أكد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي أن «الحظ» وحده حال حتى الآن دون وقوع «كارثة» في محطة زابوريجيا للطاقة النووية في أوكرانيا، داعياً أعضاء مجلس الأمن إلى دعم لا لبس فيه لخمسة مبادئ تهدف إلى منع حصول حادث في كبرى المحطات النووية في أوروبا بسبب الحرب الروسية، التي دخلت شهرها الخامس عشر. وكان غروسي يطلع مجلس الأمن في نيويورك على استنتاجات مجلس محافظي الوكالة خلال اجتماعاتهم في مارس (آذار) الماضي في فيينا، فطالب موسكو وكييف بالتزام منع أي هجوم على المحطة التي تحتلها القوات الروسية حالياً وتقديم تعهدات أخرى «لتجنب خطر وقوع حادث كارثي». وقال: «نحن نرمي حجر النرد، وإذا استمر هذا الأمر، فسينفد حظنا في يوم ما»، مشيراً إلى أن النزاع في أوكرانيا يمثل المرة الأولى في التاريخ التي تخاض فيه حرب وسط مرافق برنامج رئيسي للطاقة النووية، ملاحظاً أن محطات نووية ومنشآت أخرى في البلاد تعرضت للقصف المباشر، وفقدت كل المحطات النووية الطاقة خارج الموقع في مرحلة ما. ولفت إلى أن الوكالة تحتفظ بوجودها في زابوريجيا منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، موضحاً أنه شجع طوال فترة النزاع على التقيد بسبع ركائز لا غنى عنها للسلامة والأمن النوويين، وتشمل الحفاظ على السلامة المادية للمنشآت وضمان تأمين إمدادات الطاقة خارج الموقع. وقال: «حان الوقت لأن نكون أكثر تحديداً فيما يتعلق بما هو مطلوب. يجب أن نمنع الانبعاث الخطير للمواد المشعة»، مضيفاً أن تجنب وقوع حادث نووي «ممكن إذا جرى التزام خمسة مبادئ» في محطة الطاقة النووية في زابوريجيا؛ حيث أدى القتال في سبع مناسبات، وآخرها الأسبوع الماضي، إلى تعطيل إمدادات الطاقة الحيوية «وهي آخر خط دفاع ضد حادث نووي». وإذ وصف الوضع في المحطة بأنه «لا يزال هشاً وخطيراً للغاية»، حذر من استمرار العمليات العسكرية التي «قد تزداد في المنطقة بشكل كبير في المستقبل القريب». وخاطب السفراء الحاضرين: «نحن محظوظون لأن أي حادث نووي لم يقع بعد»، مطالباً بـ«احترام رسمي» من أوكرانيا وروسيا لهذه المبادئ، وهي: حظر الهجمات من أو ضد المحطة وخاصة استهداف المفاعلات ومناطق تخزين الوقود المستهلك، وحظر تخزين الأسلحة الثقيلة التي يمكن استخدامها للهجوم أو وجود العسكريين، وضمان تأمين مصدر طاقة خارج الموقع دون انقطاع للمحطة، وحماية «جميع الهياكل والأنظمة والمكونات» الأساسية لتشغيل المحطة من الهجمات أو أعمال التخريب، إضافة إلى عدم اتخاذ أي إجراء لتقويض هذه المبادئ. ولم يلتزم المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا بدعم هذه المبادئ. وأفاد بأن بلاده «بذلت قصارى جهدها لمنع التهديدات التي تهدد سلامة مصنع زابوريجيا، خلافاً لما تفعله أوكرانيا و(داعموها الغربيون)». وقال إن «عمليات القصف التي نفذتها أوكرانيا لمحطة الطاقة غير مقبولة على الإطلاق»، مضيفاً أن مقترحات غروسي لضمان أمن المحطة «تتوافق مع الإجراءات التي كنا ننفذها بالفعل منذ فترة طويلة، وفقاً للقرارات المتخذة على المستوى الوطني». وأكد أنه «لم يتم تنفيذ أي هجوم على الإطلاق من أراضي المصنع. بالإضافة إلى ذلك، لم توضع أسلحة ثقيلة أو ذخائر هناك، ولا يوجد أفراد عسكريون يمكن استخدامهم لتنفيذ هجوم»، مصراً على ضرورة «الإدانة العلنية لأعمال أوكرانيا، التي دفعت العالم مراراً إلى حافة كارثة نووية». وذكّرت المندوبة البريطانية باربرا وودوارد بأن تقريراً للوكالة الدولية للطاقة الذرية في فبراير (شباط) الماضي أكد استمرار وجود القوات العسكرية الروسية والمعدات والألغام الأرضية. وقالت: «تُظهر الصور الجديدة أن القوات الروسية أقامت مواقع قتالية بأكياس الرمل على أسطح العديد من مباني المفاعلات الستة»، معتبرة أن «هذا يشير إلى أنهم دمجوا مباني المفاعلات الفعلية لأكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا في التخطيط الدفاعي التكتيكي». وكذلك فعلت نظيرتها الأميركية ليندا توماس غرينفيلد التي دعت أعضاء المجلس إلى دعم المبادئ الخمسة، لكنها اتهمت روسيا بـ«التجاهل الصارخ» لها. وقالت: «لجعل الأمور أسوأ، تشير التقارير الإخبارية الأخيرة إلى أن موسكو قطعت أجهزة استشعار مراقبة الإشعاع الحيوية في زابوريجيا، ما يعني أنه يتم الآن إرسال بيانات المصنع إلى المنظم النووي الروسي». واعتبرت أن «هذا تصعيد واضح لجهود روسيا لتقويض السيادة والسلطة الأوكرانية على مصنع زابوريجيا»، علما بأن «هذا يقوض قدرتنا على الثقة في مستوى الأمان النووي في المحطة». واتهم المندوب الأوكراني سيرغي كيسليتسيا روسيا بمواصلة «استخدام المفاعل النووي بنشاط لأغراض عسكرية»، مضيفاً أنها قامت بتلغيم محيطها، وهي مسؤولة عن القصف الذي ألحق «أضراراً جسيمة» بأجزاء من المحطة، مما يقوض سلامتها. وأكد أن 500 عسكري روسي موجودون في المصنع إلى جانب أسلحة ثقيلة وذخائر ومتفجرات، معتبراً أن خطر وقوع حادث خطير نتيجة هذه الأعمال غير المسؤولة والإجرامية يخيم علينا. وبعيد الجلسة، أعلن غروسي أنه يأمل بزيارة المحطة وكييف وربما موسكو قريباً، لكنه لم يحدد أطراً زمنية دقيقة.
مشاركة :