" عسل السدر التهامي" ..عبارة تسمعها كثيرًا في أسواق العسل بمنطقة عسير، ليست مجرد جملة دعائية للبيع، بل هي تعبير عن حقيقة منتج غذائي محلي، يُجمع خبراء العسل على جودته وتفرده، وهذا ما أهل العديد من مربي النحل للحصول على جوائز دولية عديدة خلال مشاركاتهم بأنواع من العسل المنتج في منطقة عسير وفي مقدمتها عسل السدر الذي تشتهر به السهول الواقعة في تهامة. ولذلك لم يكن مفاجئًا فوز هذا النوع من العسل بجائزة "أفضل مذاق" في تحدي الهدايا الغذائية العالمي (World Food Gift Challenge 2023) الذي نظمه المعهد الدولي لفن الطهي والثقافة والفنون والسياحة ( IGCAT ) بمشاركة هيئة فنون الطهي التابعة لوزارة الثقافة السعودية ،واستضافته منطقة جنوب إيجة بجزيرة "كوس" اليونانية خلال الأسبوع المنصرم. ومنذ مئات السنين ، و "السدر" الذي تستخلص النحلة من أزهاره هذا النوع المميز من العسل، من أهم الأشجار التي ترتبط بحياة الإنسان في منطقة عسير، فـهو مصدر للظل الوارف والأخشاب القوية إضافة إلى القيمة الغذائية الكبيرة لأوراقه بالنسبة للمواشي، كذلك له استخدامات طبية كثيرة، ولهذا كانت شجرة السدر تُمتلك بأوراق بيع وشراء مستقلة عن القطع الزراعية، وتُحمى بموجب القوانين والأعراف القبيلية القديمة. ويشير المتخصص في علوم الأغذية والتغذية الدكتور إبراهيم العريفي في كتابه "أطلس العسل" إلى أن نبات السدر من جنس من الأشجار والشجيرات الشوكية من العائلة العنابية، السدرية، النبقية، ومن رتبة الورديات و يضم حوالي 40 فصيلة، تنتشر في المناطق الحارة والمعتدلة في الكثير من مناطق العالم وبالأخص قارة آسيا، والأزهار صغيرة لونها أصفر مائل إلى الأخضر، غير واضحة المعالم، ولون الثمار أصفر أو أخضر أو بني أو أسود، ومن أبرز فصائل السدر العاسلة "السدر العناب" وهو المنتشر في الجزيرة العربية وتثمر أشجاره خلال فصل الصيف إذا شهد هطول أمطار. ويتميز السدر البري الذي ينمو بشكل طبيعي حول الأودية بجودة وندرة العسل الذي تنتجه النحل من أزهاره، حيث يحرص مربو النحل على التنقل بخلاياهم من موقع إلى آخر تبعًا لفصول السنة وتعتبر سهول تهامة عسير، المكان المفضل للنحالين في فصل الشتاء ، نظرًا لاعتدال الطقس وزيادة معدل هطول الأمطار التي تسهم في إزهار أشجار "السدر" و "الضهيان" و"السيال" وهي من الأشجار المفضلة لإنتاج أجود أنواع العسل. ومن أبرز فوائد عسل السدر أنه يعمل كمكمل غذائي لتعزيز وتقوية جهاز المناعة البشري، حيث يحتوي على نسبة عالية من مضادات الأكسدة، التي تمنع تلف الخلايا داخل الجسم. وتحتل تربية النحل وتطوير إنتاج العسل موقعًا مميزًا في مبادرات رؤية المملكة 2030، من خلال نشر الطرق الحديثة في تربية النحل ورفع مستوى الكفاءة الإنتاجية وتحسين الجودة بما يؤدي إلى تحقيق عوائد اقتصادية أعلى وزيادة فرص العمل للمواطنين، حيث تعمل وزارة البيئة والمياه والزراعة من خلال مشروع مبادرة تطوير تربية النحل وإنتاج العسل على برنامج تحسين وتطوير سلالة النحل المحلية والمحافظة عليها، وبرنامج تنظيم وتنمية المراعي النحلية وحمايتها، وبرنامج رفع وتنمية قدرات النحالين، وبرنامج تطوير الخدمات الإرشادية في مجال النحل والبحث العلمي، وبرنامج لحماية النحل من الأضرار.
مشاركة :