اكتشف تلسكوب جيمس ويب الفضائي آثارا لبخار الماء في الغلاف الجوي لكوكب خارجي عملاق غازي شديد الحرارة يدور حول نجمه في أقل من يوم أرضي (لمدة 23 ساعة تقريبا). وراقب جيمس ويب، أقوى تلسكوب فضائي على الإطلاق تابع لناسا، باهتمام WASP-18 b، وهو عالم يبعد 400 سنة ضوئية عن الأرض. واكتشف العالم الغازي العملاق خارج النظام الشمسي عام 2008، وهو أكبر بعشر مرات من المشتري، أكبر كوكب في نظامنا الشمسي، وهذا ما يجعله مثيرا للاهتمام. والكوكب متطرف للغاية، حيث يدور حول النجم الشبيه بالشمس WASP-18 على مسافة متوسطة تبلغ 1.9 مليون ميل فقط (3.1 مليون كيلومتر). وللمقارنة، يدور الكوكب الأقرب إلى الشمس في المجموعة الشمسية، عطارد، حول الشمس على مسافة 39.4 مليون ميل (63.4 مليون كيلومتر). وقالت ناسا في بيان إنه بسبب هذا القرب من النجم المضيف، فإن درجات الحرارة في الغلاف الجوي لـ WASP-18 b مرتفعة للغاية لدرجة أن معظم جزيئات الماء تتفكك. وحقيقة أن جيمس ويب تمكن من حل بصمات الماء المتبقي هي شهادة على قدرات المراقبة التي يتمتع بها التلسكوب. وكتبت ناسا في البيان: "يُظهر طيف الغلاف الجوي للكوكب بوضوح العديد من ميزات المياه الصغيرة والمُقاسة بدقة، على الرغم من درجات الحرارة القصوى التي تصل إلى ما يقارب 5000 درجة فهرنهايت (2700 درجة مئوية). إنه ساخن جدا لدرجة أنه قد يؤدي إلى تمزيق معظم جزيئات الماء عن بعضها، لذا فإن رؤية وجوده يشير إلى حساسية جيمس ويب غير العادية لاكتشاف المياه المتبقية". وتمت دراسة WASP-18 b بواسطة تلسكوبات أخرى، بما في ذلك تلسكوب هابل الفضائي، وتلسكوب شاندرا، وصائد الكواكب الخارجية TESS وغيرها. ومع ذلك، لم يكن أي من هذه التلسكوبات الفضائية حساسا بما يكفي لرؤية بصمات الماء في الغلاف الجوي للكوكب. وقال أنجالي بييت، زميل ما بعد الدكتوراه في معهد كارنيجي للعلوم وأحد مؤلفي البحث الجديد، في البيان: "نظرا لأن سمات المياه في هذا الطيف دقيقة للغاية، كان من الصعب تحديدها في الملاحظات السابقة. وهذا جعل من المثير حقا أن نرى أخيرا ميزات المياه مع ملاحظات جيمس ويب هذه". بالإضافة إلى كونه ضخما وساخنا وقريبا من نجمه الأم، فإن WASP-18 b مغلق بشكل مدّي (tidally locked)، ما يعني أن الجانب نفسه من الكوكب يواجه نجمه باستمرار، تماما مثل الجانب القريب من القمر الذي يواجه الأرض دائما. ونتيجة للانغلاق بشكل مدّي، توجد اختلافات كبيرة في درجات الحرارة عبر سطح الكوكب. ومكنت قياسات جيمس ويب، لأول مرة، العلماء من تحديد هذه الاختلافات بالتفصيل. ووجدت القياسات أن الأجزاء الأكثر إضاءة على الكوكب يمكن أن تصل إلى 2000 درجة فهرنهايت (1100 درجة مئوية) أكثر سخونة من تلك الموجودة في منطقة الغسق. ولم يتوقع العلماء مثل هذه الاختلافات الكبيرة في درجات الحرارة ويعتقدون الآن أنه لا بد من وجود آلية غير مفهومة بعد تمنع توزيع الحرارة حول الكوكب. وقال المؤلف المشارك رايان تشالنر من جامعة ميشيغان في البيان: "تُظهر خريطة السطوع الخاصة بـ WASP-18 b عدم وجود رياح شرقية-غربية تتناسب بشكل أفضل مع النماذج ذات السحب الجوي. وأحد التفسيرات المحتملة هو أن هذا الكوكب لديه مجال مغناطيسي قوي، وهو ما سيكون اكتشافا مثيرا". ولإنشاء خريطة درجة الحرارة، قام العلماء بحساب توهج الأشعة تحت الحمراء للكوكب عن طريق قياس الاختلاف في توهج النجم الأم أثناء مرور الكوكب أمام قرص النجم ثم اختفى خلفه. وأشارت ميغان مانسفيلد، من جامعة أريزونا المشاركة في الدراسة: "يمنحنا جيمس ويب الحساسية لعمل خرائط أكثر تفصيلا للكواكب العملاقة الساخنة مثل WASP-18 b أكثر من أي وقت مضى. وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها رسم خريطة لكوكب باستخدام جيمس ويب، ومن المثير حقا رؤية بعض ما تنبأت به نماذجنا، مثل الانخفاض الحاد في درجة الحرارة بعيدا عن النقطة الموجودة على الكوكب المواجه للنجم مباشرة، والتي يمكن رؤيتها بالفعل في البيانات". نُشرت الدراسة الجديدة في 31 مايو في مجلة Nature. المصدر: سبيس تابعوا RT على
مشاركة :