فوجئ رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام ومعه الوسط السياسي، بإعلان وزير العدل اللبناني أشرف ريفي أمس، استقالته من الحكومة والتي عزاها إلى «إطباق حزب الله» على الدولة ومؤسساتها وإدخالها في مرحلة التفكك والفراغ، وضرب الحياة السياسية بعرقلة إحالة ملف الوزير السابق ميشال سماحة إلى المجلس العدلي وتدمير علاقة لبنان مع المملكة العربية السعودية وسائر الأشقاء العرب. وعلمت «الحياة» من مصادر وزارية، أن سلام أُعلم باستقالة ريفي من خلال وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى «تيار المستقبل» ومعظم الوزراء الذين هم على علاقة وطيدة به. وقالت المصادر الوزارية إن ريفي بدأ يرسم لنفسه مسافة سياسية عن «المستقبل» الذي كان سماه وزيراً في الحكومة، وإن دعم الرئيس سعد الحريري لترشح زعيم «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية دفع به الى تمييز نفسه بقوله في أكثر من مناسبة إنه لا ينتمي إلى «المستقبل» على رغم قيامه بزيارتين إلى الرياض للقاء الحريري الذي لم ينجح في إقناعه بالأسباب الكامنة وراء دعم ترشيحه فرنجية. ولفتت المصادر نفسها إلى أن ريفي لم ينسق مع «المستقبل» عندما أعلن في مؤتمره الصحافي الجمعة الماضي نيته إحالة ملف سماحة على المحكمة الجنائية الدولية بذريعة تلكؤ القضاء العسكري عن محاكمته. وقالت إن عقده المؤتمر الجمعة الماضي تزامن مع زيارة الحريري إلى طرابلس وغيابه عن هذه المناسبة. وأُعلن بعد أقل من ساعتين على استقالة ريفي تولي وزيرة المهجرين أليس شبطيني مكان الوزير ريفي. وأعلن ريفي في بيان وزعه أمس، الأسباب التي تقف وراء إعلانه الاستقالة، وهي أن «العبث بالدولة ومؤسساتها وصل الى مستويات خطيرة، والتعطيل الذي فرضه «حزب الله» وحلفاؤه داخل الحكومة وخارجها، بدءاً من الفراغ الرئاسي وتعطيل المؤسسات الدستورية وضرب الحياة السياسية، مروراً بعرقلة إحالة ملف سماحة إلى المجلس العدلي في محاولة سافرة لإحكام السيطرة على القضاء عبر المحكمة العسكرية، وليس انتهاء بتدمير علاقات لبنان مع المملكة العربية السعودية وسائر الأشقاء العرب للمرة الأولى في التاريخ اللبناني الحديث، وكأنه لا يكفي اللبنانيين استمرار مهزلة ملف النفايات التي تزكم أنوف اللبنانيين وتضرب صحتهم، وهم رأوا أمام أعينهم عجزاً وتسابقاً معيباً على المغانم، فيما كان يفترض حسم هذه القضية منذ اليوم الأول رحمة بهذا البلد». وقال» «كوزير عاينت ما يعجز اللسان عن وصفه. واليوم وصلت الأمور جراء ممارسات دويلة «حزب الله» إلى حد لم يعد مقبولاً، والاستمرار في هذه الحكومة يصبح موافقة على هذا الانحراف، أو على الأقل عجزاً عن مواجهته، وفي الحالتين الأمر مرفوض بالنسبة إلي». ولفت إلى أن «حزب الله استعمل هذه الحكومة في سياق ترسيخ مشروع الدويلة، ويأتي في السياق ما فعله وزير الخارجية جبران باسيل في جامعة الدول العربية، ليعطي مثلا صارخاً عن ممارسات دويلة حزب الله، التي لا تقيم اعتباراً للبنان ومصلحته». وطالب ريفي الحكومة «بالحد الأدنى بتقديم اعتذار للمملكة العربية السعودية وقيادتها وشعبها، لا بل أدعوها إلى الاستقالة، قبل أن تتحول إلى أداة كاملة بيد «حزب الله». وأؤكد أننا سنبقى لبنانيين عرباً، وأن المملكة ستبقى البلد الصديق الذي وقف معنا في أحلك الظروف، وقيادتها ستبقى عنواناً للوفاء والشهامة العربية الأصيلة». وقال: «أردنا هذه الحكومة حكومة ربط نزاع، كي لا ندخل في الفراغ الكامل، فأرادوها مطية لتنفيذ مشروعهم المدمر. أردناها حكومة تمنع الانهيار الاقتصادي وتنقذ ما تبقى، فأمعنوا في تعطيلها، وحرموا الناس من الأمل بحد أدنى من إنعاش الوضع الاقتصادي، فتراجعت الخدمات الأساسية، في كل القطاعات الحيوية للمواطن. أردنا هذه الحكومة سداً أمام استباحة الدولة وسيادتها، فاستعملوها لتخريب علاقات لبنان، وضربوا عرض الحائط بسيادة الدولة وهيبتها». وأكد أنه لا يقبل أن يتحول «شاهد زور، ولن أكون غطاء لمن يحاولون السيطرة على الدولة والمؤسسات. لذلك أتقدم من اللبنانيين والرئيس تمام سلام باستقالتي، وأنا على عهد شهيد لبنان الرئيس رفيق الحريري وشهداء ثورة الأرز، باق في مواجهة الدويلة، والاستمرار معكم أيها اللبنانيون الشرفاء بمعركة إنقاذ لبنان، وأنا على ثقة بأن لبنان الدولة سينتصر بكم ولكم، مهما كثرت الصعاب». وتجمع حشد من الاهلي امام منزل ريفي يهتفون بحياته. وفي تصريحات وتغريدات على «تويتر»، أكد ريفي أن «لا خلاف مع الحريري نهائياً، ونسير وفق منهج «تيار المستقبل» وهو توجه استراتيجي واحد»، معتبراً «أننا أمام لحظة حاسمة لوحدة صف 14 آذار». كما قال: «إذا اعتقد «حزب الله» أنه انتصر فهو واهم، والاتصال مع «المستقبل» لم ينقطع رغم التباين في الأفكار». ... وجعجع يحييه و"لتتحمل الحكومة المسؤولية" حيّا رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع وزير العدل أشرف ريفي على موقفه لجهة اعلان استقالته من الحكومة. ورأى ان «ومن دون أي حسابات سياسية، في مكان ما، يجب على احدهم أن يأخذ موقفاً ولاسيما بعد ما آلت إليه الأمور في العلاقة مع المملكة العربية السعودية وموضوع محاكمة ميشال سماحة». وقال لمحطة «ام تي في»: «من خلال تركيبة الحكومة كان معلوماً إلى أين ستؤدي، وأتمنى أن تؤخذ هذه الاستقالة في الاعتبار، إذ ممنوع على أحد أن يضرب علاقة لبنان مع الدول الصديقة»، مؤكداً «اننا لا نتشاطر على أحد، فلو افترضنا ان الوزير جبران باسيل أخطأ، كان الأجدى بالحكومة ان تستدعيه وتطلب منه شرحاً، ولكنها لم تفعل لذا اليوم على الحكومة تحمُّل مسؤوليتها». وقال: «هناك عدد كبير من وزراء «14 آذار» داخل الحكومة وعليهم أن يطرحوا وجهات نظرهم من نقطة محاكمة سماحة والعلاقة مع السعودية».
مشاركة :