هاجس ضعف النمو العالمي يطارد لاجارد في ولايتها الثانية لـ «صندوق النقد»

  • 2/21/2016
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

لم تكن إعادة ترشيح كريستين لاجارد لفترة ثانية بالإجماع مفاجأة، فقد كانت بمنزلة إقرار واقع بعدما لم يترشح أحد للمنصب في ظل الدعم القوي الذي لقيته "سيدة الصندوق" من الاقتصادات الكبرى والناشئة كافة، خاصة من الولايات المتحدة التي تملك أكبر حقوق التصويت في المؤسسة المالية المرموقة. لاجارد (60 عاما) وزيرة المالية الفرنسية السابقة - التي أصبحت أول امرأة تتولى إدارة صندوق النقد الدولي خلفا لدومنيك ستروس، منذ إنشائه بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، تصدت منذ توليها المنصب في 2011 لأزمة الدين السيادي في أوروبا وتعاملت مع الأزمة المالية لليونان، ونفذت تغييرات لإعطاء نفوذ أكبر داخل الصندوق للأسواق الناشئة ومن بينها الصين والبرازيل، ولعبت دورا بارزا في تصميم حزمة إنقاذ مالي في أوكرانيا. ولدت لاجارد في باريس عام 1956 وأتمت تعليمها الثانوي في مدينة "لو هافر" الفرنسية ثم التحقت بمدرسة "هولتون آرمز" في ولاية ميريلاند الأمريكية، ثم تخرجت بعد ذلك في كلية الحقوق بجامعة باريس، وحصلت على درجة الماجستير من معهد العلوم السياسية في مدينة "إكس أون بروفونس" الفرنسية. وبعد التحاقها بنقابة المحامين الفرنسية أصبحت لاجارد شريكا في مؤسسة المحاماة الدولية "بيكر آند ماكينزي" حيث تخصصت في الشؤون العمالية، وممارسات مكافحة الاحتكار، وعمليات الدمج والاستحواذ. وفي عام 1995 أصبحت عضوا في اللجنة التنفيذية للمؤسسة، وفي 1999 أصبحت رئيسا للجنة التنفيذية العالمية لمؤسسة "بيكر آند ماكينزي" ثم رئيسا للجنة الاستراتيجية العالمية في 2004. وشغلت لاجارد منذ عودتها من الولايات المتحدة في 2005 عدة مناصب وزارية في الحكومات الفرنسية المتعاقبة، أبرزها وزيرة الزراعة والصيد البحري ووزيرة منتدبة للتجارة الخارجية قبل أن تتقلد في 2007 منصب وزيرة الاقتصاد في حكومة فرانسوا فيون. وتعرف لاجارد بجديتها في العمل وبخياراتها الليبرالية في تسيير الاقتصاد وبدفاعها عن أوروبا في ظل العولمة الاقتصادية، فقد لعبت دورا مساهما بجانب الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي، من أجل وضع خطط لإنقاذ اقتصاد عديد من دول الاتحاد الأوروبي التي واجهت مشكلات اقتصادية كبيرة في السنوات الأخيرة، مثل البرتغال وإيرلندا، فيما سعت جاهدة إلى مساعدة اليونان التى واجهت شبح الإفلاس. لاجارد التي صنفتها صحيفة "فايناشيال تايمز" البريطانية، كأحسن وزيرة اقتصاد في منطقة اليورو لعام 2009، تقديرا منها للجهود المعتبرة التي بذلتها لمجابهة الأزمة المالية والاقتصادية التي عصفت بالعالم وبأوروبا منذ الأزمة المالية العالمية في 2008 ومعالجة أزمة الديون، حصلت أيضا على تقدير من مجلة "فوربس" التي وضعتها ضمن الشخصيات الأكثر قوة ونفوذا في العالم، فيما احتلت المرتبة الخامسة في قائمة "وول ستريت جورنال" عن أفضل سيدات الأعمال الأوروبيات، وعدتها مجلة "تايم" ضمن أهم 100 شخصية قيادية في العالم. ويبدو أن انفتاح لاجارد على الثقافة الأنجلوسكسونية وإتقانها اللغة الإنجليزية، قد ساعداها في البقاء لفترة ثانية على رأس الصندوق، وقد كونت معرفتها الجيدة عبر سنوات عديدة عاشتها في الولايات المتحدة، حيث كانت تعمل محامية في مكتب محاماة عريق يدعى "بيكر وماكنزي" لسنوات عديدة - من 1995 إلى 2004. وتملك لاجارد علاقات طيبة مع عديد من الشخصيات السياسية والاقتصادية المؤثرة في العالم، وتنظر إليها دول الاتحاد الأوروبي على أنها المرشحة المثالية لتولي مثل هذا المنصب، بسبب درايتها بمشكلات القارة المالية والاقتصادية. وبعد فوزها بولاية ثانية قالت لاجارد إن صندوق النقد يظل ملتزما بهدفه الأساسي وهو المساعدة في ضمان الاستقرار الاقتصادي والمالي العالمي من خلال التعاون الدولي، ومن المقرر انتهاء فترة رئاستها الأولى يوم 5 تموز (يوليو) المقبل. ونوهت في بيان إلى أن الاقتصاد العالمي يواجه عددا من التحولات المهمة، ولذلك يركز الصندوق على مساعدة الدول الأعضاء على تجاوزها بنجاح - من خلال ما يقدمه خبراؤه المتميزون من مشورة بشأن السياسات، وأنشطة بناء القدرات، وكذلك الدعم المالي حيثما كان مطلوبا. وتعهدت لاجارد بمواجهة ضعف النمو العالمي في ولايتها الثانية قائلة: "لا يزال الصندوق ملتزما بهدفه الأساسي المتمثل في العمل على ضمان الاستقرار الاقتصادي والمالي العالمي من خلال التعاون الدولي". وتلقت لاجارد دعم كل من المملكة المتحدة، وألمانيا، والصين وفرنسا إضافة إلى عديد من البلدان الأخرى داخل صندوق النقد الدولي الذي يعد منظمة تتضمن 188 دولة ومهمتها الرئيسية هي ضمان استقرار النظام النقدي العالمي الذي يتمثل في نظام أسعار الصرف والمدفوعات الدولية التي تسهل على البلدان التعامل مع بعضها البعض. ولم تكن حياتها خالية من العراقيل، حيث واجهت اتهامات من القضاء الفرنسي "بالإهمال"، وتتعلق القضية بتحكيم في 2008 أفضى إلى منح رجل الأعمال برنار تابي 400 مليون يورو لإنهاء نزاع طويل بينه وبين مصرف كريدي ليونيه حول صفقة بيع شركة أديداس للمنتجات الرياضية. ومنحت لاجارد في أيار (مايو) 2013 وضع الشاهد الذي يمكنه اصطحاب محام، أي بين الشاهد العادي والمتهم، وقد أكد صندوق النقد الدولي دائما دعمه لها، وأعلنت بنفسها أنها تستبعد الاستقالة بعد اتهامها. وشكل عام 2005 منعطفا جديدا في حياتها السياسية، وما أن انضمت إلى الحكومة حتى أعلنت أن قانون العمل الفرنسي "معقد" و"ثقيل"، وفي 2007 في خضم ارتفاع أسعار الوقود دعت الفرنسيين إلى "استعمال دراجاتهم"، ما أسهم في صنع صورة لها كامرأة متعجرفة قليلا وأرستقراطية. ولم تتوقف عن مثل تلك الصراحة الكبيرة بعد توليها مديرية صندوق النقد، إذ إنها أثارت ضجة بدعوتها في ربيع 2012 كل اليونانيين الذين يعانون خطة تقشف شديدة إلى دفع ضرائبهم. كما أن لاجارد لم تترد في إثارة استياء بعض زملائها السابقين الأوروبيين الذين يعانون أزمة الديون عندما دعتهم إلى إعادة رسملة مصارفهم "عاجلا" أو المطالبة بحلول "دائمة" لمشاكل الديون اليونانية. ويبدو أنها اتهمت خليفتها في وزارة الاقتصاد بيار موسكوفيسي بأنه نام خلال اجتماع حول أزمة قبرص. وقالت "أعرف لماذا لا يسمع صوت فرنسا"، وحتى بعض الدول الناشئة تشيد بها رغم أنها مستاءة كثيرا من الإفراط في تمثيل الدول الغربية في صندوق النقد.

مشاركة :