دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- شارك قادة الصحة من حوالي 100 دولة في الدورة السادسة والسبعين لجمعية الصحة العالمية لمنظمة الصحة العالمية، مع آلاف آخرين وقعوا على مبادرة عالمية للقضاء على سرطان عنق الرحم. وعالميًا، يُعتبر سرطان عنق الرحم رابع أكثر أنواع السرطانات شيوعًا بين النساء، بحسب ما ذكرته منظمة الصحة العالمية، لكن يمكن الوقاية من العديد من الحالات من خلال استخدام لقاح فيروس الورم الحليمي البشري. وفيروس الورم الحليمي البشري يتألف من مجموعة تفوق 200 فيروس ذات صلة. كثير منها لا يسبب أي أعراض على الإطلاق. بعض السلالات تسبب الثآليل وبعضها يسبب السرطان. ويقي لقاح فيروس الورم الحليمي البشري من السلالات التي تسبب معظم السرطانات المرتبطة بفيروس الورم الحليمي البشري. وأفاد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس في تصريحاته أمام جمعية الصحة العالمية الاثنين، أنّ "اللقاحات تجعل حلم القضاء على سرطان عنق الرحم حقيقة". ويوصى باللقاح للأطفال لأنه يعمل بشكل أفضل قبل تعرض شخص ما للفيروس. وغالبًا ما ينتشر فيروس الورم الحليمي البشري من خلال الاتصال الجنسي. وذكرت المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها أن كل شخص نشط جنسيًا لم يتم تطعيمه سيُصاب بفيروس الورم الحليمي البشري في مرحلة ما. من جهتها، أشارت الجمعية الأمريكية لعلم الأورام السريري أنّ إدخال اللقاح إلى الولايات المتحدة في عام 2006، بالتوازي مع مزيد من الفحوصات المنتظمة، أديا إلى تسجيل تراجع ملحوظ في حالات سرطان عنق الرحم والوفيات في الولايات المتحدة. وتراجعت معدلات سرطان عنق الرحم بين الجيل الأمريكي الأول الذي حصل على التطعيم بشكل كبير. وبين النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 20 و24 عامًا، انخفضت معدلات الإصابة بسرطان عنق الرحم بنسبة 65٪ بين عامي 2012 و2019، بحسب ما ذكرته جمعية السرطان الأمريكية. لكن خيار التطعيم غير متاح بكل هذه الدول، وهذا جزء من سبب ضغط منظمة الصحة العالمية لتغيير الطريقة التي يعطي بها الأطباء لقاح فيروس الورم الحليمي البشري. قد يهمك أيضاً دراسة: لقاح فيروس الورم الحليمي البشري يخفّض معدلات الإصابة بسرطان عنق الرحم بنسبة 87٪ وتأمل منظمة الصحة العالمية أن يتم تطعيم 90٪ من الفتيات حول العالم بشكل كامل ضد فيروس الورم الحليمي البشري لدى بلوغهن سن الخامسة عشرة، وذلك بحلول العام 2030. وفي الوقت الراهن تشمل تغطية هذه اللقاحات نسبة 13٪ فقط، وفقًا لما ذكرته منظمة الصحة العالمية. حواليًا، في غالبية الدول ضمنًا الولايات المتحدة، يتألف اللقاح من سلسلة مؤلفة من جرعتين أو ثلاث. وتقترح المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراضوالسيطرة عليها (CDC) تلقي التطعيم عند بلوغ الفتيات سن 11 أو 12 عامًا، ولكن يمكن أن تبدأ العملية في وقت مبكر، أي 9 سنوات. وفي عام 2022، قررت مجموعة الخبراء الاستشارية الاستراتيجية التابعة لمنظمة الصحة العالمية المعنية بالتحصين، استنادًا إلى أحدث العلوم، ما مفاده أنّ جرعة واحدة تعطي حماية كافية، ويجب على البلدان تقديم جدول بجرعة واحدة أو جرعتين للفتيات والنساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 9 و20 عامًا، وجرعتين مع فاصل زمني ستة أشهر بين الأولى والثانية للنساء ما فوق 21 عامًا. وأفادت منظمة الصحة العالمية أن مقاربة الجرعة الواحدة هذه قد تغير قواعد اللعبة للوقاية من السرطان. وتُعتبر لوجستياً، جرعة واحدة أسهل بكثير لإعطائها وستكون كلفتها أرخص بكثير من الجرعات المتعددة. وتظهر الدراسات أيضًا أنه عندما يحتاج الأشخاص إلى سلسلة من الجرعات مع الوقت، فمن غير المرجح أن يحصلوا عليها جميعًا. وقدمت دراسة حديثة دليلًا إضافيًا على أن جرعة واحدة من اللقاح فعالة للغاية على مدى ثلاث سنوات، إن لم يكن أطول. ووجد الباحثون أنّ جرعة واحدة تتمتع بفعالية تصل إلى 97.5٪ بعد عام ونصف العام، ويمكن مقارنتها مع أنظمة الجرعات المتعددة خلال 24 أو 30 شهرًا. وركزت الدراسة، التي لم تُنشر بالكامل، على تجربة عشوائية مزدوجة التعمية مضبوطة لمعرفة إذا كانت حقنة واحدة ستحمي الشابات الأصحاء اللواتي تلقين التطعيم في ثلاثة مواقع دراسة في كينيا. وشارك فيها 2275 مشاركة، حيث حصل الثلث على لقاح يقي من نوعين من فيروس الورم الحليمي البشري، والثاني حصل على لقاح غير متوازن يقي من تسعة أنواع، والثالث حصل على لقاح ضد المكورات السحائية. قد يهمك أيضاً دراسة جديدة: جرعة واحدة فقط من لقاح فيروس الورم الحليمي البشري قد تحمي من العدوى وقام العلماء بجمع مسحات من عنق الرحم كل ستة أشهر واختبارها للتأكد من خلوها من الحمض النووي لفيروس الورم الحليمي البشري. كما نظروا في فعالية اللقاح لدى كل امرأة شابة بعد ثلاث سنوات. وقال الدكتور روان بارناباس، الباحث الرئيسي المشارك في الدراسة ورئيس قسم الأمراض المعدية في جامعة مستشفى ماساتشوستس العام إنّ "هذه النتائج تضيف إلى مجموعة الأدلة المتزايدة لدعم استخدام جرعة واحدة، خصوصًا لتسهيل الوصول والتغطية للقاحات فيروس الورم الحليمي البشري، التي تعد بين أكثر اللقاحات فعالية لدينا. إنها تعمل بشكل جيد، ونحن نعلم أنها تمنع السرطان. ولذا فهذه أداة أخرى يمكننا استخدامها لتقليل سرطان عنق الرحم". ونُشر جزء آخر من هذه الدراسة، العام الماضي في مجلة NEJM، وكانت النتائج مماثلة. وأوضح مسؤول من مؤسسة غيتس، التي موّلت البحث، أنه إذا كان لقاح فيروس الورم الحليمي البشري جرعة واحدة، فإنه يمكن أن يحصل ضعف عدد الأشخاص على الحماية في وضع مثالي. وأشار بيتر دول، الذي يقود عمل المؤسسة لدعم تطوير لقاح فيروس الورم الحليمي البشري إلى أن "هذه البيانات تعزز الثقة حقًا حول ديمومة تلك الحماية". ووافقت الدكتورة كاثلين شميلر، أستاذة بقسم الأورام النسائية والطب التناسلي في إم دي أندرسون، على أن الدراسة وجدت "دليلًا جيدًا حقًا"، على أن جرعة واحدة ستنجح. وعلّقت شميلر، غير المشاركة في البحث الجديد، أن الدراسات القائمة على الملاحظة بين عامي 2014 و2020 أظهرت أيضًا أن المناعة بجرعة واحدة تدوم. وقد يكون من المفيد للباحثين التحقق بعد عقد من الزمن لمعرفة ما إذا كانت الحماية آخذة في التراجع، وإذا كان الناس بحاجة إلى تلقي اللقاح مجددًا. ولفتت شيملر إلى أن "الولايات المتحدة تتمتع برفاهية امتلاك الكثير من الموارد، لكن هذا الأمر غير متوفر في كل مكان". وتابعت: "إذا كان بإمكانك تناول جرعة واحدة فقط، فإنها تبسط الأمور كثيرًا وتخفض التكلفة بشكل كبير". Credit: KAZUHIRO NOGI/AFP via Getty Images لكن الدكتور تيد تيكنوس، اختصاصي طب الأنف والأذن والحنجرة والرأس والرقبة في مستشفيات الجامعة في كليفلاند، كان أكثر حذرًا. وقال تيكنوس، الأستاذ السريري أيضًا في قسم طب الأذن والأنف والحنجرة بكلية الطب في جامعة كيس ويسترن ريزيرف، غير المشارك في البحث، إن نتائج الدراسة "مشجعة" ، لكنه يريد أن يرى نتائج على المدى الطويل. أما الدكتور كوينتين بان، الذي يعمل على أبحاث فيروس الورم الحليمي البشري بمركز السرطان في مستشفيات جامعة سيدمان، فتردّد أيضًا في تغيير البروتوكول الحالي. وينبع شعوره بالقلق من أن جرعة واحدة قد لا تحمي من جميع سلالات فيروس الورم الحليمي البشري. ويرى الخبراء أن اتباع مقاربة جرعة واحدة من لقاح فيروس الورم الحليمي البشري يمكن أن تشكل مساعدة كبيرة في جميع أنحاء العالم. وأشار دول إلى أن عددًا كبيرًا من الدول لم تقدم حتى اللقاح، ويعود ذلك جزئيًا إلى التكلفة وتحديات تنفيذ الجرعات المتعددة.
مشاركة :