالقوى المتصارعة على الأرض على جبهتي المعارضة والنظام وتحالفاتهما. من بين كل هذه التعقيدات، يبرز التصعيد الميداني، والاتهامات المتبادلة، خصوصاً بين موسكو وواشنطن، وموسكو وأنقرة، ومعها تهديدات بتدخل بري وتحذيرات من حرب شاملة ومفتوحة، كعناوين كبرى لاتجاهات الصراع في سوريا، على الرغم من بحور الدم التي دفعها ولا يزال أبناء الشعب السوري والخراب، والدمار الذي حل بالبلاد. لكن تعقيدات هذا المشهد تتجلي بوضوح في تداعيات هجوم النظام السوري في ريف حلب الشمالي، الذي بدأ قبل اجتماع ميونيخ ولا يزال مستمراً تحت مظلة كثيفة من الطائرات الروسية، وأسفر عن تقدم مهم للقوات النظامية والمقاتلين الأكراد، ما أدى بالتالي إلى تدخل مباشر من جانب الجيش التركي، خصوصاً بعدما اجتاح المقاتلون الأكراد مواقع كانت تعتبرها أنقرة خطاً أحمر، في محاولة لمنع قيام تواصل جغرافي بين المناطق التي يسيطر عليها الأكراد واستكمال مشروع الإدارة الذاتية الخاص بهم، الأمر الذي تعتبره تركيا تهديداً لأمنها القومي. هذا التطور أدى، في الواقع، إلى هياج أنقرة، وإطلاق التهديدات، والعودة لإحياء المطالبة بفرض منطقة حظر طيران ومنطقة آمنة بعمق 10 كلم داخل الأراضي السورية، رغم إدراكها بأن هذه المطالبة تصطدم برفض حليفتها واشنطن، فيما ردت موسكو بأن إقامة مثل هذه المناطق يحتاج إلى موافقة النظام في دمشق وإلى قرار من الأمم المتحدة. ولم يقف التناقض بين الحلفاء عند هذا الحد، فقد رفضت واشنطن القصف التركي للمناطق التي يسيطر عليها الأكراد، كما رفضت اعتبار وحدات الحماية الشعبية الكردية منظمة إرهابية على عكس ما تطالب به أنقرة، التي أبدت تمرداً واضحاً حول هذه القضية وأعلنت استمرار قصفها للأكراد، ليزداد المشهد السوري تعقيداً على تعقيد. والسؤال الآن كيف يمكن حل كل هذه التعقيدات الآخذة في التصاعد بدلاً من التهدئة، وهل يبدو مفيداً القول إن توافقاً روسياً أمريكياً جدياً على حل سياسي يفرض على جميع أطراف الصراع خياراً لا مفر منه، قبل أن تفلت الأمور وتذهب باتجاه فوضى عارمة، سيحاول معها كل طرف الوصول إلى الحسم العسكري مهما كانت النتائج والتوقعات. younis898@yahoo.com

مشاركة :