«تريندز» ينظم ندوة حول استشراف المستقبل في بيئة دولية متغيرة

  • 5/24/2023
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

أكد خبراء وباحثون وأكاديميون وإعلاميون أن عالمنا المعاصر وتحولاته السريعة والشاملة، يفرض تحديات كبيرة أمام عملية استشراف المستقبل.. كما يفرض أيضاً على مراكز البحوث والدراسات خاصة، والقائمين على الدراسات الاستشرافية عامة، ضرورة تطوير المقاربات والمناهج المستخدمة في عملية استشراف المستقبل لمواكبة التطورات التي يشهدها عالمنا اليوم. وأكد الخبراء في ندوة كبرى نظمها مركز تريندز تحت عنوان: «كيف نستشرف المستقبل ونصنعه؟ الدراسات الاستشرافية في بيئة دولية متغيرة»، في جناحه بمعرض أبوظبي الدولي للكتاب 2023، أهمية تعزيز ثقافة الاستشراف الاستراتيجي المستقبلي، وترسيخ القيم والأهداف الاستراتيجية عبر توضيح الأساليب المبتكرة والمستحدثة التي تحقق أقصى درجات التميز في الأداء لاستشراف المستقبل بكفاءة ونجاح حقيقي. وشددوا على أن بناء المستقبل يأتي بناء على القرارات والخطوات التي نتخذها في الحاضر، وأن استشراف المستقبل عملية منهجية تشاركية، تقوم على جمع المعلومات المتعلقة بالمستقبل لوضع رؤى متوسطة وطويلة الأجل، تهدف إلى اتخاذ قرارات قابلة للتنفيذ في الوقت الحاضر، ومن ثم السعي إلى تنفيذ تلك الإجراءات والاستراتيجيات. شارك في الندوة كل من الدكتور محمد عبدلله العلي، الرئيس التنفيذي لمركز تريندز، والدكتور قيس الهمامي، مدير مركز الاستشراف الاستراتيجي بمنظمة الإيسيسكو بالرباط، والسفير ذكر الرحمن، أمين عام مشارك بجمعية الدبلوماسيين الهندية، والدكتور فيصل الكعبي، عميد كلية الجاهزية بأكاديمية ربدان، وحمد الكعبي، رئيس تحرير صحيفة «الاتحاد». عائشة الرميثي، مدير إدارة البحوث والاستشارات، أدارت الندوة، قائلة إن عملية استشراف المستقبل لم تعد ترفاً يمكن الاستغناء عنه، بل باتت أمراً يشغل بال الدول والحكومات وصناع السياسات على كل المستويات، وذلك رغبة في الاستعداد له واتخاذ الإجراءات اللازمة التي تساعد في مواجهة أي مخاطر يحملها المستقبل، وتعظيم الفرص التي يمكن أن يوفرها. طريق الريادة من جانبه، قال الدكتور محمد العلي إن استشراف المستقبل والتخطيط له هو طريق الدول والمؤسسات إلى الريادة، وهو طريقها إلى أن تصبح فاعلة وفي يدها زمام المبادرة، فلا يمكن ضمان نجاح عملية تخطيط استراتيجي طويل المدى لأي دولة من دون استشراف علمي للمستقبل وتخطيط سليم له. وأضاف: إن مواجهة التحديات، وتعزيز القدرة على استشراف المستقبل، ومحاولة صنعه، تتطلب العمل على أن تواصل مراكز الفكر والجهات المعنية باستشراف المستقبل جهودها لتطوير قدراتها المعرفية والتكنولوجية على الاستشراف في ظل ظروف تتسم بـ «الغموض» و«عدم اليقين» و«الفوضى»». وأكد العلي أن مركز تريندز للبحوث والاستشارات أخذ على عاتقه منذ أكثر من عامين المساهمة في نقل الدراسات الاستشرافية من المفهوم التقليدي الذي ينحصر في رسم سيناريوهات المستقبل إلى مفهوم جديد يمتد ليشمل المشاركة في صنع المستقبل، وذلك بتحفيز السياقات المواتية التي تسمح بتحقق السيناريوهات المفضلة. مواجهة المستقبل وتحدث الدكتور قيس الهمامي قائلاً: «يعتبر المستقبل صفحة بيضاء شبه فارغة بانتظار كاتبها، ولذلك فإن الاستشراف يعتمد على الفاعلين الرئيسيين في التعبئة لمواجهة المستقبل وموقفهم منه، فعندما يبني الفاعلون الرؤية المستقبلية ويصبحون على استعداد لمواجهة التحديات، يصبحون قادرين على التأثير وتحقيق تحول إيجابي». وأضاف: تتمثل المواقف الأساسية تجاه المستقبل في موقف سلبي تخلفي يتميز بالتقاعس وعدم المبادرة، أو موقف رديء تفاعلي يتصرف وفق الأحداث والمتغيرات، أو موقف تنبئي تقدمي يتميز بالتحضير والتنبؤ بالمستقبل من خلال دراسة الاتجاهات المتوقعة. وتابع قائلاً: إن الموقف النشط تجاه المستقبل يتصل بالتفكير والعمل لإيجاد المستقبل المرغوب والقابل للتحقيق، وهو ليس مجرد التنبؤ بالمستقبل، بل والعمل لتحقيق التغييرات، وإن الاستشراف أسس على قواعد فلسفية، وهو نظرة استباقية تسعى لإضاءة الفعل الحالي بفضل التجليات المستقبلية الممكنة والمأمولة. التعلم العميق وبدوره قال السفير ذكر الرحمن: بعد قرن من التقدم العلمي في علوم الحاسوب وتطوير البرامج وترقيات الأجهزة، أصبحنا أخيراً على وشك تحقيق حلم الذكاء الاصطناعي، حيث حقق الباحثون اختراقات في «التعلم العميق» الذي مكن من الترجمة الآلية بين اللغات المختلفة بسرعة ودقة متناهية. وأضاف: «إن إمكانات الذكاء الاصطناعي في المجال الطبي باتت واعدة، وكذلك في غيره من المجالات الأخرى، حيث مكن الذكاء الاصطناعي الأجهزة من العمل من دون مشغل بشري، مثل الطائرات من دون طيار ذاتية التشغيل باستخدام رؤية الكمبيوتر والملاحة. ويتمتع الذكاء الاصطناعي بقدرات فائقة على تحليل مجموعات كبيرة من البيانات المعقدة، وتحديد أنماطها ومجالاتها، مما يجعله أداة رئيسة للاستشراف الاستراتيجي. ويمكن تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي على التنبؤ، ووضع السيناريوهات الجيوسياسية، وتحديد التحديات والفرص السانحة». واختتم: «بالنظر إلى الفوائد الهائلة والمخاطر المحتملة، فإن العديد من أنظمة الذكاء الاصطناعي المعاصرة القائمة على التعلم العميق هي في الأساس آلات تنبؤ متطورة. وإن التقدم المستمر في هذه التكنولوجيا يمكن أن يؤدي إلى أشكال أقوى بكثير من الذكاء الاصطناعي. وأن هناك عصراً جديداً من الابتكار على الأبواب». حمد الكعبي: عالم جديد غير مسبوق في إنتاج المحتوي الإعلامي قال حمد الكعبي، رئيس تحرير صحيفة «الاتحاد»، خلال مشاركته في الندوة: «يعتبر الذكاء الاصطناعي أداة فعالة لصنع المحتوى البصري والنصي لخلق عالم جديد غير مسبوق في إنتاج المحتوى الإعلامي، حيث يمكن عبر التقنيات الحديثة استدعاء شخصيات تاريخية بارزة وملهمة لمحاورتها، وتقديم أفكارها بأشكال جديدة تناسب العصر». وأضاف: «تساعد التقنيات الحديثة، والذكاء الاصطناعي، في إتاحة المعلومة المرغوبة مباشرة، والتفاعل معها، وفهم تطبيقاتها، بعد استخراجها من النصوص. وهذا يجعل القارئ متفاعلاً مع النص، كما يعزز عملية التعلم ويجعلها أكثر جاذبية وخصوصية لكل فرد على حدة». وتابع: «إن التغير في طريقة عرض المحتوى الإعلامي، يستدعي تغيير طريقة تصويره وإخراجه، كي يناسب تجربة المشاهدة الجديدة، حيث يمكن تعديل المادة الإعلامية بما يناسب تفضيلات القارئ أو المشاهد، الأمر الذي بات يعمل عليه الذكاء الاصطناعي». واختتم قائلاً: «يستطيع الذكاء الاصطناعي التوليدي تأليف نصوص وقصص وأشعار حسب الطلب، بما يناسب ذوق المتلقي، وحسب تحليل تفضيلاته واقتراحاته. وهذا يعني أن تنافسية الإعلام قد تساعد في توفير إمكانات أكبر في إنشاء وتعديل المحتوى لتلبية الاحتياجات الخاصة لكل مشاهد». مدخلات التخطيط الاستراتيجي الدكتور فيصل الكعبي عميد كلية الجاهزية بأكاديمية ربدان، أكد أن الاستشراف كان يستخدم كأحد مدخلات عمليات التخطيط الاستراتيجي التي كانت تضم 35 عنصراً، حيث كانت الحكومات والمؤسسات تضع الخطط والرؤى، والميزانيات، وتقوم بعمليات المتابعة، وهي عملية معقدة ومثلت تحدياً كبيراً للحكومات التي باتت تنظر إلى المستقبل، والتفاعل مع العالم الخارجي. وأضاف: «إن الحكومة الإماراتية تتبع منهجية استشرافية تعتمد بالأساس على مسح الأفق الزمني، وتحديد المحركات والتوجهات العالمية التي يمكن أن تؤثر في الدولة، وتحديد الأثر والغموض، والتداعيات المحتملة، ووضع السيناريوهات المتوقعة، وتعمل على ترجيح السيناريوهات الأكثر حدوثاً، للتعامل معها من أجل تعظيم الفرص وتقليل المخاطر». وتابع: «يقوم الاستشراف التشاركي على مشاركة جميع أطراف المهتمين بالمستقبل، من أفراد، وخبراء، ومؤسسات مجتمع مدني، وشركات، لوضع تصورات للمستقبل، والعمل معاً على تطبيق تلك التصورات على أرض الواقع. وتعتمد هذه الأساليب على الحوار المجتمعي والمشاركة من كل الأطراف وذوي الخبرة. ويقوم التخطيط الاستراتيجي التشاركي على أربع مراحل؛ أولاها تحدد المجموعة المشتركة رؤيتها المستقبلية للمؤسسة موضوع التخطيط، ثانيتها يتم تحديد المعوقات التي تمنع أو تعوق تحقيق هذه الرؤية، والثالثة تحديد الطرق التي يمكن من خلالها التغلب على تلك المعوقات، وأخيراً، البدء في العمل ووضع الخطط التشغيلية المقترحة».

مشاركة :