كما هو معلوم، الأسرة هي الوحدة البنائية في المجتمع.. وهي نواته التي يتشكل منها، حيث تتولى وظائف عدة، من أهمها، تنشئة الأبناء وتربيتهم ورعايتهم وحمايتهم، حتى دخولهم مراحل التعليم المختلفة، ومن بعد ذلك يدخل المجتمع ليشارك الأسرة في العملية التربوية، لذا نجد أن دستور دولة الإمارات نص في المادتين 15 و16، على أهمية الأسرة في المجتمع، الذي عليه أن يرعاها، ويحافظ على تماسكها ونسيجها الاجتماعي..وانطلاقاً من تلك الأهمية، حرصت دولة الإمارات على تماسك الأسرة وضرورة حماية أفرادها، خصوصاً في عصر العولمة والفضائيات المفتوحة، الأمر الذي فتح الباب على مصراعيه لدخول أنماط مختلفة من الثقافات الوافدة على أبنائنا..! ولا ننسى جميعاً أيضاً الدور المهم لسمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية «أم الإمارات».. في رعاية الأسرة وتمكينها في المجتمع الإماراتي، وذلك باستمرار توجيهاتها السامية بضرورة تطوير الخدمات التي تقدم للأسرة بكل أفرادها، وبما يحقق لهم المنفعة، ويسهم في الوصول إلى جيل مستنير.. وعلى وعي تام بمسؤولياته تجاه وطنه ومجتمعه.. وذلك من خلال أسرة تؤمن بأهمية الأدوار التي يلعبها كل أفرادها.. وتسعى إلى تذليل الصعوبات.. التي قد تواجه الأبناء وتؤثر في مستقبلهم.. ومن هذا المنطلق ولتلك الاعتبارات المذكورة أعلاه، اهتمت الدولة بكافة مؤسساتها الاجتماعية والأمنية بإنشاء مراكز حماية ووقاية للأسرة بكافة أفرادها.. والتي تهدف بدورها إلى الإنقاذ ومد يد العون والمشورة لمن سقطوا في فخ وبراثن آفة المخدرات. ويعد مركز «حماية الدولي» التابع للإدارة العامة لمكافحة المخدرات في شرطة دبي، «أحد تلك المراكز المهمة والفعالة جداً.. والذي أسهم بدور فعال ومشرف في إنقاذ العديد من المشكلات المستعصية والخطيرة ومنها: وقوع طفل يبلغ من العمر 13 عاماً، في فخ «إدمان المخدرات»، نتيجة مروره بعدة مشكلات زادت اضطراباته النفسية سوءاً. وتفصيلاً لهذه الواقعة والتي جاءت تفاصيلها كما ذكرها نائب مدير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات في شرطة دبي أن طفلاً يبلغ من العمر 13 سنة، تبين أنه يتعرض باستمرار للتنمر والإهانة والاعتداء من قبل زملائه في المدرسة، وبسبب فجوة التواصل بينه وبين والديه وشعوره بالوحدة والضعف وغياب السند والحماية، لم يكن يخبرهما عن يومياته المؤلمة في المدرسة. وفي إحدى المرات، حاول الدفاع عن نفسه وصد عدائية زملائه المتمردين، ووصلت المشكلة إلى مسامع إدارة المدرسة، التي استدعت والد الطفل وإبلاغه بقرار تحويل ابنه للدراسة من بُعد لحل المشكلة، ولكن حياة الطفل تغيرت للأسوأ. فكان يقضي ساعات طويلة خارج المنزل، وسماح والديه بهذا الأمر كان بهدف عدم التضييق عليه ومنحه مساحة من الحرية، لافتاً إلى أنه رغم ملاحظة والديه سلوكياته غير الطبيعية، إلا أنهما أهملا سنوات فكرة عرضه على طبيب متخصص. وتعود تفاصيل حالته عندما تفاعل هذا الطفل مع إحدى الرسائل المجهولة التي وصلت إليه عن طريق أحد التطبيقات، وقاده الفضول وحب التجربة إلى توفير مصروفه وشراء المخدرات من دون علم والديه. واستعان ببعض مقاطع الفيديو لتعلم كيفية الحقن وتعاطي المخدرات، ونتيجة لإدمانه أصبح أكثر عنفاً وعدائية مع أشقائه ووالديه في المنزل وعانى نوبات غضب وانفعال، ما كان يدفع والديه لحجزه في إحدى غرف المنزل في أحيان كثيرة ليهدأ ويستقر وضعه.وبعد مرور قرابة عام ونصف العام، قام الأب بعرضه على طبيب نفسي، وكشف التشخيص المتأخر معاناة الطفل مشكلات نفسية وفرط الحركة، كما كشفت التحاليل تعاطيه المخدرات، وهنا تواصل الأب على الفور مع مركز حماية الدولي طلباً للمساعدة، وتمت دراسة حالة الطفل وتحويله للعلاج والتأهيل... أعود للقول: إنه وإدراكاً لأهمية الوظائف البيولوجية والاقتصادية والاجتماعية، التي تعزز مكانة الأسرة في المجتمع، فإن الأسرة بجميع المقاييس تعتبر «خط الدفاع الأول» لحماية أفرادها والمجتمع من كل العوامل، التي تهدد أمنه واستقراره، فإذا انهار البناء الأسري، فإن البناء الاجتماعي سيصاب بالتفكك. لقد أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1993 سنة دولية للأسرة، وفي ذلك اعتراف من المجتمع الدولي بأهمية الأسرة ومكانتها في الحفاظ على تماسك المجتمعات الإنسانية، لضمان استقرارها وبقائها.. * كاتبة إماراتية طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :