هل يمكن للأدباء الأوكرانيين والروس التحاور في زمن الحرب

  • 5/29/2023
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

واشنطن - هل يكون الحوار ممكنا بين كتاب من طرفي نزاع مسلح؟ ذلك هو السؤال الذي هز آخر مهرجان للأدب العالمي الذي نظمته "بن أميريكا" الجمعية المدافعة عن حرية التعبير حين دعت كتابا أوكرانيين وروساً منشقين للمشاركة فيه. وكان من المفترض أن يشارك ثلاثة كتّاب أوكرانيين، اثنان منهم ينتميان إلى الجيش، في مايو في "مهرجان أصوات من العالم" الذي تنظمه الجمعية في نيويورك، لكنهم احتجوا على وجود كتاب روس فيه. وقال أحدهم، الجندي في الشرطة العسكرية أرتيم شابيي، إن الظهور بجانب كتّاب روس قد يبدو بمثابة خيانة بنظر رؤسائه ورفاقه. وأوضح في تصريح له "أدرك أن هؤلاء الأشخاص لا يدعمون حكومة الرئيس فلاديمير بوتين، لكن لدي واجبات كجندي". ◙ أي دور للكتّاب والحرب مازالت مستعرة ◙ أي دور للكتّاب والحرب مازالت مستعرة من جهته، يؤكد رئيس فرع الجمعية الدولية في أوكرانيا فولوديمير يرمولنكو أنه لا يؤمن بإمكانية الحوار في زمن الحرب. وقال إنه من الصعب "الجلوس بجانب ممثلين عن روسيا في حين أن رفاقنا قد يقضون بنيرانها". وإزاء استحالة التوصل إلى تسوية، ألغى كاتبان روسيان والصحافية في مجلة "ذي نيويوركر" ماشا غيسن مشاركتهم في المهرجان. ورأت الروائية الروسية أنا نيمزر التي فرت من روسيا بعد بدء غزو أوكرانيا، أن هذا الخيار كان أليما، لكنها تؤكد أنها تتفهم رفض الأوكرانيين التحاور مع كتاب روس. وقالت مبدية أسفها "أحمل جواز السفر اللعين هذا، إنني جزء من كل ذلك بلغتي وكوني عشت هناك كل حياتي، لا يمكنني الإفلات من الأمر". وتابعت "إنه فخ، هذا غير عادل، لكن كيف يمكنني حتى التفوه بعبارة "غير عادل" حين نعلم جيدا ما هو غير عادل فعلا، هو القنابل التي تتساقط في أوكرانيا". واستقالت ماشا غيسن التي هاجرت من موسكو في طفولتها، من مجلس إدارة "بن أميريكا" احتجاجا على ما حصل. وأوضحت لشبكة التلفزيون الروسية في المنفى "دوجد" خطوتها قائلة "بنظري، لا يمكن لمنظمة تدافع عن حرية التعبير مقاطعة كلام أحد". وأبدت مديرة "بن أميريكا" سوزان نوسيل أسفها لما جرى قائلة "كان يجدر بنا اعتماد نهج أفضل". ووقع خلاف مماثل في وقت سابق هذا الشهر في تارتو في إستونيا، حين رفض شاعران أوكرانيان المشاركة في مهرجان أدبي دُعيت إليه الكاتبة الروسية الشهيرة لينور غوراليك. ولفتت الشاعرة الأوكرانية أولينا حسينوفا إلى “جرائم الحرب المرتكبة في أوكرانيا باسم الثقافة الروسية”، موضحة أسباب رفضها المشاركة في المهرجان. وأضافت الشاعرة التي فرت من كييف في فبراير 2022 عند بدء الغزو الروسي حاملة فقط الملابس التي كانت ترتديها "لو كنت ممثلة للثقافة الروسية، لما وجدت القوة الكافية لتولي الكلام، لكنت شعرت بالعار". وتصور هذه الخلافات الصعوبات التي تواجهها المنظمات الدولية لإظهار دعمها لأوكرانيا مع التعاون في الوقت نفسه مع المنشقين والمعارضين الروس. وإن كان العديد من الفنانين فروا من روسيا، فإن آخرين بقوا هناك وواصلوا التعبير عن معارضتهم للحرب، وهم يخضعون للمضايقات والتهديد والتوقيف. ودعت سوزان نوسيل بعد الغزو الروسي لأوكرانيا إلى عدم مقاطعة الثقافة الروسية بلا تمييز.وكتبت في صحيفة وول ستريت جورنال إن "التحاور مع روس ذوي استقلالية ذهنية أمر أساسي للإضاءة على الأزمة الحالية وإيجاد سبل لتخطيها". مهرجان الأدب العالمي نظمته "بن أميريكا" الجمعية المدافعة عن حرية التعبير ودعت كتابا أوكرانيين وروسا منشقين للمشاركة فيه ◙ مهرجان الأدب العالمي نظمته "بن أميريكا" الجمعية المدافعة عن حرية التعبير ودعت كتابا أوكرانيين وروسا منشقين للمشاركة فيه ورأى المدير السابق لأكبر جائزة أدبية روسية غورغي أوروشادزه الذي فر من بلاده، أن من واجبه "نشر كتب تعبر عن حزن الواقع الروسي". وأكد "هذا مهم الآن، وسيكون مهما للمؤرخين في المستقبل". فكيف السبيل في ظل هذا الوضع لإقامة حوار بين فنانين من الجانبين حتى بعد انتهاء الحرب؟ يتوقف ذلك برأي فولوديمير يرمولنكو رئيس جمعية "بن أوكرانيا" على ما إذا "كان هناك مسار توبة، توبة حقيقية". ويرى الكثيرون أن المثقفين والفنانين الروس يواجهون اليوم تقسيما ممنهجا بين من هم ضد سلطات بلادهم ومن هم معها، بالتضييق على الأخيرين وفتح آفاق أمام الشق الأول، في إطار صراع محتدم، بين عالمين مختلفين، عالم قومي يؤمن بالهوية الخاصة والاختلافات ويكرس النزعة المحافظة، وعالم مفتوح يمحو كل بصمة خاصة ويعد الناس بالحرية المطلقة. ويبدو أن الضغط طال حتى أولئك المعارضين للسلطة في روسيا، وأغلبهم غادرها، وهو ما يطرح السؤال حول طرق التعامل مع الحرب الروسية - الأوكرانية من دون المساس بذوات الكتاب والفنانين والمثقفين ومنعهم من حقوقهم الطبيعية في الحضور والتواجد في مختلف التظاهرات والإبداع الحر، إذ يرى البعض أنه من التناقض النظر إلى الحرية والديمقراطية كمثل عليا، وفي المقابل يتم منع مبدعين أو التضييق عليهم بسبب جنسيتهم أو لغتهم الروسية فقط.

مشاركة :