إعادة فتح متحف لبناني بعد 3 سنوات من تضرره في انفجار مرفأ بيروت

  • 5/27/2023
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

أُعيد افتتاح متحف سرسق اللبناني للجمهور، بعد 3 سنوات من انفجار مرفأ بيروت، الذي حوّل العديد من لوحاته ومقتنياته إلى رماد. إعادة فتح المتحف، مساء الجمعة، كانت بمثابة نقطة مضيئة نادرة لسكان بيروت في بلد يعاني من أزمة اقتصادية خانقة، جعلت نحو ثلاثة أرباع سكان لبنان البالغ عددهم 6 ملايين نسمة يعيشون في حالة فقر. المتحف الذي بُني في الأصل كفيلا خاصة عام 1912 على قمة تل على حي الأشرفية في المدينة، هو مكان إقامة فخم متكامل على الطرازين الفينيسي والعثماني. سرسق يهب منزله للشعب  وهب مالك الفيلا، وهو جامع الأعمال الفنية اللبناني الشهير نيقولا إبراهيم سرسق، منزله للشعب اللبناني، ليتم تحويله إلى متحف للفن المعاصر عند وفاته عام 1952. يضم المتحف أعمالا فنية لبنانية يعود تاريخها إلى أواخر القرن التاسع عشر، منها أعمال الرسام المتميز جورج قرم، ومكتبة فؤاد دباس التي تضم 30 ألف صورة، وهي واحدة من أكبر مجموعات الصور الخاصة، والصور مأخوذة من بلاد الشام من عام 1830 حتى ستينيات القرن الماضي. بين التجديد والتدمير في عام 2008، تولى مشروع مدته 7 سنوات، تجديد وتوسيع المتحف، وإعادة إطلاقه عام 2015. لكن انفجار الرابع من أغسطس/ آب 2020 في مرفأ بيروت، على بعد 800 متر فقط، ضرب المتحف بالكامل من الأمام. أدى الانفجار إلى تهشم نوافذ المتحف الزجاجية الملونة وتحطم الأبواب، وتضرر نصف الأعمال الفنية المعروضة تقريبا. طال الانفجار معظم أنحاء بيروت، ما أسفر عن مقتل أكثر من 200 شخص وإصابة أكثر من 6 آلاف آخرين. قالت مديرة المتحف، كارينا الحلو، إن الدمار كان غير مسبوق، وهو مستوى لم يسبق له مثيل حتى خلال الحرب الأهلية اللبنانية في الفترة من 1975 حتى 1990. وأضافت أن 70% من المبنى تضرر بشدة، وكذلك 66 قطعة فنية من أصل 132 معروضة. ومزقت شظايا الزجاج لوحة بصورة نيقولا سرسق التي رسمها الفنان الهولندي كيس فان دونخن. وبعد شهرين من الانفجار، أطلقت مديرة المتحف آنذاك زينة عريضة حملة لجمع التبرعات، وقدرت الأضرار بحوالي 3 ملايين دولار في ذلك الوقت. جمع المتحف في النهاية أكثر من مليوني دولار لترميم المبنى والأعمال الفنية، بدعم من إيطاليا وفرنسا ومنظمة اليونسكو، والعديد من المنظمات الخاصة. كانت عملية الترميم طويلة ومضنية. وتم نقل صورة سرسق إلى باريس مع قطعتين فنيتين أخريين وأعيد ترميمها هناك. خبراء الترميم  توافد خبراء من لبنان ومن الخارج على المتحف، لتجميع المنحوتات الفخارية التالفة، وإصلاح الخدوش والتمزقات التي شوهت اللوحات، وتمت إزالة الغبار والحطام الناتج عن الانفجار بعناية، لإعادة رونق العديد من القطع. قالت كارينا الحلو: «المسحوق الأبيض الناتج عن الانفجار الذي رأيناه في كل مكان في بيروت، وصل إلى قاعة التخزين الخاصة بنا المكونة من 4 طوابق تحت الأرض». تأمل الحلو أن تؤدي إعادة فتح المتحف إلى رفع معنويات الكثير من اللبنانيين وسط الانهيار الاقتصادي للبلاد، وتوفير «مساحة آمنة» للتعبير الحر. وأكدت أن الفن أصبح الآن أكثر أهمية من أي وقت مضى، وقالت: «في مواجهة الظلام، كافح الفنانون من خلال الفن والثقافة». إعادة الافتتاح تجمع العشرات في الفناء الكبير لمتحف سرسق الذي تصطف على جانبيه الأشجار مساء الجمعة، ليستمعوا إلى غناء جوقة وعزف فرقة موسيقية يقدمان عروضهما على درج المدخل من أجل إعادة الافتتاح. حظي المتحف، الذي بدا كما كان عليه قبل الانفجار، بعبارات التقدير، وتذكر آخرون كم ذبلت بيروت منذ ذلك الحين وكيف غادر عشرات الفنانين البلاد. لدى استقباله للضيوف، قال طارق متري، رئيس مجلس أمناء متحف سرسق، لوكالة أسوشيتدبرس: «آمل الآن أن يعود جميع أصدقاء متحف سرسق الذين ربما غادروا لبنان في السنوات الأخيرة على الأقل لزيارتنا». لم يكن متحف سرسق المكان الفني الوحيد الذي تضرر في انفجار المرفأ، ورُمّم في السنوات التي تلت ذلك. فقد أعيد بناء مشاريع المرفأ، وهو معرض قريب من أحد مداخل المرفأ، وأعيد افتتاحه في النهاية. وطال الدمار أماكن أخرى مثل حدائق الصيفي الحضارية، وهو نزل تديره عائلة أصبح على مر السنين مركزا ثقافيا نابضا بالحياة به استوديوهات فنية ومساحة عرض، وأدى الانفجار إلى إغلاقه نهائيا. بدون دعم مالي، يمكن في نهاية المطاف بيع العديد من المباني التراثية، ومنها منازل العصر العثماني التي بنيت في القرن التاسع عشر وتضررت في الانفجار، لشركات التطوير. لم تتمكن الحكومة اللبنانية، التي تعاني من ضائقة مالية، من تمويل مشاريع ترميم كبرى. وقالت منى فواز، أستاذة الدراسات الحضرية والتخطيط في الجامعة الأميركية في بيروت، إن قدرة متحف سرسق على جمع الأموال من خلال شبكاته وإدارته هي درس قيم للآخرين. أضافت: «أعتقد أنه من المفيد التفكير في الأمر كإحدى قصص نجاحنا النادرة». معارض جديدة في إعادة الافتتاح يوم الجمعة، تمكن الزوار من مشاهدة 5 معارض جديدة للفن الكلاسيكي والحديث تشهد على تاريخ لبنان الفني والثقافي وعلى مثابرة شعبه على الرغم من ماضي البلاد المضطرب. حمل أحد المعارض عنوان «إيجيكتا»، وأقيم في قاعة مظلمة تعكس تسجيل مصور وآخر صوتي لانفجار المرفأ. وأعرب الفنان صاحب المعرض، زاد ملتقى، عن أمله في أن يلهم معرضه الناس لتحويل أفكارهم القاتمة عن ذلك اليوم إلى أمل في المستقبل، وقال: «طوال أيام الحرب الأهلية، وجدنا دائما السبيل نحو النهوض». وأضاف: «لكن شعوري الأولي بعد الانفجار كان هو الشك، تساءلت عما إذا كنا سنكون قادرين على المثابرة بعد ما حدث، من المهم اليوم أن تأخذ هذا العنف وتحوله إلى شيء إيجابي».

مشاركة :