تحول السباق التمهيدي للانتخابات الرئاسية الأميركية في الحزب الجمهوري، إلى مواجهة مريرة بين المرشحين الذين يحتلان المرتبة الأولى والثانية في استطلاعات الرأي؛ وهما دونالد ترمب بـ49 في المائة من نوايا التصويت ورون ديسانتيس بـ19 في المائة. ورغم أن تصويت الجمهوريين ما زال يبعد أكثر من ستة أشهر، فإن ترمب وديسانتيس انخرطا في مواجهة حادّة تبيّنت ملامحها في فعاليات انتخابية في ولايتي أيوا ونيوهامبشر. اتهامات متبادلة ركّزت حملة ديسانتيس، حاكم ولاية فلوريدا، على تصويره مدافعا شرسا على القيم الجمهورية المحافظة، في قضايا تشمل الإجهاض والهجرة والإنفاق الحكومي والجريمة. ويحمّل المرشح، الذي يبلغ 44 عاما، ترمب مسؤولية تراجع «أجندة المحافظين»، خاصة خلال السنوات الأربع التي قضاها في البيت الأبيض. وفي مقابلة مع محطة إذاعية بنيوهامبشير، هاجم ديسانتيس الرئيس السابق لاستخدامه ألقابا غير لائقة لوصف منافسيه الجمهوريين، قائلا: «لا أعتقد أن هذا ما يريده الناخبون. وبصراحة، أعتقد أن سلوكه، الذي يمارسه منذ سنوات، هو أحد أسباب عدم وجوده في البيت الأبيض الآن». في المقابل، رد ترمب ومساعدوه على تلك الاتهامات، بالقول إن ديسانتيس سيحتاج إلى أكثر من 8 سنوات لإنجاز ما حققه الرئيس السابق (79 عاما)، مقللين من إنجازاته بصفته حاكما لفلوريدا. وقال ترمب في حديث انتخابي بولاية أيوا: «سيستغرق (تحقيق الأجندة المحافظة) مني ستة أشهر». ليرد عليه ديسانتيس متسائلا: «لماذا لم يفعل ذلك في سنواته الأربع الأولى؟». مخاوف جمهورية أثارت الهجمات المتبادلة بين المرشحين الجمهوريين الأبرز في السباق مخاوف كبار المسؤولين في الحزب. وحذرت رونا مكدانيل، رئيسة المؤتمر الوطني الجمهوري، علانية من أن «الاقتتال الداخلي» قد يعرض آفاق الحزب للخطر في عام 2024. فيما اعتبر استراتيجيو الحزب أن الهجمات التي تستهدف إنجازات الطرف الآخر تهدد مصداقية المرشحين وتشكك في وعودهم أمام الناخبين. وقال روب ستوتزمان، مستشار جمهوري في كاليفورنيا: «إنها مباراة ملاكمة من 15 جولة، وعندما يضرب الملاكمون بعضهم بعضا منذ البداية، فإنهم لا يهيئون أنفسهم لتحقيق التوازن في المباراة». وتابع: «ما زلنا على بعد ستة إلى ثمانية أسابيع من مرحلة المناظرات، التي يمكن للمرشحين ملاحقة بعضهم البعض خلالها. لكن إذا رفعنا حدة المواجهة منذ البداية، فمن الصعب خفض التصعيد». ورغم ذلك، لا يبدو أن ترمب وديسانتيس في طريقهما لخفض حدة الهجمات، بل يتعاملان كعدوين. استراتيجية جديدة حرص ديسانتيس، قبل أسابيع من إعلان ترشحه رسميا، على تفادي انتقاد ترمب والانخراط في الهجمات الشخصية، مقدما نفسه ثقلا موازنا ورصينا وموضوعيا للرئيس السابق. لكنه غيّر توجه حملته بعد تعرضه لموجة من الانتقادات المباشرة من خصمه الجمهوري. وبدا هذا التوجّه جليا في خطاب ديسانتيس في نيوهامبشير الذي كان مليئا بالهجمات المستترة على ترمب. فقال إن سياسات الأخير تحرّكت «يسارا» خلال فترة ولايته بالبيت الأبيض، وإنه لم يعد المرشح نفسه الذي خاض الانتخابات في عام 2016. كما ألقى باللوم على الرئيس السابق، دون أن يسميه، بسبب ضعف أداء الجمهوريين في الانتخابات النصفية، داعيا إلى «التخلص من ثقافة الخسارة هذه التي أصابت حزبنا في السنوات الأخيرة».
مشاركة :