أصدر الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم قراراً بإيقاف مهاجم برينتفورد، إيفان توني، عن ممارسة أي نشاط يتعلق بكرة القدم لمدة ثمانية أشهر بسبب المراهنات، وستكون نتيجة هذا القرار سيئة للغاية، إذ ستلقي بظلال من الشك على مستقبل اللاعب، الذي تألق بشكل لافت خلال الفترة الأخيرة وأصبح أحد أفضل المهاجمين في إنجلترا. وعندما يعود توني، الذي تم إيقافه بعد اعترافه بارتكاب 232 انتهاكاً لقواعد المراهنات بالاتحاد الإنجليزي لكرة القدم خلال الفترة بين 25 فبراير (شباط) 2017 و23 يناير (كانون الثاني) 2021، إلى الملاعب سيخوض معركة شرسة من أجل استعادة مكانته السابقة والدخول في التشكيلة الأساسية لفريقه. ويأتي توني في المركز الثالث بين جميع هدافي الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم، خلف إيرلينغ هالاند وهاري كين، حيث ساهم في تسجيل 20 هدفاً، وهو الأمر الذي ساهم في قيادة نادي برينتفورد لتقديم موسم رائع. يقترب توني، البالغ من العمر 27 عاماً، من ذروة مسيرته الكروية، ومن المؤكد أن إيقافه حتى يناير المقبل سيؤدي إلى إهدار وقت ثمين من مسيرة هذا اللاعب الذي كان يبزغ نجمه بقوة في سماء كرة القدم الإنجليزية. قبل ثلاث سنوات من الآن، كان توني يُكمل موسماً استثنائياً في دوري الدرجة الثانية مع نادي بيتربورو، حيث وجد أخيراً مكاناً يستقر به عقب انتقاله إلى خمسة أندية مختلفة على سبيل الإعارة من نيوكاسل. راهن نيوكاسل على اللاعب البالغ من العمر 19 عاماً بعد أن قدم مستويات لافتة للأنظار مع نورثهامبتون، لكن قبل انضمامه إلى برينتفورد ووصوله إلى أعلى المستويات، لم يشارك توني بالدوري الإنجليزي الممتاز سوى في مباراتين فقط، بديلاً. والآن يمكن أن يدعي توني أنه حطم رقماً قياسياً بتسجيله أكثر من هدف في كل مباراتين في الدوري الإنجليزي الممتاز، ويمكنه أن يقول إنه وصل إلى هذا الإنجاز بعدما خاض طريقاً صعباً للغاية. في أغسطس (آب) 2021، تحدث توني لصحيفة الغارديان عن «الطريق الوعر»، الذي سار فيه حتى وصل إلى القمة، بعد أن قاد برينتفورد للصعود للدوري الإنجليزي الممتاز في موسمه الأول في النادي، لكن العقوبة التي فرضتها عليه لجنة تنظيمية مستقلة مؤخراً قد تمثل أكبر عقبة في طريقه حتى الآن. سيُسمح لتوني باستئناف التدريبات في منتصف سبتمبر (أيلول)، لكنه سيعاني بالطبع عند عودته إلى المشاركة في المباريات الرسمية بعد أربعة أشهر بسبب ابتعاده عن الملاعب طيلة هذه الفترة. نادراً ما تنتظر كرة القدم أي لاعب، ومن المؤكد أن المدير الفني لبرينتفورد، توماس فرانك، سيضطر إلى إعادة بناء الخط الأمامي للفريق. منعت الإصابة في أوتار الركبة توني من المشاركة في المباراة التي فاز فيها برينتفورد على وستهام بهدفين دون رد، بينما أظهر الثلاثي الأمامي المتحرك يوان ويسا وبريان مبيومو وكيفن شادي كيف ستسير الأمور في غيابه. لا يضمن توني العودة للمشاركة مهاجماً أساسياً في تشكيلة الفريق فور عودته من الإيقاف، ومن المؤكد أن النادي سيعمل على تدعيم خط هجومه في فترة الانتقالات الصيفية المقبلة من أجل تعويض غياب توني. بالمثل، سيكون هذا الإيقاف بمثابة ضربة موجعة للفريق الذي كان يعول كثيراً على الأهداف التي يسجلها اللاعب. يعد توني هو الهداف الأول لبرينتفورد، وسيضطر فرانك، على الأقل خلال النصف الأول من موسم 2024/2023، لإيجاد طريقة ما لتعويضه. كان من الممكن أن يصبح الأمر على هذا النحو على أية حال، نظراً لأن توني لم يمدد عقده لما بعد عام 2025، وقبل قرار إيقافه، كان من الممكن أن يتوقع برينتفورد الحصول على 50 مليون جنيه إسترليني في حال تلقي اللاعب عرضاً مناسباً هذا الصيف. لكن من المؤكد أن المنافسين قد ينتهزون خبر إيقاف توني ويحاولون التعاقد مع اللاعب بمقابل مادي أقل بكثير، فغياب اللاعب عن المباريات لمدة نصف موسم يعد عائقاً صغيراً بالنسبة لأي نادٍ إذا كان ذلك يعني التعاقد مع واحد من أفضل المهاجمين في الدوري الإنجليزي الممتاز بجزء بسيط من قيمته المالية الحقيقية. وبالتالي، ربما تؤدي العقوبة التي تلقاها توني إلى تسريع عملية انتقاله إلى نادٍ أكبر. ومع ذلك، يمكن القول إن هذه العقوبة قد أضرت بالجميع من دون استثناء، بما في ذلك المدير الفني للمنتخب الإنجليزي غاريث ساوثغيت، الذي بدا قراره باختيار توني لقائمة منتخب «الأسود الثلاثة» للمباريات التي سيلعبها في شهر مارس (آذار) المقبل غريباً، بالنظر إلى قرار إيقاف اللاعب، الذي لم يتم استدعاؤه للمشاركة في نهائيات كأس العالم الأخيرة بقطر. لقد شعر ساوثغيت بأنه لا يمكنه تجاهل المستويات الاستثنائية التي يقدمها توني على المستوى المحلي، التي وصلت لذروتها في مباراة فريقه أمام آرسنال في 11 فبراير (شباط) الماضي. وبعد ذلك، أشرك ساوثغيت توني في مباراته الدولية الأولى أمام أوكرانيا، لكن جاء الإيقاف ليحرمه الآن من أن يكون بديلا لهاري كين مع اقتراب انطلاق منافسات كأس الأمم الأوروبية 2024. ومن المؤكد أنه سيكون من الصعب للغاية على توني تقديم نفس المستويات بعد عودته من الإيقاف، وهو الأمر الذي يجعل انضمامه لقائمة المنتخب الإنجليزي في نهائيات كأس الأمم الأوروبية القادمة صعبا للغاية. ومع ذلك، هناك سياق اجتماعي يجب وضعه في الحسبان أيضاً، خاصة وأن كرة القدم تروج للمراهنات في كل زاوية من زوايا اللعبة تقريباً، ثم تعاقب من يتورط في هذه المراهنات، فأي منطق في هذا؟ لا يمكن تبرير الانتهاكات التي ارتكبها توني، وقد لا يتم تحليلها حتى تنشر اللجنة المستقلة أسبابها المكتوبة، لكن الحقيقة أن ثلاثة على الأقل من الأندية التي لعب لها توني - بما في ذلك برينتفورد - قاموا بكل سرور بلصق أسماء شركات مراهنات على مقدمة قمصانهم، في شكل من أشكال الإعلانات التي سيتم حظرها في عام 2026. من جانبه، قال فرانك إنه متفائل بشأن مستقبل توني في الدوري الإنجليزي الممتاز رغم حرمان المهاجم من اللعب ثمانية أشهر، مضيفاً أنهم بحاجة إلى دعم اللاعب الدولي الإنجليزي خلال فترة إيقافه. ولا يمكن للاعب اللعب مع نادٍ أو منتخب حتى 16 يناير 2024 وقد تم تحذيره بشأن تصرفاته المستقبلية. وقال فرانك : «مستقبله مع برنتفورد ولا شك في ذلك. لقد كنت على تواصل معه. إنه محبط وحزين بشأن الوضع. نحن ننتظر المعلومات حتى نعرف ما يمكننا القيام به، وما هو مسموح له فعله خاصة في الشهور الأربعة الأولى. نحن بحاجة إلى أن نكون على دراية بالصحة العقلية في هذا الشأن. إيفان لاعب كرة قدم ولكنه أيضاً إنسان لديه عائلة وأصدقاء. نحتاج إلى بذل كل ما يمكننا القيام به لدعمه. نريد أن نكون هناك من أجله، نحن فقط نريد أن نعرف ما يمكننا القيام به». هذا لا يعني أن ما فعله توني كان النتيجة الحتمية لما يحدث، لكن لا يمكن لأي شخص في صناعة كرة القدم إكمال يوم عمل دون التعرض للعديد من الأمور الخاصة بالمراهنات. لقد كان يتعين على هذه اللعبة، ومنذ زمن طويل، أن تعيد تقييم الأولويات، وتنظر إلى أي مدى تترك كرة القدم اللاعبين عرضة لمثل هذه التأثيرات. وإذا لم يحدث هذا، فسيكون من الصعب تجنب الشعور بأن - حتى لو كان الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم محقاً في العقوبة التي فرضها على توني – هذه العقوبة تمثل ببساطة ورقة التوت، التي تغطي عورة عميقة وخبيثة في هذه اللعبة. وبينما تستمر أموال المراهنات في التدفق، سيدفع توني الثمن لاختراقه القواعد، فأي منطق في هذا؟ *خدمة الغارديان
مشاركة :