الخرطوم - دعا القائد الثاني لقوات الدعم السريع عبدالرحيم دقلو، من سمّاهم "شرفاء" الجيش السوداني إلى الخروج على قائده الفريق الأول عبدالفتاح البرهان والتنسيق مع قواته لتحقيق الاستقرار في البلاد في ظل إصرار القيادة الحالية على التصعيد من خلال تعليق مشاركتها في مفاوضات جدة، في حين أكدت واشنطن الخميس، أنها ما زالت مستعدة للقيام بوساطة بين المتحاربين في السودان شرط أن يكونوا "جديين" في مسألة الهدنة. وأكد دقلو، وهو يقف على إحدى المركبات العسكرية برفقة عدد من الأفراد التابعين له، أن "قائد القوات محمد حمدان دقلو (حميدتي) بخير وبكل أمن وأمان، ويتقدم الصفوف الأولى مع قواته وسنقبض عليك يا البرهان ونسلمك لحميدتي ". وأوضح في الفيديو المنشور على صفحة الدعم السريع على تويتر "حميدتي رجل فعل وليس قول"، وتابع "اطلع برا للميدان (في إشارة إلى البرهان) سنسلمك لحميدتي ولأبناء الشعب السوداني". ودعا القائد الثاني للدعم السريع من سمّاهم "شرفاء" الجيش "للخروج على البرهان وتشكيل قوة مشتركة لحماية الحدود". وأشار إلى أن "قوات الدعم السريع تحارب البرهان من أجل الديمقراطية والمدنية". وتابع "والله لن نقف مع الكيزان". ويأتي هذا الخطاب على وقع اشتباكات عنيفة متجددة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في عدة مناطق بالخرطوم، عقب تعليق البرهان مشاركته في المفاوضات بمدينة جدة السعودية، في خطوة تعكس إصراره على المضي قدما في التصعيد، لاسيما وأن الجولة الحالية من المحادثات ترمي إلى التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار. وتحدث شهود عيان عن اندلاع مواجهات في ساعة مبكرة من صباح اليوم الخميس في أنحاء مختلفة من منطقة العاصمة التي تضم الخرطوم ومدينتي بحري وأم درمان المجاورتين، وهي واحدة من أكبر المناطق الحضرية في أفريقيا. وقال سكان إنهم سمعوا دويا مكثفا لنيران المدفعية في شمال أم درمان وإطلاق نار متقطع في جنوب بحري. واستمرت الاشتباكات بالقرب من سوق في جنوب الخرطوم حيث لقي ما لا يقل عن 19 شخصا حتفهم وأصيب 106 آخرون الأربعاء وفقا لعضو في إحدى لجان الأحياء. ورجح أن يكون عدد القتلى والجرحى أعلى من العدد المذكور لأن العديد من الأشخاص تلقوا العلاج في المنازل أو دفنهم أقاربهم خشية الذهاب إلى المستشفيات. اتهمت قوات الدعم السريع، اليوم الخميس، "الجيش السوداني بتنفيذ قصف مدفعي في العاصمة الخرطوم، أدى لمقتل 18 شخصًا وإصابة أكثر من 100 آخرين". وأدانت قوات الدعم السريع، في بيان نشرته عبر صفحاتها على فيسبوك وتويتر ما وصفتها "الجريمة الوحشية التي ارتكبتها قوات الانقلابيين وفلول النظام البائد الإرهابية بحق المدنيين الأبرياء بمناطق مايو والأندلس والأزهري بالخرطوم التي تعرضت لقصف مدفعي عشوائي وهجوم بالطيران خلف 18 قتيلا وأكثر من 106 جريحا بحسب إحصائيات مستشفى بشائر". وأضاف البيان أن "القصف المدفعي العشوائي من منطقة المدرعات الشجرة تسبب في تدمير عدد كبير من المنازل تبعته موجات نزوح كبيرة للمواطنين من المنطقة"، مشيرًا أن "هذه الفظائع التي ارتكبتها قوات الانقلابيين ضد مواطني تلك المناطق، تمثل انتهاكا سافراً للقانون الدولي الإنساني". ودعت قوات الدعم السريع "المنظمات الإقليمية والدولية لإدانة هذه الممارسات البشعة بحق المواطنين العزل"، كما دعت "الشعب السوداني إلى التضامن والوحدة للمضي قدما لاستعادة حقوقه المشروعة في الحرية والعدالة والمساواة والديمقراطية". وقال مسؤول أميركي كبير إن انتهاكات وقف إطلاق النار في السودان دفعت واشنطن إلى أن "تشكك بصورة جدية" بصورة بجدية فيما إذا كان الطرفان مستعدين لاتخاذ الإجراءات اللازمة للوفاء بالالتزامات التي تعهدا بها، وسط تواصل الاشتباكات اليوم الخميس في العاصمة الخرطوم. وتراقب السعودية والولايات المتحدة تنفيذ اتفاق لوقف إطلاق النار من المفترض أن يظل ساريا حتى مساء السبت، وهو اتفاق عزز الآمال في إنهاء الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية. وهدّأ وقف إطلاق النار من حدة القتال وأتاح وصول مساعدات إنسانية محدودة لكن تتخلله اشتباكات وضربات جوية لم تتوقف تقريبا منذ اندلاع الصراع في 15 أبريل. ورصدت السعودية والولايات المتحدة انتهاكات جسيمة لوقف إطلاق النار من الجانبين. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية خلال زيارة لوزير الخارجية أنتوني بلينكن إلى أوسلو إن الولايات المتحدة والسعودية "مستعدتان لاستئناف تسهيل المحادثات المعلقة لإيجاد حل تفاوضي لهذا الصراع (...) عندما تظهر القوات بوضوح من خلال أفعالها أنها جدية في التزام وقف إطلاق النار". وقصف الجيش قوات الدعم السريع بالمدفعية الثقيلة في الخرطوم الأربعاء بعد انسحاب هذه القوات من المفاوضات التي تقودها الولايات المتحدة والسعودية للسماح بإيصال مساعدات إنسانية إلى السودان المهدد بمجاعة. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية إن هناك "انتهاكات خطيرة لوقف إطلاق النار من كلا الجانبين" في النزاع. وأضاف أن "هذه الانتهاكات دفعتنا بصفتنا مسهّل لهذه المحادثات، إلى التساؤل بجدية عما إذا كانت الأطراف مستعدة لاتخاذ الإجراءات اللازمة للوفاء بالالتزامات التي تعهدت بها نيابة عن الشعب السوداني". وفي أول رد فعل من الوسيط الأميركي على قرار الجيش السوداني تعليق مشاركته في مباحثات جدة، أعرب متحدث مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، جون كيربي عن أسفه لهذا القرار، وقال في إفادة صحافية نحن نريد أن نرى توقف القتال. ودعا القوات المسلحة السودانية إلى اغتنام فرصة السلام بشكل جاد. وأشار إلى أن هذا القرار يؤثر على ضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى العاصمة السودانية الخرطوم وغيرها من المناطق، لافتا إلى أن الناس هناك "بحاجة ماسة إلى الغذاء والماء والدواء". أضاف "نريدهم أن يأخذوا فرصة السلام على محمل الجد، ونحن جادون في هذا الأمر، وبالفعل نساعد في إجراء هذه المحادثات وتسهيلها". وكان الجيش السوداني أعلن مساء الأربعاء تعليق مشاركته في مباحثات جدة بسبب عدم التزام قوات الدعم السريع بتنفيذ بنود الاتفاق واستمرار الخروق. ويرى متابعون أن الجيش السوداني يعتقد أنه يملك الإمكانية لحسم الصراع عسكريا مع قوات الدعم السريع، وهو يراهن على ضعف الضغوط الدولية للمضي في مخططه. وتأتي خطوة الجيش السوداني بعد يومين من موافقة الطرفين على تمديد الهدنة بينهما لمدة خمسة أيام. وقال المتحدث باسم الجيش السوداني، العميد نبيل عبدالله إن هذه الخطوة تأتي احتجاجا على انتهاكات قوات الدعم السريع المتكررة لوقف إطلاق النار لأسباب إنسانية، بما في ذلك استمرار احتلالها للمستشفيات وغيرها من البنى التحتية المدنية في العاصمة الخرطوم. وأضاف عبدالله أن الجيش يرغب في التأكد من التنفيذ الكامل لشروط الهدنة قبل مناقشة المزيد من الخطوات، دون مزيد في تفاصيل. وردا على بيان الجيش، أعلنت قوات الدعم السريع "دعمها لمبادرة السعودية والولايات المتحدة دون قيد أو شرط". وتم حتى الآن الإعلان عن سبع اتفاقيات لوقف إطلاق النار، تم انتهاكها جميعا. وأعلنت نقابة أطباء السودان مقتل 17 شخصا وإصابة 106 آخرين أمس الأربعاء جراء قصف عنيف بمنطقة "مايو" (جنوب العاصمة الخرطوم).
مشاركة :