رفض مجلس الأمن الدولي مشروع قرار روسي، يطالب باحترام سيادة سورية، وسلامة أراضيها، في محاولة لمنع عمل عسكري تركي في البلاد، فيما أكدت موسكو التي تتعرض لاتهامات من الغرب، باستهداف مسلحي المعارضة السورية المعتدلة، أمس، أنها ستواصل مساعدة دمشق على محاربة الإرهابيين على أراضيها. وفشل مشروع قرار روسي يطالب باحترام سيادة سورية وسلامة أراضيها، إذ لم يحشد التأييد اللازم في مجلس الأمن الدولي. ودعت روسيا حليفة دمشق، إلى جلسة مغلقة لمجلس الأمن، مساء أول من أمس، لمناقشة نص طرحته، يطالب أنقرة بوقف قصفها للقوات الكردية في شمال سورية، والتخلي عن خططها لتنفيذ عملية عسكرية برية في سورية. غير أن فرنسا والولايات المتحدة ونيوزيلندا وبريطانيا وإسبانيا، رفضت نص مشروع القرار الروسي. ويطالب مشروع القرار، الذي لا يذكر تركيا أو أي بلد آخر على وجه التحديد، بقوة بالاحترام الكامل لسيادة سورية، والوقف الفوري لأي قصف أو توغل عبر الحدود، وكذلك التخلي عن كل محاولات أو خطط للتدخل الأجنبي البري. وقال نائب السفير الروسي لدى الأمم المتحدة، فلاديمير سافرونوف، للصحافيين بعد الاجتماع، إن وضع قوات على الأرض من شأنه أن يقوّض كل القرارات الأساسية التي اتخذت حتى الآن لإنهاء الصراع في سورية. وقالت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة سامانثا باور، إن القرار مجرد إلهاء، بعد انهيار الاتفاق على وقف الأعمال العدائية الذي وافقت عليه القوى العالمية والإقليمية، بسبب الضربات الجوية الروسية المستمرة لدعم الحكومة السورية. وأضافت بدلاً من محاولة تشتيت انتباه العالم بهذا القرار الذي قدموه، سيكون أمراً رائعاً حقاً إذا نفذت روسيا القرار الذي تم الاتفاق عليه بالفعل، مشيرة إلى قرار المصادقة على خريطة طريق لإنهاء الأزمة. ورداً على سؤال عما إذا كانت فرنسا تدعم المشروع الروسي، قال السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة، فرانسوا ديلاتر، الجواب القصير هو لا. وحذّر من تصعيد عسكري خطر في شمال سورية، الذي قال إنه نتيجة مباشرة لزيادة العمليات العسكرية من جانب الحكومة السورية وحليفتها روسيا، داعياً إلى وضع حد للهجوم. وأضاف ديلاتر يجب أن تفهم روسيا أن دعمها غير المشروط لـ(الرئيس السوري) بشار الأسد هو طريق مسدود، ويمكن أن يكون خطراً للغاية. من جانبه، دافع السفير التركي لدى الأمم المتحدة، يسار هاليت سيفيك، عن العمليات العسكرية لبلاده ضد الأكراد، قائلاً إن تركيا تمارس حقها في الدفاع عن النفس في مواجهة التهديدات الإرهابية. وأضاف أن تركيا لن تضع قوات على الأرض إلا إذا كان هذا جزءاً من عمل جماعي بتفويض من مجلس الأمن أو التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش. وفي موسكو، قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، لا يسعنا سوى التعبير عن الأسف لرفض مشروع القرار، مؤكداً أن روسيا ستواصل سياستها الرامية إلى ضمان استقرار ووحدة أراضي سورية. وأضاف أن الكرملين قلق لتصاعد التوتر على الحدود السورية التركية، معتبراً أن عمليات القصف التركية على مواقع كردية في سورية غير مقبولة. ووسّعت تركيا مجال قصفها إلى مناطق عدة في محافظة حلب، تقع تحت سيطرة قوات سورية الديمقراطية، المؤلفة من تحالف قوات كردية سورية وفصائل معارضة، ودعت إلى تدخل عسكري بري للتحالف الدولي في سورية، ما يبدد الأمل في التوصل إلى هدنة في المعارك في هذا البلد. وفي المقابل، يطلب الغربيون، وفي طليعتهم واشنطن والاتحاد الأوروبي وكذلك أنقرة، من روسيا وقف ضرباتها في سورية التي يتهمونها باستهداف المعارضة المعتدلة بشكل أولي. وفي هذا الإطار، عبّر الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، أمس، عن قلقه بشأن الوضع الإنساني في سورية، خصوصاً في حلب. وقالت الرئاسة الفرنسية في بيان، إن هولاند وبعدما استقبل عدداً من الشخصيات الفرنسية الموقعة لنداء يتعلق بحصار حلب رحّب بمبادرتهم، وعبّر عن قلقه على الوضع الإنساني في سورية، وخصوصاً في مدينة حلب، حيث مئات الآلاف من المدنيين مهددون بالحصار من قبل نظام يدعمه الطيران الروسي. لكن الناطق باسم الكرملين أكد أن روسيا التي تشنّ غارات في سورية منذ نهاية سبتمبر الماضي، ستواصل مساعدة دمشق على مقاتلة الإرهابيين. وقال إن روسيا مستمرة في خطها السياسي المنطقي الرامي إلى تقديم الدعم والمساعدة للقوات المسلحة السورية في هجومها على الإرهابيين. ويأتي ذلك غداة لقاء بين مسؤولين أميركيين وروس في جنيف، للبحث في إمكانات وقف إطلاق النار في سورية، الذي كان من المفترض ان يدخل حيز التنفيذ هذا الأسبوع. واعترف وزير الخارجية الأميركي جون كيري، مساء أول من أمس، بأنه لايزال يتعين القيام بالكثير للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في سورية. وباشرت القوات النظامية السورية بدعم جوي روسي في مطلع فبراير الجاري، عملية عسكرية واسعة النطاق أتاحت لها استعادة مناطق في شمال حلب، غير أنها تسببت في حركة نزوح كثيفة. ويسيطر حزب الاتحاد الديمقراطي، أكبر القوى الكردية السورية وجناحه العسكري قوات حماية الشعب الكردية، القوتان اللتان تصفهما أنقرة بـالإرهابيتين، على ثلاثة أرباع الحدود السورية مع تركيا. لكن التنظيمين يتلقيان دعماً أميركياً بسبب تصديهما لتنظيم داعش.
مشاركة :