الموت يكتب حكاية الراوي «العوامي» الأخيرة

  • 2/22/2016
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

القطيف ـ حبيب محمود وضع الموت، صباح أمس، الحكاية الأخيرة في حياة الراوي المعروف السيد حسين العوامي، بعد مكابدة مع المرض، وتوقف قلبه عن الخفقان في ختام 107 سنوات عاشها العوامي حكّاءً وراويةَ للتراث المحلي في محافظة القطيف. ووارى الأهالي، في بلدة العوامية، الراحل في مقابر مسقط رأسه، بعد العصر، وسط حشد مشيعين تقاطروا على البلدة لوداع المعمّر الذي وُلد قبل دخول المنطقة الشرقية الحكم السعودي بستة أشهر. وعُرف العوامي، طيلة حياته، بمرجعية تاريخية وتراثية ولسانية في محافظة القطيف، وعومل مصدراً شفاهياً موثوقاً، يستند إلى فهم معرفيّ عميق، واستيعاب واعٍ لجوانب عريضة من المعرفة الفلكلورية والتاريخية في المحافظة. وعلى المستوى الاجتماعيّ؛ عُرف السيد بمعرفة الأنساب على نحو دقيق، مُبرزاً ذاكرةً نادرة، في المرويات والحكايا التي عاشها، أو نقلها عمّن سبقه من المصادر الشفاهية. والدقة ذاتها توفّرت في معرفته أحداث المنطقة، وتفصيلاتها، والفاعلين فيها، وتمتع بمقدرة بارعة على السرد الجدير بالمصدرية. وهو ما أهّله ليكون مرجعاً شفاهياً لباحثين ومعنيين أبقوا على تواصلهم معه حتى سنواتٍ متأخّرة من حياته. وطبقاً لمعلومات نجله، السيد زكي، فإن الراحل وُلد في شهر رجب عام 1330هـ، الموافق ليونيو 1912. وخاض تجربة العمل في الغوص في عشرينيات القرن الماضي. وبعد كساد سوق اللؤلؤ على إثر انتعاش اللؤلؤ الصناعي الياباني، اتجه إلى الزراعة، فترة من الزمن، ثم التحق بشركة أرامكو، ثم تفرغ للأعمال الحرة. كما شارك في الأعمال الاجتماعية، وكانت له يد في تأسيس جمعية العوامية الخيرية التي تُعدّ ثاني جمعية خيرية في الساحل الشرقي السعودي بعد جمعية سيهات. وفضلاً عن خبرته العملية؛ عُومِل من قبل الدوائر الشرعية كخبير معتمد لتحديد حدود الأملاك الزراعية في محافظة القطيف، ضمن إجراءات تسجيلها وتحديدها. كما عُدّ مرجعاً موثوقاً في تأصيل أنساب المجتمع، وسرد القصص المحلية ذات البعد التاريخي، بتفاصيلها الدقيقة شاهداً على بعضها، وراوياً عن آخرين عاصرهم. وبالطبع؛ فإنه كان، حتى نهاية حياته، من أهمّ المصادر اللسانية، استناداً إلى مخزونه الهائل من أسرار اللهجة المحلية. وعلى الرغم من أمّيته وعدم تلقّيه أيّ نوع من التعليم؛ فإنه تمتّع بفهم فطريّ واعٍ، وأسلوب تواصل فعّال مع الباحثين في مرويّاته وحكاياه، كما عُرف بذاكرته الحاضرة حتى بعد تقدّمه في السن. وهذا ما يجعل من وفاته خسارة وعاء معلوماتيّ تراثيٍّ شفاهي لا يمكن تعويضه.

مشاركة :