يختتم المشاركون في جلسات «الحوار الوطني» في مصر، الخميس، أعمال الأسبوع الثاني المخصص للمناقشات، ومن المقرر أن تتركز الجلسات في «المحور المجتمعي» على ملفي «التعليم والسكانية»، وسط توقعات بحضور كثيف من الأحزاب السياسية. وبحسب الجدول المعلن من أمانة «الحوار الوطني»، فإن هناك جلستين مخصصتين لمناقشة قضية التعليم قبل الجامعي، كما تُخصص جلستان أخريان لمناقشة أبعاد القضية السكانية في مصر. وشهدت جلسات الحوار الوطني الأسبوع الماضي انتقادات واسعة من جانب المشاركين لتراجع مستوى المنظومة التعليمية في مصر، وحمّل مشاركون خلال الجلسات تدني كفاءة الخدمات التعليمية المسؤولية عن تراجع مستوى الثقافة والهوية المصرية. وبحسب تقرير للبنك الدولي نُشر مطلع أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، ينتظم أكثر من 24 مليون طالب في مصر بمراحل التعليم قبل الجامعي؛ نحو 90 في المائة منهم في مدارس حكومية، ويوجد ما يقرب من نصف أولئك الطلاب في المرحلة الابتدائية. ووفقاً للتقرير، فإن متوسط نسبة الطلاب إلى المعلمين في المدارس الابتدائية الحكومية يبلغ حالياً 32 طالباً مقابل معلم واحد، وتنخفض إلى 17 طالباً في المدارس الثانوية. ولا تحدد التقارير الدولية نسبة مثالية للعلاقة بين أعداد الطلاب والمعلمين، لكن النسبة السائدة في معظم الدول التي تحتل مرتبة متقدمة في تصنيفات جودة التعليم، تدور حول مدرس لكل 18 طالباً، بحسب التقرير. من جانبه، توقع خالد عبد العزيز، مقرر المحور المجتمعي في الحوار الوطني، ووزير الشباب السابق، أن تشهد جلسات لجان المحور المجتمعي في أسبوعها الثاني «مناقشات ساخنة وثرية»، لافتاً إلى أهمية قضيتي التعليم والسكان. وأوضح عبد العزيز في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن الكثير من المناقشات التي جرت خلال الأسبوع الأول، انصبت على التعليم باعتباره أحد العوامل المؤثرة على الثقافة والهوية، معتبراً أن الدخول في مناقشة قضايا التعليم، «اقتحام لواحد من أهم الملفات التي تهم المواطن المصري، وتتعلق بمستقبل البلاد، لأنها تتعلق ببناء الإنسان المصري». وأضاف مقرر المحور المجتمعي، أن «الحوار الوطني» أقر مجموعة من الضوابط والمحددات لمناقشة جميع التصورات والمقترحات التي يتم طرحها خلال الحوار، مشدداً على أن تلك الضوابط «تزداد أهميتها عند التطرق إلى قضايا بالغة الأهمية كقضايا التعليم والسكان»، وأوضح أن تلك الضوابط تركز على أن تكون المقترحات قابلة للتنفيذ في ضوء موازنة الدولة، أو في حدود الموارد التي يمكن توفيرها، كما ينبغي أن تكون محل قبول مجتمعي. وأشار إلى أن هناك الكثير من المقترحات التي طرحت ويمكن طرحها خلال المناقشات بخصوص خفض كثافة الطلاب بالفصول المدرسية، لكن ينبغي أن تلتزم المقترحات بإمكانية التنفيذ، وأن تكون متكاملة، متسائلاً: «هل سيكون من المقبول مثلاً طرح مقترحات من قبيل بناء مدارس على أراضٍ زراعية في الدلتا، أو بناء مدارس بعيدة في الظهير الصحراوي ونقل الطلاب إليها لمسافة بعيدة؟». وكان ضياء رشوان، المنسق العام للحوار الوطني، أعلن أن مجلس أمناء الحوار الوطني تلقى من الحكومة، بتوجيه من الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، مشروع قانون لإنشاء «المجلس الوطني الأعلى للتعليم والتدريب»، ليطرح على الحوار الوطني وتتم مناقشته. وأضاف في تصريحات متلفزة مساء الثلاثاء، أن المجلس يضم كل الوزراء المختصين بالعملية التعليمية، ويهدف المجلس لتوحيد سياسات التعليم والتدريب بكل أنواعه وجميع مراحله، وتحقيق التكامل بينها والإشراف على تنفيذها، بهدف ربط مخرجات التعليم مع متطلبات سوق العمل المحلية والدولية، والعمل على النهوض بالبحث العلمي. من جانبها، وصفت الدكتورة نيفين عبيد، مقرر لجنة القضية السكانية، أن تلك القضية تمثل «تحدياً كبيراً للدولة المصرية»، وأشارت إلى أن تداعيات النمو السكاني، ترتبط بالوضعين الاقتصادي والاجتماعي، وتؤدي إلى التهام جهود التنمية. وأوضحت عبيد لـ«الشرق الأوسط» أن اللجنة تستهدف بلورة مقترحات تستهدف تغيير نمط معيشة المواطن، وتقديم أدوات قابلة للتنفيذ لتحسين الخصائص السكانية، وتشجيع المواطنين على الاتجاه نحو سياسات تخفيض معدلات الإنجاب بجانب العمل على تبني الدولة للعديد من السياسات التي سوف تساهم بدورها في تخفيف آثار أزمة الزيادة السكانية. كان «الحوار الوطني» في مصر قد افتتح جلساته مطلع الشهر الحالي، تلبية لدعوة أطلقها الرئيس المصري في أبريل (نيسان) من العام الماضي. وتٌعقد جلسات الحوار على مدى ثلاثة أيام أسبوعياً من خلال 19 لجنة فرعية تندرج تحت المحاور الرئيسية الثلاثة «السياسي والاقتصادي والمجتمعي»، التي تم التوافق عليها بين أعضاء مجلس أمناء الحوار.
مشاركة :