تظهر النتائج التي تتوصل لها مختلف الدراسات العلمية الخاصة ببحث تداعيات ظاهرة التغير المناخي وآثارها الكارثية على الطبيعة والبشر، أن العالم مقبل على ما هو أسوأ خلال السنوات والعقود القادمة. وتفصيلاً، خلصت دراسة حديثة إلى أن ظاهرة الاحتباس الحراري ستعرض أكثر من خُمس البشرية للحرارة الشديدة، التي قد تهدد الحياة بحلول نهاية القرن الجاري. ويشكل الاحتباس الحراري هماً عالمياً يؤرق دول المعمورة زادت آثارُه، فباتت تكلفته الاقتصادية، ظاهرة أكثر من أي وقت مضى، أما فاتورته البشرية فترتفع، وتهدد بكارثة تحدق بمئات ملايين الناس حول العالم. وكشفت الدراسة التي نشرت في دورية "ديمومة الطبيعة" أن درجات حرارة سطح الأرض تتجه للارتفاع بمقدار 2.7 درجة مئوية بحلول عام 2100، مقارنة بعصر ما قبل الصناعة. وبحلول هذا الموعد سيعاني مليارا شخص من ظاهرة الاحترار العالمي، مما سيبعدهم عن الظروف المناخية المريحة التي سمحت للبشرية بالتطور على مدى آلاف السنين. ونبهت الدراسة إلى أن دولاً بعينها تواجه مصيراً كارثياً يتمثل في موجات حر قاتلة، كالهند ونيجيريا وإندونيسيا والفلبين وباكستان، مع الإشارة إلى أن المخاطر تتزايد بالمناطق الواقعة على طول خط الاستواء. فيما يمكن أن يصبح المناخ مميتاً هناك في حال ارتفعت درجات الحرارة، بسبب الرطوبة التي تمنع الجسم البشري من تبريد نفسه، وفي أسوأ السيناريوهات، مع ارتفاع حساسية المناخ لغازات الاحتباس الحراري عن المتوقع، سترتفع درجة الحرارة العالمية بمقدار 3.6 درجة مئوية وتترك ما يقرب من نصف سكان العالم خارج بيئة المناخ المناسبة. ويحذر الخبراء من أن القادم أسوأ، وأن ارتفاع معدلات الحرارة القياسي سيطال بتداعياته القاتلة، مئات ملايين البشر وسيحول أجزاء واسعة من الأرض لمناطق غير صالحة للعيش، ما يقتضي تحركاً دولياً عاجلاً لتدارك الكارثة المحيقة بالأرض وسكانها. ويقول الخبير البيئي وعضو الاتحاد العالمي لصون الطبيعة أيمن هيثم قدوري: يشكل الاحترار العالمي محور عمليات بحث التغير المناخي، فالارتفاع المستمر بمعدلات درجات الحرارة خلال العقدين الماضيين وكسرها للمحددات العالمية في أكثر من عام، وجه الجهود العلمية لدراسة الآثار المترتبة على هذا الارتفاع، وفقاً لسكاي نيوز عربية. وأضاف: أن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ IPCC ذكرت في تقريرها المنشور عام 2019، أن العالم على أعتاب تجاوز 1.5 درجة مئوية الحد الذي وضعته اتفاقية باريس عام 2015، للارتفاع في معدل درجة الحرارة بحلول حد الاحترار العالمي عام 2050. وأردف: من الممكن أن يرتفع هذا المعدل بنهاية القرن أي عام 2100 ليصل إلى ما فوق 2 درجة مئوية ما يهدد استقرار 70% من البشر من خلال تفاقم تبعات عملية التغير المناخي، من موجات جفاف قاسية من جهة وفيضانات جارفة من جهة أخرى، ندرة المياه العذبة وعدم قدرة البشر على توفير أهم عناصر الحياة، النزوح من المناطق التي سيجعلها ارتفاع درجة الحرارة غير ملائمة للاستيطان البشري نحو المناطق الأبرد بعض الشيء على سطح الكوكب. وأوضح " قدوري " أن الدراسة التي صدرت ضمن مجلة Nature Sustainability التي تواكب الأحداث المناخية للسنوات الأخيرة، تؤكد ما توصلت له دراسات الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ IPCC، تضيف بإن تجاوز عتبة 1.5 درجة مئوية بات أمراً واقعاً، والعالم متجه للوصول إلى 2.7 درجة مئوية عند نهاية القرن. وتابع: هكذا سيتعرض أكثر من خمس سكان العالم لدرجات حرارة شديدة الخطورة تثبط من فعالية البشر، وتترتب عليها آثار صحية قاتلة تصل للتسبب بالوفاة، فضلا عن الأضرار الناجمة عن استفحال عملية التغير المناخي وتتابع الكوارث الطبيعية وتكرارها بوتيرة متصاعدة.
مشاركة :