في الأسابيع الأخيرة، كرّر رئيس البرلمان نبيه بري مقولةً يحمّل فيها المسيحيين والموارنة تحديداً مسؤوليةَ عدم انتخاب رئيسٍ للجمهورية لتَعَذُّر إتفاقهم على مرشح واحد. لكن رمي المسؤولية على القوى المسيحية ينطوي في طياته على الكثير من الإجحاف، نظراً إلى أن موازين القوى في لبنان تبدّلتْ في شكل قاطع عن المرحلة التي كان يمكن أن يُقال فيها إن للمسيحيين دوراً حاسماً في اختيار رؤساء الجمهورية. ومعلوم أن رئيس الجمهورية في لبنان منذ عام 1943، أي منذ الاستقلال، لم يكن صنيعةً مسيحية صافية، رغم أن المسيحيين شكلوا منذ إعلان دولة لبنان الكبير ركيزةً أساسية في استقلال الوطن الصغير وإعلانه دولةً ذات سيادة، وسط التجاذبات التي كانت تتحكّم بقوى إسلامية رفضاً للاستقلال وطلباً للوحدة مع سورية. منذ الاستقلال، لعبتْ الثنائياتُ المسيحية دوراً محورياً في الحياة السياسية، لكنها لم تكن يوماً مقرِّراً وحيداً في اختيار رئيس الجمهورية. آنذاك كان الطرف الآخَر في معادلة الميثاق الوطني هو القوى السنية، إضافة إلى الدور الذي كان يؤديه الزعيم الدرزي كمال جنبلاط. وفي كل المحطات الأساسية، في تَوالي العهود الخمسة التي سبقتْ الحرب، كانت تُعقد لقاءاتٌ، مع القيادات السنية والدرزية لاختيار رؤساء الجمهورية تباعاً، والاتفاق مع القيادات المسيحية، أحياناً المُعارِضة وأحياناً المُوالِية، عطفاً على التأثيرات الخارجية التي كانت تَفرض إختيار مرشحٍ ما وأفضليّته على آخَر. من ثنائية الكتلة الوطنية والكتلة الدستورية، إلى ثنائية كميل شمعون وبيار الجميل، إلى الحلف الثلاثي ومن ثم الجبهة اللبنانية، صاغت القوى المسيحية أحلافاً داخلية من أجل خوض الإنتخابات النيابية ولعْب دور مؤثّر مباشر في الإنتخابات الرئاسية. لكن هذه الثنائيات لم تكن آحادية بمعنى فرْض إيقاعٍ مسيحي على القوى السياسية الأخرى. وبهذه التحالفات أسقطت المعارضةُ مُجْتَمِعَةً بشارة الخوري بعد التجديد له وانتُخب كميل شمعون، وشارك المسيحيون كذلك في عدم التجديد لشمعون وانتخاب اللواء فؤاد شهاب. والاتفاقُ المسيحي، عبر الحلف الثلاثي، مع القوى السنية والدرزية أفضى إلى إسقاط الشهابية ومن ثم انتخاب سليمان فرنجية بدلاً من الياس سركيس. والأخير انتُخب بعدها نتيجة تسوية أعقبت بدء الحرب وانتهاء عهد فرنجية، وليس نتيجة إتفاق مسيحي داخلي. قد يكون انتخاب الرئيس بشير الجميل، أتى بناء على صعود القوة المسيحية المتمثلة بـ «القوات اللبنانية»، لكن انتخابَ خليفته الرئيس أمين الجميل، لم يكن إلا بناء على تسوية داخلية، اثر إغتيال الرئيس المنتخَب. ولم يتمكن أمين الجميل من الحُكْم نتيجة الصراعات الداخلية التي كانت علامَتُها الفارقة صعود حركة «أمل» والرئيس نبيه بري وتَحَوُّلها رقماً في المعترك السياسي الذي اتخذ أشكالاً حادة. خروج الجميل من قصر بعبدا من دون انتخاب خلَف له، أعاد فرز ثنائية مسيحية هي الأطول عمراً وما زالت حيةً منذ التسعينات وإلى اليوم، وفرضت نفسها وما زالت في صعودِ ما سُمّي حينها الحالة العونية (نسبةً إلى العماد ميشال عون) التي أصبحت لاحقاً «التيار الوطني الحر»، وصِدامها مع «القوات اللبنانية». القوات التي انطلقتْ من رحم حزب «الكتائب» مع بداية الحرب وتحوّلت من ميليشيا مسلّحة إلى حزبٍ سياسي (بعدما تم حلّ الميليشيات)، أَقْدَمُ عمراً وأكثر تَجَذُّراً في الشارع المسيحي، بعدما قدّمت رئيساً للجمهورية هو الرئيس بشير الجميل الذي اغتيل عام 1982، وبعدما سعت عبر ما سُمي حينها «توحيد البندقية المسيحية» إلى اختزال الميليشيات المسلَّحة وفي طليعتها حزب «الوطنيين الأحرار»، للسيطرة على قرار «المنطقة الشرقية». مع اغتيال الجميل، وانتفاضة الدكتور سمير جعجع على رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات» ايلي حبيقة، بدأ إيقاعٌ جديد على الساحة المسيحية، مع تَراجُعِ دور حزب «الكتائب» تدريجاً، لتصبح المواجهة بين «القوات» والعونيين وتترك انعكاساً أساسياً على موضوع رئاسة الجمهورية في ظل إتفاق الطائف الذي دعمتْه «القوات» ورفَضَه عون. هذه الثنائية التي تَراجَعَ تأثيرُها على المسرح السياسي العام بعد 1990 مع نفي عون إلى باريس وسجْن جعجع، ظلّت حاضرةً بقوةٍ في الساحة المسيحية الشعبية، بعد عودة الأول وإطلاق الثاني، وجرى التعبير عنها في الانتخابات النيابية عاميْ 2005 و 2009 وعام 2018 و 2022. لكن صعود الثنائية السياسية المسيحية، لم يُترجم فوراً بإعادة إمتلاك القوى المسيحية زمامَ القرار السياسي بعد انحسار دورها نتيجة النفوذ السوري وصعود القوة السنية التي كانت ممثَّلةً بـ «تيار المستقبل»، ولاحقاً «الثنائية الشيعية» بين حركة «أمل» و«حزب الله». إذ بدأ الفراغُ الرئاسي يصبح لازمةً تتكرر مع إنتهاء كل عهد رئاسي، بفعل نفوذ القوى السياسية غير المسيحية. وهكذا شغر كرسي الرئاسة الأولى بعد خروج الرئيس إميل لحود، وحين انتهى فراغ الستة أشهر بانتخاب العماد ميشال سليمان، حصل ذلك نتيجة التسوية بين «حزب الله» و«تيار المستقبل» التي أعقبت أحداث 7 مايو 2008 في بيروت. وارتضت الثنائية المسيحية التسوية المذكورة، إلى أن حلّ الفراغ الثاني، بعد خروج سليمان واستمرّ نحو 30 شهراً. ويتحمّل «التيار الوطني الحر» جزءاً من مسؤولية استمرار الفراغ الرئاسي الثاني لمدة عامين ونصف عام، رفْضاً لانتخاب أي رئيسٍ غير العماد ميشال عون. إلا أن إصرارَ «حزب الله» حينها على الإتيان بحليفه، هو الذي أعطى لموقف عون الدعمَ الكافي كي يتشبث به. لكن تسوية أكتوبر 2016 لم تكن لتحصل لولا موافقة الطرف المسيحي الثاني أي «القوات اللبنانية» والرئيس سعد الحريري. وقد تكون تجربة انتخاب عون، باتفاقٍ مسيحي ثنائي، إحدى المؤشرات على إستعادة القوى المسيحية لدورها وفاعليتها في تسمية رئيس للجمهورية. ولو أن هذه المقولة تحمل تخفيفاً من وقْع تأثيرات التسوية السنية - الشيعية، في الاتفاق على رئيس للجمهورية، وفي الدور الذي لعبه «حزب الله» للإتيان بحليفه المسيحي إلى قصر بعبدا. اليوم تتكرر الواقعة ذاتها. يتمسك «الثنائي الشيعي» بتسمية حليفه رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية، في حين أن القوى المسيحية، عاجزةٌ عن الإتفاق على مرشّح تخوض به المواجهة مع فرنجية. وقد يكون تحميلُها المسؤولية وحدها عن عدم انتخاب رئيس للجمهورية، لا يعكس حقيقة الأمر الواقع. لأن اي إتفاق بين هذه القوى لا يحوز رضى «الثنائية الشيعية»، في غياب الطرف السني القوي، يعني حُكْماً أن لا إنتخابات رئاسية. فالقوى المسيحية من «التيار الوطني» و«القوات اللبنانية» و«الكتائب» عبّرتْ صراحةً عن رفْض إنتخاب فرنجية، وتَمَسُّك الثنائي الشيعي به، يقطع الطريق على محاولة بري تحميلهم مسؤولية إستمرار الفراغ. وفي الوقت نفسه يحمّل هذه القوى مسؤولية الإتفاق على مرشح واحد، في ضوء بدء اتصالات رئاسية بين «التيار» و«القوات» ومع «الكتائب»، لكنها ما زالت أوّلية. فالطرفان يخوضان الحوار تحت عبء تجربة إتفاق معراب (أوْصل عون إلى قصر بعبدا) الذي وصل إلى حائط مسدود، وأدى إلى صِدام سياسي بينهما. وهما اليوم حَذِران تجاه بعضهما البعض، فعاملُ الثقة مفقود في ضوء تخوّف «القوات» من ان «التيار الوطني» يفاوضها في رسالة إلى «حزب الله» لتحسين شروط تفاوضه معه، وليس إقتناعاً بمبدأ توحيد الصف المسيحي. أما «التيار» فيحاول شدّ «القوات» و«الكتائب» إلى ملعبه، لأن الطرفيْن لم يتمكنا من حصْد الأصوات السنية إلى جانبهما وهما يفتقدان تالياً الحليف الذي يجعل مرشّحهما رئيساً للجمهورية. ورغم انتظار أن تسفر الاتصالات بين الأطراف الثلاثة عن نتائج إيجابية، إلا أن لا أحد يتوقع أن تُترجم هذه النتائج في صندوقة الإقتراع رئيساً للجمهورية ما دامت الكرة ما زالت في ملعب «الثنائي الشيعي». في الأسابيع الأخيرة، كرّر رئيس البرلمان نبيه بري مقولةً يحمّل فيها المسيحيين والموارنة تحديداً مسؤوليةَ عدم انتخاب رئيسٍ للجمهورية لتَعَذُّر إتفاقهم على مرشح واحد.لكن رمي المسؤولية على القوى المسيحية ينطوي في طياته على الكثير من الإجحاف، نظراً إلى أن موازين القوى في لبنان تبدّلتْ في شكل قاطع عن المرحلة التي كان يمكن أن يُقال فيها إن للمسيحيين دوراً حاسماً في اختيار رؤساء الجمهورية. هل تأخذ إيران و«حزب الله» تهديدات إسرائيل على محمل الجد؟ منذ يومين أردوغان يتحضّر لقطف ثمرة الانتصار الأكبر على قليجدار أوغلو! 23 مايو 2023 ومعلوم أن رئيس الجمهورية في لبنان منذ عام 1943، أي منذ الاستقلال، لم يكن صنيعةً مسيحية صافية، رغم أن المسيحيين شكلوا منذ إعلان دولة لبنان الكبير ركيزةً أساسية في استقلال الوطن الصغير وإعلانه دولةً ذات سيادة، وسط التجاذبات التي كانت تتحكّم بقوى إسلامية رفضاً للاستقلال وطلباً للوحدة مع سورية.منذ الاستقلال، لعبتْ الثنائياتُ المسيحية دوراً محورياً في الحياة السياسية، لكنها لم تكن يوماً مقرِّراً وحيداً في اختيار رئيس الجمهورية. آنذاك كان الطرف الآخَر في معادلة الميثاق الوطني هو القوى السنية، إضافة إلى الدور الذي كان يؤديه الزعيم الدرزي كمال جنبلاط.وفي كل المحطات الأساسية، في تَوالي العهود الخمسة التي سبقتْ الحرب، كانت تُعقد لقاءاتٌ، مع القيادات السنية والدرزية لاختيار رؤساء الجمهورية تباعاً، والاتفاق مع القيادات المسيحية، أحياناً المُعارِضة وأحياناً المُوالِية، عطفاً على التأثيرات الخارجية التي كانت تَفرض إختيار مرشحٍ ما وأفضليّته على آخَر.من ثنائية الكتلة الوطنية والكتلة الدستورية، إلى ثنائية كميل شمعون وبيار الجميل، إلى الحلف الثلاثي ومن ثم الجبهة اللبنانية، صاغت القوى المسيحية أحلافاً داخلية من أجل خوض الإنتخابات النيابية ولعْب دور مؤثّر مباشر في الإنتخابات الرئاسية.لكن هذه الثنائيات لم تكن آحادية بمعنى فرْض إيقاعٍ مسيحي على القوى السياسية الأخرى.وبهذه التحالفات أسقطت المعارضةُ مُجْتَمِعَةً بشارة الخوري بعد التجديد له وانتُخب كميل شمعون، وشارك المسيحيون كذلك في عدم التجديد لشمعون وانتخاب اللواء فؤاد شهاب.والاتفاقُ المسيحي، عبر الحلف الثلاثي، مع القوى السنية والدرزية أفضى إلى إسقاط الشهابية ومن ثم انتخاب سليمان فرنجية بدلاً من الياس سركيس. والأخير انتُخب بعدها نتيجة تسوية أعقبت بدء الحرب وانتهاء عهد فرنجية، وليس نتيجة إتفاق مسيحي داخلي.قد يكون انتخاب الرئيس بشير الجميل، أتى بناء على صعود القوة المسيحية المتمثلة بـ «القوات اللبنانية»، لكن انتخابَ خليفته الرئيس أمين الجميل، لم يكن إلا بناء على تسوية داخلية، اثر إغتيال الرئيس المنتخَب. ولم يتمكن أمين الجميل من الحُكْم نتيجة الصراعات الداخلية التي كانت علامَتُها الفارقة صعود حركة «أمل» والرئيس نبيه بري وتَحَوُّلها رقماً في المعترك السياسي الذي اتخذ أشكالاً حادة.خروج الجميل من قصر بعبدا من دون انتخاب خلَف له، أعاد فرز ثنائية مسيحية هي الأطول عمراً وما زالت حيةً منذ التسعينات وإلى اليوم، وفرضت نفسها وما زالت في صعودِ ما سُمّي حينها الحالة العونية (نسبةً إلى العماد ميشال عون) التي أصبحت لاحقاً «التيار الوطني الحر»، وصِدامها مع «القوات اللبنانية».القوات التي انطلقتْ من رحم حزب «الكتائب» مع بداية الحرب وتحوّلت من ميليشيا مسلّحة إلى حزبٍ سياسي (بعدما تم حلّ الميليشيات)، أَقْدَمُ عمراً وأكثر تَجَذُّراً في الشارع المسيحي، بعدما قدّمت رئيساً للجمهورية هو الرئيس بشير الجميل الذي اغتيل عام 1982، وبعدما سعت عبر ما سُمي حينها «توحيد البندقية المسيحية» إلى اختزال الميليشيات المسلَّحة وفي طليعتها حزب «الوطنيين الأحرار»، للسيطرة على قرار «المنطقة الشرقية».مع اغتيال الجميل، وانتفاضة الدكتور سمير جعجع على رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات» ايلي حبيقة، بدأ إيقاعٌ جديد على الساحة المسيحية، مع تَراجُعِ دور حزب «الكتائب» تدريجاً، لتصبح المواجهة بين «القوات» والعونيين وتترك انعكاساً أساسياً على موضوع رئاسة الجمهورية في ظل إتفاق الطائف الذي دعمتْه «القوات» ورفَضَه عون.هذه الثنائية التي تَراجَعَ تأثيرُها على المسرح السياسي العام بعد 1990 مع نفي عون إلى باريس وسجْن جعجع، ظلّت حاضرةً بقوةٍ في الساحة المسيحية الشعبية، بعد عودة الأول وإطلاق الثاني، وجرى التعبير عنها في الانتخابات النيابية عاميْ 2005 و 2009 وعام 2018 و 2022.لكن صعود الثنائية السياسية المسيحية، لم يُترجم فوراً بإعادة إمتلاك القوى المسيحية زمامَ القرار السياسي بعد انحسار دورها نتيجة النفوذ السوري وصعود القوة السنية التي كانت ممثَّلةً بـ «تيار المستقبل»، ولاحقاً «الثنائية الشيعية» بين حركة «أمل» و«حزب الله». إذ بدأ الفراغُ الرئاسي يصبح لازمةً تتكرر مع إنتهاء كل عهد رئاسي، بفعل نفوذ القوى السياسية غير المسيحية.وهكذا شغر كرسي الرئاسة الأولى بعد خروج الرئيس إميل لحود، وحين انتهى فراغ الستة أشهر بانتخاب العماد ميشال سليمان، حصل ذلك نتيجة التسوية بين «حزب الله» و«تيار المستقبل» التي أعقبت أحداث 7 مايو 2008 في بيروت. وارتضت الثنائية المسيحية التسوية المذكورة، إلى أن حلّ الفراغ الثاني، بعد خروج سليمان واستمرّ نحو 30 شهراً.ويتحمّل «التيار الوطني الحر» جزءاً من مسؤولية استمرار الفراغ الرئاسي الثاني لمدة عامين ونصف عام، رفْضاً لانتخاب أي رئيسٍ غير العماد ميشال عون.إلا أن إصرارَ «حزب الله» حينها على الإتيان بحليفه، هو الذي أعطى لموقف عون الدعمَ الكافي كي يتشبث به.لكن تسوية أكتوبر 2016 لم تكن لتحصل لولا موافقة الطرف المسيحي الثاني أي «القوات اللبنانية» والرئيس سعد الحريري.وقد تكون تجربة انتخاب عون، باتفاقٍ مسيحي ثنائي، إحدى المؤشرات على إستعادة القوى المسيحية لدورها وفاعليتها في تسمية رئيس للجمهورية.ولو أن هذه المقولة تحمل تخفيفاً من وقْع تأثيرات التسوية السنية - الشيعية، في الاتفاق على رئيس للجمهورية، وفي الدور الذي لعبه «حزب الله» للإتيان بحليفه المسيحي إلى قصر بعبدا.اليوم تتكرر الواقعة ذاتها. يتمسك «الثنائي الشيعي» بتسمية حليفه رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية، في حين أن القوى المسيحية، عاجزةٌ عن الإتفاق على مرشّح تخوض به المواجهة مع فرنجية. وقد يكون تحميلُها المسؤولية وحدها عن عدم انتخاب رئيس للجمهورية، لا يعكس حقيقة الأمر الواقع. لأن اي إتفاق بين هذه القوى لا يحوز رضى «الثنائية الشيعية»، في غياب الطرف السني القوي، يعني حُكْماً أن لا إنتخابات رئاسية.فالقوى المسيحية من «التيار الوطني» و«القوات اللبنانية» و«الكتائب» عبّرتْ صراحةً عن رفْض إنتخاب فرنجية، وتَمَسُّك الثنائي الشيعي به، يقطع الطريق على محاولة بري تحميلهم مسؤولية إستمرار الفراغ.وفي الوقت نفسه يحمّل هذه القوى مسؤولية الإتفاق على مرشح واحد، في ضوء بدء اتصالات رئاسية بين «التيار» و«القوات» ومع «الكتائب»، لكنها ما زالت أوّلية. فالطرفان يخوضان الحوار تحت عبء تجربة إتفاق معراب (أوْصل عون إلى قصر بعبدا) الذي وصل إلى حائط مسدود، وأدى إلى صِدام سياسي بينهما. وهما اليوم حَذِران تجاه بعضهما البعض، فعاملُ الثقة مفقود في ضوء تخوّف «القوات» من ان «التيار الوطني» يفاوضها في رسالة إلى «حزب الله» لتحسين شروط تفاوضه معه، وليس إقتناعاً بمبدأ توحيد الصف المسيحي.أما «التيار» فيحاول شدّ «القوات» و«الكتائب» إلى ملعبه، لأن الطرفيْن لم يتمكنا من حصْد الأصوات السنية إلى جانبهما وهما يفتقدان تالياً الحليف الذي يجعل مرشّحهما رئيساً للجمهورية.ورغم انتظار أن تسفر الاتصالات بين الأطراف الثلاثة عن نتائج إيجابية، إلا أن لا أحد يتوقع أن تُترجم هذه النتائج في صندوقة الإقتراع رئيساً للجمهورية ما دامت الكرة ما زالت في ملعب «الثنائي الشيعي».
مشاركة :