ورفض القضاة الطعون التي قدمها رئيس الاستخبارات السابق يوفيكا ستانيسيتش ومساعده فرانكو سيماتوفيتش في إدانتهما الصادرة عام 2021. واعتبرت المحكمة أن ستانيسيتش (72 عاما) ومساعده سيماتوفيتش (73 عاما) كانا ضمن خطة إجرامية تهدف الى "التطهير الاتني" لغير الصرب في أقسام كبرى من البوسنة وكرواتيا. هكذا ألغت تبرئتهما من هذه التهمة التي كانت صدرت في محاكمة سابقة. هذا الحكم يرتدي أهمية كبرى لأنه يربط رسميا للمرة الأولى الفظاعات التي ارتكبت في البوسنة بالنظام الصربي برئاسة ميلوسيفيتش الذي توفي وهو قيد الاعتقال في لاهاي عام 2006. وقال المدعي العام سيرج براميرتز أمام الصحافيين في ختام الجلسة "هذا مهم فعليا". وأضاف "هو القرار الوحيد الذي لدينا بالضلوع المباشر لمسؤولين من بلغراد مدانين في إطار عمل إجرامي مشترك". وقالت منيرة سوباسيتش رئيسة جمعية الأمهات في سريبرينيتسا التي تناضل من أجل العدالة لضحايا مذبحة عام 1995، إن الحكم يمكن أن يساعد في تخفيف التوترات التي لا تزال تشهدها منطقة البلقان. وأضافت أمام الصحافيين "بدون الحقيقة، ليس هناك عدالة. بدون عدالة ليس هناك ثقة. وبدون ثقة، ليس هناك مصالحة". من جهته، أشاد مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك بعمل المحكمة وبالحكم النهائي الذي يمثل "خطوة كبيرة نحو إثبات الحقيقة ومكافحة الإفلات من العقاب". - "نهاية إجرامية"- وحده ستانيسيتش حضر الى المحكمة للاستماع لتلاوة الحكم فيما تابع سيماتوفيتش الجلسة عبر رابط فيديو من زنزانته في لاهاي. خاض الرجلان السبعينيان نزاعا قانونيا طويلا منذ اعتقالهما عام 2003، فقد تمت تبرئتهما عام 2013 ثم أعيدت محاكمتهما. هذه المرة، ثبّتت المحكمة في الطور الاستئنافي إدانات الرجلين بتهم جريمة حرب وعدة جرائم ضد الانسانية بينها الاضطهاد والنقل القسري والترحيل. واعتبرت أنهما ساعدا وشجعا "أسراب الموت" الصربية التي أرهبت بلدة بوسانسكي ساماك البوسنية في نيسان/ابريل 1992 عبر ارتكاب جرائم قتل واغتصاب ونهب. أدانهما القضاة أيضا بأنهما جزء من خطة أوسع نطاقا تهدف الى ارتكاب جرائم أخرى في البلقان وبالمسؤولية عن جريمة قتل في كرواتيا في حزيران/يونيو 1992. وقالت رئيسة المحكمة غراسييلا غاتي سانتانا إن "دائرة الاستئناف ترفض طلب الاستئناف الذي تقدم به (يوفيكا) ستانيسيتش و(فرانكو) سيماتوفيتش (...) وتفرض حكما بالسجن لمدة 15 عاما" على كل منهما. وأضافت "شارك ستانيسيتش وسيماتوفيتش النية في متابعة الهدف الإجرامي المشترك المتمثل في الطرد القسري والدائم لأغلبية غير الصرب من مناطق واسعة من كرواتيا والبوسنة والهرسك". قضى ستانيسيتش سبعة أعوام في السجن وسيماتوفيتش أكثر من ثمانية أعوام كما أوضحت القاضية. - "لحظة تاريخية"- حكم على العديد من المشتبه بهم بينهم الزعيم السياسي لصرب البوسنة رادوفان كارادجيتش والزعيم العسكري راتكو ملاديتش بالسجن مدى الحياة أمام المحكمة في لاهاي لكن كان من الصعب ربط الجرائم بصربيا نفسها. من جهتها، رحبت منظمة العفو الدولية بهذه "اللحظة التاريخية للعدالة الدولية". وقالت الباحثة في منظمة العفو الدولية يلينا سيزار في بيان "لا يترك هذا مجالاً للشك حول تورط الشرطة وأجهزة الأمن الصربية في فظائع الحرب في البوسنة والهرسك والتي ما زالت السلطات الصربية تنكرها حتى يومنا هذا". هذه القضية هي الأخيرة التي نظرت فيها المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة التي تم إنشاؤها على خلفية جرائم الحرب التي شهدتها المنطقة بعد سقوط النظام الشيوعي. أغلقت المحكمة الجنائية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة عام 2017 وتولت المحكمة المعروفة رسميا باسم "الآلية الدولية لتصريف الأعمال المتبقية للمحاكم الجنائية" القضايا التي كانت عالقة. أوقعت حروب البلقان حوالى 130 ألف قتيل وتسببت بنزوح ملايين الأشخاص. لا يزال التوتر مستمرا في المنطقة لا سيما في كوسوفو، الإقليم الصربي السابق الذي أصبح دولة مستقلة.
مشاركة :