بدأ وزير الخارجية الأوكراني جولة تشمل عدة دول إفريقية هذا الأسبوع في إطار تكثيف كييف لمساعيها الدبلوماسية في وقت الحرب لتحدي النفوذ الروسي في “الجنوب العالمي” وكسب الدعم لرؤيتها التي تعتبرها السبيل الوحيد إلى السلام. ويشير مصطلح الجنوب العالمي إلى أميركا اللاتينية وإفريقيا وجزء كبير من آسيا. وقال الوزير دميترو كوليبا أثناء زيارته للمغرب ضمن ثاني جوله له في إفريقيا منذ بدء الهجوم الروسي لبلاده في فبراير/ شباط العام الماضي إن الأولوية الرئيسية لديه تتمثل في إقناع الدول الإفريقية بتأييد خطة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للسلام. وكتب على إنستغرام “هناك مفاوضات مهمة قادمة مع زعماء وشركات في إفريقيا”، وقال إنه يهدف إلى حشد الدعم لاستمرار تدفق الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود دون عوائق وتأمين فرص جديدة للشركات الأوكرانية. وتأتي جولة كوليبا بعد جهود دبلوماسية بذلها زيلينسكي على مدى ثلاثة أيام بمشاركته في القمة العربية، يوم الجمعة الماضية ثم قمة مجموعة السبع التي عقدت في اليابان. وإلى جانب اجتماعاته مع زعماء دول مجموعة السبع، التقى الرئيس الأوكراني أيضا بزعماء الهند وإندونيسيا والعراق وولي العهد السعودي خلال رحلاته. ويقول محللون سياسيون إن أوكرانيا تسرع مساعيها لكسب تأييد الجنوب العالمي، مشيرين إلى أن جهود كييف اكتسبت أهمية أكبر خاصة مع ظهور خطط سلام منافسة لإنهاء الحرب في أوكرانيا في عواصم أخرى. وأرسلت الصين، التي روجت لخطة اعدتها لتحقيق السلام في أوكرانيا، مبعوثا كبيرا إلى كييف وموسكو وعواصم أوروبية لمناقشة “تسوية سياسية” هذا الشهر. وقالت جنوب إفريقيا الأسبوع الماضي إن كييف وموسكو وافقتا على مناقشة خطة سلام مع زعماء أفارقة. كما أطلق الفاتيكان مناشدات من أجل السلام هذا الشهر. وقالت الخبيرة السياسية أليونا جتمانتشوك رئيسة مركز أوروبا الجديدة للأبحاث في كييف “الضرورة الملحة تأتي نتيجة خطط السلام التي تظهر”. وأضافت “في مرحلة ما، أدركت أوكرانيا أن أداءها كان ضعيفا في الجنوب العالمي لسنوات كثيرة جدا”. وتقول كييف إن “صيغة السلام” التي طرحها زيلينسكي والمؤلفة من عشر نقاط، وتنص على انسحاب القوات الروسية من الأراضي الأوكرانية، يجب أن تكون أساسا لأي تسوية للحرب التي شنتها روسيا. وفي كلمة أمام مجموعة السبع مطلع هذا الأسبوع، اقترح زيلينسكي عقد قمة سلام عالمية في يوليو تموز لعرض خطته. وقال وزير خارجية الدنمارك لارس لوكه راسموسن إن بلاده تود استضافة هذه القمة. وقال راسموسن إنه سيكون “من الضروري كسب اهتمام ومشاركة دول مثل الهند والبرازيل والصين”. وبينما ضخ الغرب مساعدات عسكرية ومالية وإنسانية إلى أوكرانيا، عززت روسيا علاقاتها مع قوى الجنوب العالمي خلال الحرب، بما في ذلك عن طريق بيع المزيد من إمدادات الطاقة للهند والصين. وتوطد روسيا علاقاتها في إفريقيا منذ سنوات وتخطط لعقد قمة إفريقية روسية في سان بطرسبرج في يوليو/ تموز. وقام وزير خارجية موسكو المخضرم سيرجي لافروف بجولة في القارة العام الماضي وزارها مرتين على الأقل هذا العام. وقال نايجل جولد-ديفيز الخبير في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية “هناك إدراك متزايد في أوروبا وأوكرانيا بأن هناك خطرا من أن يُنظر إلى هذه الحرب على أنها صراع أوروبي في الأساس وأن الدول الأخرى ليست بحاجة إلى القلق منه أو إلى إدانته”. وأضاف “ما لدينا هنا هو رد فعل أوروبا وأوكرانيا على جهود روسيا المنسقة لخلق رواية في العالم عن الحرب لا تتضمن إدانة للحرب وتسعى للحفاظ على علاقة (الدول) مع روسيا”. ولم يكشف كوليبا عن محطات جولته الحالية في إفريقيا. وشكلت جولته الأولى في القارة في أكتوبر/ تشرين الأول كل من السنغال وساحل العاج وغانا وكينيا قبل أن يقطعها عندما شنت روسيا هجوما بالصواريخ والطائرات المسيرة لاستهداف البنية التحتية الحيوية في بلاده قبيل الشتاء.
مشاركة :